مفهوم الأتمتة وتطبيقاتها

فما المقصود بالأتمتة؟ وما هي أبرز تطبيقاتها؟ وكيف ساهمت في تسهيل الأعمال المختلفة؟

ما المقصود بالأتمتة؟

أصبح مفهوم الأتمتة أو التشغيل الآلي "Automation" شائعاً في الوقت الحاليّ، وهو يُطَبَّق في عدد كبير من المجالات الحياتية؛ كالصناعة، والتجارة، وغيرها، ويمكن تعريفه باختصار بأنَّه محاولة الحَدّ قدر الإمكان من الحاجة إلى التدخُّل البشري بالطرق التقليدية في المجالات المختلفة لأداء مهمات أو عمليات مُعيَّنة، والعمل بواسطة التكنولوجيا والتقنيات المتنوِّعة بدلاً منه؛ من خلال أجهزة وآلات مُصمَّمة لذلك ضمن خطوات وتعليمات مُحدَّدة تلقائياً.

ويتفاوت مستوى تطبيق الأتمتة بصورة كبيرة بين سهل بسيط وصعب مُعقَّد، وهي عمليَّة تتطلَّب تكاليف أوّلية باهظة، ومع ذلك، فإنّ النتائج على المدى البعيد تستحقّ العناء؛ فمن خلال الأتمتة يمكن تحقيق العديد من الأمور الإيجابية؛ كإنجاز المهامّ بصورة أسهل وبنسبة أخطاء أقلّ، ممّا يزيد مستوى الإنتاجية، ويُقلّل ضرورة إعادة تنفيذ بعض الخطوات للحصول على النتائج المرغوبة، وهذا بدوره يُخفِّف تكاليف العمل، خصوصاً مع تقليل الحاجة إلى الأيدي العاملة.

تطبيقات الأتمتة: دخلت جميع المجالات تقريباً

دخلت الأتمتة في مجالات حياتية مُتنوّعة، ومن أمثلة ذلك ما يأتي:  

الأتمتة في الصناعة: عمل المصانع بات أكثر سهولة

أصبحت الأتمتة جزءاً أساسياً في الصناعة حالياً؛ فقد دفعت الرغبة في زيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف الكثيرين للتوجُّه إلى الاعتماد على الآلات، ومن الأمثلة على ذلك اعتماد الأتمتة في مصانع السيّارات بدءاً من تصميمها، وانتهاءً بتجميع القِطَع الثقيلة وتركيبها دون التعرُّض للأخطار المُتوقَّعة إن كان العمل المُنجَز يدويّاً؛ إمّا باستخدام الروبوتات، أو باستخدام أجهزة مُبرمَجة لأداء مهمة مُعيَّنة؛ كاستخدام أجهزة ذكية خاصّة لقياس أداء المُحرِّك وتحليله؛ بهدف الكشف عن أيّ عيوب.

بالإضافة إلى أنّ الأتمتة تُسهِّل بعض الصناعات الدقيقة بالِغة الصِّغَر؛ كصناعة الرقائق المعدنية في الأجهزة الإلكترونية المختلفة، كما أنّ إمكانية إجراء التعديلات المطلوبة والصيانة اللازمة أصبحت أكثر مرونة وبعيدة عن التعرُّض للخطر.

الأتمتة في التجارة: أوجدت لنفسها مكاناً

يمكن من خلال الأتمتة إنجاز المهام في الأعمال التجارية في وقت أقصر ودون جهد يُذكَر، ومن أبرز الأمثلة على تلك المهامّ: مراجعة الفواتير والمدفوعات، أو التحقُّق من البيانات المُدخَلة؛ من خلال برامج وأدوات خاصّة، والتي قد تختلف باختلاف طبيعة العمل التجاري، والمَهمّة المُراد إنجازها.

كما أصبح بالإمكان التنبُّؤ بالمخاطر واتِّخاذ القرار اللازم في العديد من الأمور الأساسية في عالَم التجارة؛ باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي غَزَت العالَم؛ فمثلاً يمكن من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي التنبُّؤ باتِّجاهات الأسهُم في السوق المحلّية، أو تحليل أداء المُستهلِكِين على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديد المُنتَجات المرغوبة لديهم، وإجراء الحملات التسويقية بناءً على هذه البيانات.

الأتمتة في البناء: وداعاً للأعمال الشاقة

تكمن مشكلة البناء في الأعمال الشاقَّة والخَطِرة اللازمة لإتمام المشروع، لذا يسعى العالَم حاليّاً إلى التوجُّه نحو أتمتة البناء أيضاً، ممّا يزيد سرعة إنجاز العمل، ويُقلِّل الأخطاء أيضاً، إضافةً إلى توفير فرص عمل جديدة تتناسب مع عمليات التصميم والتنفيذ داخل موقع العمل وخارجه.

وتجري عمليات البناء من خلال الأتمتة غالباً بتصميم المُنشَأة أوّلاً؛ باستخدام برمجيّات مُتخصِّصة، ويتبع ذلك تصنيع أجزاء المباني أو البنى التحتية المطلوبة؛ باستخدام الروبوتات، ليصبح بالإمكان تجميع هذه الأجزاء لاحقاً بطريقة آلية أيضاً، وبذلك يمكن القول وداعاً للأعمال الشاقّة بالفعل، كما تتضمَّن الأتمتة في البناء توفُّر أجهزة استشعار، وأنظمة تحكُّم ومراقبة؛ كالطائرات دون طيّار، والتي تُستخدَم لمسح المواقع، ومراقبة تقدُّم العمل، وتوفير بيانات دقيقة للمشاريع الكبيرة والمُعقَّدة.

الأتمتة في الصحة: ثورة كبيرة

أحدثت الأتمتة ثورة كبيرة في عالَم الصحّة؛ فمن خلالها أصبح بالإمكان إنجاز عمليات دقيقة للغاية لم يكن من السهل إنجازها من قبل، إضافةً إلى التخلُّص من حِمل كبير من الإجراءات الروتينية التي كانت تقع على عاتق الأطباء؛ إذ أصبح بالإمكان إعطاء هذه المهمة للروبوتات، ممّا يزيد فرصة تركيز الطبيب المُختَصّ على أمور أكثر أهمّية في العمل، كما أنّها ساهمت في رفع كفاءة التشخيص، وتحسين جودة الرعاية الصحية بما يتناسب مع الحالة المَرَضِيّة.

وقد تمثَّلت الأتمتة في القطاع الصحّي بإدخال الروبوتات إلى المختبرات الطبية؛ فأصبح بإمكانها سَحب عَيّنات الدم وحفظها بالطريقة الطبية المُعتمَدة، ومن جهة أخرى، تؤدّي الروبوتات في المُستَشفيات أدواراً حاسِمة أيضاً؛ إذ يُمكنها مراقبة العلامات الحيوية للمرضى، وتعقيم المُعدّات الطبّية، وغير ذلك الكثير. 

الأتمتة في المنازل: أصبح المنزل ذكياً

شاع استخدام مصطلح المنزل الذكيّ حاليّاً بين الأفراد، وهو يمثِّل منزلاً يمكن التحكُّم فيه عن بُعد من خلال تقنيات مُتقدّمة، ممّا يعني تحقيق راحة أكبر وأمان أكثر؛ فمن خلال الهاتف المحمول، أصبح بالإمكان التحكُّم في تشغيل أيّ جهاز وإغلاقه؛ كالمُكيِّف، وأجهزة المراقبة، دون الحاجة إلى الطرق اليدوية القديمة التي تعتمد على الأزرار.

فعلى سبيل المثال، يمكن بعد الخروج من المنزل إيقاف تشغيل المكواة التي كانت قَيد التشغيل من خلال الهاتف، أو جَدوَلة تشغيل الأضواء الخارجية وإطفائها في أوقات مُحدَّدة، أو تشغيل مُكيِّف الهواء قبل دقائق من الوصول إلى المنزل، أو ضبط ماكينة صنع القهوة لبدء التحضير بمُجرَّد رنين المُنبِّه.

الأتمتة في التعليم: توفير للوقت والجهد

يتطلَّب التعليم أداء المُعلِّم لمجموعة كبيرة من المهامّ الأخرى التي تستغرق وقتاً وجهداً كبيرَين، لذا كان لا بُدّ من التفكير في أتمتة التعليم في سبيل تفرُّغ المُعلِّم لإعطاء الدروس وتركيز جلّ اهتمامه على إيصال المعلومة إلى الطالب، وبذلك يُصبح المعلّم أكثر راحة، كما يصبح الطالب أكثر رضا عن العملية التعليمية.

وتُوفِّر المنظومات التعليمية حاليّاً قاعدة بيانات يمكن من خلالها إجراء العديد من الاختبارات، إلى جانب تحليل درجات الطلاب وتكليفهم بالواجبات المنزلية، إضافةً إلى التركيز على تتبُّع حضور الطلاب، وكل ما سبق يجري تطبيقه بسهولة بعد إخضاع كلٍّ من المعلّم والطالب لدورات تدريبية تُؤهِّلهم لمعرفة كيفية التعامل مع هذه المنظومات التعليمية.

المراجع