جار التحميل...
هذه الأرقام الخيالية ربما تذكرنا بمقولة عالم هندسة الروبوتات دانيال إتش ويلسون، حين قال: "أنا شخصياً لا أخشى انتفاضة الروبوتات، لأن الفوائد تفوق التهديدات بكثير" وبالحديث عن الفوائد فهذه أبرز استخدامات الروبوتات في مجالات الحياة المختلفة.
دخلت الروبوتات إلى عالم الطب، وأصبح لها دورها المهم في مساعدة الطاقم الطبي في مراحل علاج المرضى المختلفة وجعلهم يحصلون على مستوى حياة أعلى جودة؛ وذلك باستخدامها في المهام الروتينية والعمليات الجراحية وغيرها.
فقد أصبح من الممكن عمل الفحوصات الطبية بدقة عالية، فعلى سبيل المثال زودت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية (EHS) المنشآت الصحية التابعة لها بروبوت لسحب الدم، حيث تعد المؤسسة الأولى التي تستخدم هذا الروبوت على المستوى الإقليمي، ومن أهم ما أضافه هذا الروبوت إلى القطاع الصحي توفير 80% من وقت الطاقم الطبي و50% من وقت انتظار المرضى للحصول على خدمة سحب الدم.
وقد ساهمت الروبوتات أيضاً في إجراء العمليات الموجهة بالصور؛ أي بوجود ذراع آلية متصلة بمنظار، سواء كان في جراحة العظام، أو استبدال صمامات القلب، أو حتى لعلاج سرطان البروستاتا، أو استئصال الكبد، حيث يشرف الطبيب على العملية الجراحية بمساعدة الروبوت لتكون العملية أدق والألم أقل وشفاء المريض أسرع.
ومن أشهر الروبوتات الجراحين هو الروبوت دافنشي، والذي تمّ تبنيه من قبل مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية (EHS) للعمل في قسم القسطرة القلبية وقسم جراحة المسالك البولية وحتى قسم الولادة وأمراض النساء والجراحة العامة.
كما توجد الآن روبوتات لمراقبة المرضى مثل الروبوت بارو، حيث يراقب المرضى عن بُعد وهم في أسرتهم للسيطرة على الوضع بصورة مستمرة لمساعدة الممرضين حين يكونون في مهام أخرى، بل وإعطاء المرضى النصائح الخاصة بهم كجزء من الرعاية الصحية.
هذا إضافة إلى الروبوتات التي تسهل الأعمال الصيدلانية، فبعض أنواع الروبوتات تسرّع عملية قراءة الباركود الموجود على علب الأدوية، ليتعرف عليها الصيدلاني بشكل أسرع ويخدم المرضى بجودة أعلى.
بالفعل دخلت الروبوتات إلى قطاع الصناعة، وبدأت ترفع من مستوى جودته، فهناك ثلاث مزايا أضافتها الروبوتات إلى قطاع الصناعة؛ أولها تسريع العمليات الصناعية مقارنة بالأيدي العاملة البشرية، وثانيها رفع مستوى الكفاءة لدقة الروبوتات في أداء الأعمال، وثالثها تعزيز الأمن والسلامة في العمليات الصناعية الخطيرة التي قد تلحق الضرر بالعمال مثل أنواع اللحام التي تحتاج درجات حرارة عالية، أو بعض الأبخرة التي قد يكون استنشاقها ضاراً.
إضافة إلى الحفاظ على السلامة العامة في قطاع الصناعة تقوم الروبوتات ببعض المهام الشاقة مثل عمليات تجميع المنتجات وتغليفها وتعبئتها، ونقل المواد والمحافظة على أمن المستودعات، وتعبئة الآلات بالمواد الخام والإشراف عليها أثناء عملية التصنيع، مثل روبوت سكارا (SCARA)، ومن أشهر الروبوتات الصناعية الأخرى روبوت فانوك (Fanuc) وكوكا (KUKA) وياسكاوا (Yaskawa) وغيرها الكثير.
لا يمكن بالطبع استبدال المزارعين بشكل كامل بالروبوتات، ولكن يمكن الاستفادة منها بالمساعدة في الأعمال الزراعية وتخفيف المهام الشاقة، فهي في الأساس أدوات يمكن أن تقدم المساعدة في مواجهة العديد من المشكلات في مختلف القطاعات، من بينها الزراعة.
ومن أكثر المهام الشاقة التي تحتاج الكثير من الوقت والتي يمكن للروبوتات إنجازها بدلاً من المزارع؛ بذر الحبوب في الأرض، ومكافحة الأعشاب الضارة، إضافة إلى الحصاد، ومن أشهر الروبوتات التي تعمل على الطاقة الشمسية لمراقبة الأعشاب الضارة ورشها ضمن نظام كاميرا معقد هو روبوت شركة إيكوروبوتيكس الشهير (روبوت AVO).
إن الأمن وحماية الجنود والبلاد هو أفضل ما قد تقدمه الروبوتات في المجال العسكري، حيث يمكن نشر مجموعة منها للمحافظة على أمن الجنود وحراستهم أو حراسة المعدات الحربية أو المروحيات وغيرها، مثل وروبوت أفاتار الثالث (AVATAR III ).
هذا إضافة إلى الروبوتات التي يمكنها نزع فتيل القنابل، وبالطبع لن ننسى فكرة الطائرات بدون طيار، والتي تعد من أشهر أشكال هندسة الروبوتات استخداماً في هذا المجال.
بالتأكيد إنّ إرسال رواد الفضاء في الكثير من المهمات يعدّ خطيراً؛ حيث يتم إرسالهم نحو المجهول أو أماكن عالية الخطورة، فعلى سبيل المثال لن يستطيع الفضائيون البشر البقاء على سطح المريخ يوماً كاملاً لجمع عينات من تربته، أو لإصلاح المركبة الفضائية من الخارج، لكن الروبوتات يمكنها فعل ذلك.
فهذه الأسباب وغيرها هي ما تجعل وكالة ناسا تستخدم الروبوتات في استكشاف الفضاء، ومن أشهر هذه الروبوتات هو روبوت مارس روفر (Mars Rover) الذي يسافر وحده إلى المريخ ليلتقط صوراً للتكوينات الصخرية الموجودة هناك، ويرسلها إلى علماء الفضاء لتحليلها.
وأما عن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال فقد أنشأ فريق مشروع الإمارات لاستكشاف القمر في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي الروبوت الإماراتي الذي يحمل اسم "المستكشف راشد" عام 2022؛ للمساعدة على اكتشاف القمر، حيث يجوب سطح القمر في مناطق لم تدرس سابقاً، فهو مزود بتقنيات وأنظمة متطورة لتحليل خصائص القمر، كما يلتقط الصور والبيانات ويرسلها إلى قسم التحكم في المركز.
ليس الفضاء فقط له حصته من الروبوتات، بل استكشاف أعماق المحيطات البعيدة كان له نصيب منها، فبينما لا يمكن المخاطرة بإرسال الإنسان إلى هذه الأماكن الخطرة تحت الماء، استطاعت الروبوتات التي يمكن التحكم بها عن بعد أن تؤدي دورها على أكمل وجه في استكشاف هذه الأماكن، إضافة إلى جمع الصور للحياة النباتية والحيوانية هناك.
ومن أشهر الأمثلة على هذا النوع من الروبوتات هو سكارليت نايت (Scarlet Knight) الذي قام برحلة لمدة أشهر عبر المحيط الأطلسي في عام 2009، والسمكة الروبوتية صوفي (SoFi) التي تدرس الحياة في المحيطات.
حتى في أدق تفاصيل الحياة يمكن أن تدخل الروبوتات وتتألق في أدوراها الخدمية، مثل التنظيف والطهي وحتى نقل الأشياء من مكان إلى آخر، فعلى سبيل المثال يمكن الحصول على روبوتات رخيصة الثمن في الأسواق تعمل على تنظيف الأرضيات والنوافذ، وحتى استخدام المواد الخطرة في التنظيف، إذ تعمل على مدار الساعة دون كلل أو ملل، وهو ما جعل بعض الشركات تبدأ باستخدامها في التنظيف، وهذا ما أكده بالفعل المهندس والمخترع البريطاني جيمس دايسون حين قال: "إذا كانت الروبوتات ستقوم بتنظيف منازلنا، عليها أن تفعل ذلك بشكل أفضل من الإنسان".
أما بالحديث عن الطعام، فيمكن الحصول على تجربة فريدة عند اختيار وصفة ما، ثم وضع جميع المكونات التي تحتاجها هذه الوصفة، وترك الروبوتات تقوم بتحضير الطعام، وفي هذا المجال تأتي شركة (Moley Robotics) كمثال حيّ على الشركات التي قامت بإعداد مطبخ آلي يكون الطاهي الرئيسي فيه روبوت.
وبالحديث عن المهام اليومية، لا بدّ من التطرق إلى الروبوت الموجود في مكتبة محمد بن راشد في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يساعد على جلب الكتب واسترجاعها من بين أكثر من مليون كتاب موجود في المكتبة، وذلك باستخدام تقنيات تكنولوجية حديثة.
إن الذهاب والتحدث مع روبوت لم يعد حلماً، فهناك روبوتات تعمل لخدمة العملاء في أماكن كثيرة من العالم، ومن أشهرها روبوت نادين الموجود في سنغافورة، إذا تتواصل مع الناس بصرياً وتصافحهم، بل وتتذكرهم في حال استقبلتهم في المكان نفسه من قبل، فقد استطاعت نادين أن تتفاعل وتتواصل مع 100,000 زائر خلال معرض في متحف العلوم والفنون الموجود في سنغافورة، كما أنها عملت كوكيل خدمة عملاء لمدة عامين في شركة AIA للتأمين في سنغافورة، وغيرها من المهام.
والروبوتات مجال واسع جداً سواء على المستوى العالمي أو المحلي، فهناك الكثير من الأمثلة الموجودة في دولة الإمارات التي تعد رائدة في هذا المجال، وتعمل بجدّ على تطوير التكنولوجيا، ومن الخطوات المميزة إطلاق سموّ الشيخ حمدان بن محمد حفظه الله ورعاه برنامج دبي للروبوتات والأتمتة، بهدف تبني ودعم وتطوير تكنولوجيا الروبوتات، إضافة إلى العمل على تمكين المواهب الوطنية.
وقد قال سموه بهذا الخصوص: "أطلقنا برنامج دبي للروبوتات والأتمتة بهدف زيادة مساهمة هذا القطاع إلى 9% من الناتج المحلي خلال 10 سنوات.. ونريد أن تصبح دبي ضمن أفضل 10 مدن عالمية لتكنولوجيا الروبوتات والأتمتة من خلال تبني وتطوير تكنولوجيا الروبوتات وتمكين المواهب الوطنية وابتكار حلول ومنتجات وخدمات جديدة".
المراجع
[1] blog.graduateadmissions.wvu.edu, Here's How 6 Industries are Using Robotics Engineering to Save Lives