جار التحميل...
ما المقصود بالعولمة؟
عند تَخيّل وجود قريٍة صغيرة يُمكن لسكانها أن يتجولوا فيها كما يحلو لهم، ويتسوقون من أيّ مكان، ويتحدثون ويتواصلون مع من يريدون بسهولةٍ ودون حدود، هذا ما يُمثله مفهوم العولمة، ولكن على نطاقٍ أوسع بالتأكيد! إذ يشمل العالم بأسره، فهي ظاهرة ازدادت بشكل واسع في السنوات الأخيرة، إذ استُخدمت لوصف الترابط المُذهل والمتزايد بين اقتصادات العالم وثقافاته وسكانه، فعند القول أنّه تمّت (عولمة) شيئاً ما فهذا يعني اتخاذه طابعاً وامتداداً عالمياً، حيث تجاوز الحدود الجغرافية وأصبح أكثر اتصالاً مع العالم.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي؛ المؤسسة المسؤولة عن تعزيز الاستقرار والتعاون المالي على مستوى العالم، فإن مفهوم العولمة يشير إلى: "تحقيق التكامل الاقتصادي في جميع أنحاء العالم، خاصًة من خلال تسهيل حركة السلع والخدمات ورؤوس الأموال عبر الحدود، كما يشمل أيضاً تسهيل انتقال المعلومات والتكنولوجيا وحتى الأشخاص أنفسهم في كافّة أرجاء العالم"، حيث تشمل العولمة عِدة أنواع؛ بما في ذلك العولمة الاقتصادية، والثقافية، والسياسية.
مظاهر العولمة: نحو عالمٍ مترابطٍ ومتداخل
التكنولوجيا والاتصالات: إمكانية التواصل مع الجميع في أيّ وقت وفي أيّ مكان
نعم! هذا ما أتاحته العولمة من خلال التقنيات الحديثة للاتصال، بما في ذلك الشبكات اللاسلكية المتطورة، وتقنيات 5G أو 4G، وبرامج ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل، حيث أصبح بالإمكان التواصل مع أيّ شخصٍ من مختلف أرجاء العالم في غضون دقائق معدودة فقط!
التجارة العالمية: تكامل اقتصادي لا محدود
يقول فورست راينهارت الأستاذ في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد: "إننا نعيش في عصر العولمة.. مما يعني أنّ الاقتصادات الوطنية أصبحت مرتبطة ببعضها البعض بشكلٍ أقوى من أي وقتٍ مضى!"... وذلك ببساطة من خلال توزيع الموارد، وإدارة عمليات التصنيع الاقتصادية بشكلٍ أكثر كفاءة بين البلدان، على سبيل المثال يُمكن شراء قميص صُنع بالأصل من قطنٍ مصريّ في مصنعٍ تايلانديّ مصدّراً إلى أسواق الولايات المتحدة على متن طائرة فرنسية!
الاستثمارات العالمية: الشركات متعددة الجنسيات أفضل مثال
أتاحت العولمة للشركات المختلفة الاستثمار وتحقيق الأرباح بسهولةٍ وفعالية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك شركة أمازون المستثمرة في مجال التجارة الإلكترونية، إذ تمكنت من الوصول إلى المستهلكين في خمس قارات بأكثر من 20 دولة حول العالم، كما وفرّت فرص عمل للعديد من الأشخاص في معظم تلك البلدان.
التعاون السياسي والقانوني: منظمات عالمية تعمل على أهدافٍ واحدة
لا شك بأنّ معظمنا سمع من قبل عن منظمة التجارة العالمية، أو صندوق النقد الدولي، أو البنك الدولي، وغيرها الكثير من المنظمات التي كرّست جهودها لتحقيق المزيد من التعاون والتنسيق بين الدول المختلفة، على سبيل المثال يمكن تَذَكُّر الدور الذي قامت به منظمة الصحة العالمية في مكافحة جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) عام 2020م، وما قدمته من توجيهٍ ودعم للبلدان حول العالم لضمان عدم تفشي هذا الوباء.
ليس ذلك فحسب، بل هناك العديد من المنظمات الدولية أيضاً التي تكرّس جهودها لتحقيق التعاون القانوني على مستوى العالم في مختلف المجالات؛ مثل مفوضيّة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
التعاون البيئي: يُمثل فكرة أنّ كوكب الأرض كيانٌ عالمي واحد
اتفقت معظم دول العالم على أنّ حماية البيئة واجب مشترك، وأنّ عليها القيام بكل ما بوسعها لتحقيق ذلك، فتجدها تتبنى حملاتٍ مشتركة لمناقشة قضايا تغيّر المناخ وكيفية السيطرة عليه، وكذلك قضايا الاحتباس الحراري والتلوث البيئي، والبحث عن حلولٍ فعّالة لتحقيق الاستدامة البيئية.
التبادل الثقافي: انتشار أعراف وثقافات الشعوب عالمياً
قد يتبنى بعض الأشخاص من مختلف أنحاء العالم ثقافةً معينةً تابعةً لدولٍ وشعوبٍ أخرى، سواءً بطريقة اللباس أو الطعام وما إلى ذلك، والسبب هو ما وفرته العولمة من انفتاحٍ على قِيم الشعوب المختلفة وأعرافها وثقافاتها، وذلك من خلال وسائل الإعلام العالمية، والتسهيلات السياحية، والهجرة المشروعة.
على سبيل المثال، أصبح متوفراً في معظم الدول حول العالم مطاعم عالمية تقدم وجبات طعام خاصّة بثقافات وتقاليد شعوبٍ أخرى، كما أصبح بالإمكان ارتداء أنواع مختلفة من الملابس التابعة لموضة وتقاليد بلدانٍ أخرى، وغير ذلك الكثير.
آثار العولمة: ما بين الإيجابيات والسلبيات
على الرغم من أنّ العولمة ومظاهرها باتت مندمجة في مختلف جوانب الحياة، إلّا أنّ لها بعض الآثار، منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبيّ، حيث تجعل المجتمعات أكثر إبداعاً وازدهاراً، ولكنها تجعلها أيضاً أكثر عُرضة للخطر، كيف ذلك؟ إليك الإجابة:
الآثار الإيجابية
وفقاً لبحثٍ تابع للبنك الدولي عام 2023م، أظهرت الدول النامية تحسناً ملحوظاً في مستويات المعيشة؛ وذلك بسبب تأثير العولمة والفرص التي أتاحتها، إذ انخفضت نسبة الفقر الشديد في هذه الدول بنسبة تصل إلى 35% منذ عام 1990م، مما أدى إلى تحسين جودة الحياة للسكان بشكلٍ عام.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت العولمة في تحسين العلاقات الدولية وتقليل احتمالية نشوب النزاعات بين الدول، حيث أصبح لديها مصالح واتفاقيات مشتركة تعزز التعاون فيما بينها، كما أدت العولمة إلى توفير السلع والخدمات لعدد أكبر من الناس، وزيادة المنافسة بين الشركات المُصنِّعة، مما أدى إلى تحسين الخدمات وتقديمها بأسعارٍ أكثر تنافسية.
أيضاً، زادت العولمة من الوعي الثقافي بقيم وثقافات الشعوب الأخرى، مما قوّى العلاقات فيما بينهم وخفف من الكراهية والعنصرية، كما ساهمت في انتشار العلم والمعرفة بشكلٍ أسرع وأوسع بفضل التقدّم التكنولوجي وسهولة الاتصال، مما أدى إلى زيادة الوعي والتعليم في مختلف أنحاء العالم.
الآثار السلبية
من الآثار السلبية البارزة للعولمة احتكار السوق في الدول النامية، حيث تقوم بعض الشركات الكبرى بتوسيع أعمالها من البلدان المُتقدمة إلى البلدان النامية والسيطرة على السوق فيها والتأثير سلباً على التجّار المحليين هناك، بالإضافة إلى فقدان الهوية الثقافية بسبب التأثّر الكبير بالثقافات الأخرى، على سبيل المثال تبنّي البعض للثقافة الغربية على حساب تقاليدهم وثقافتهم المحلية.
ومن آثارها السلبية أيضاً استغلال العمالة الأجنبية، إذ لا تلتزم بعض الشركات الكبرى بحقوق العاملين في فروعها بالدول النامية، فيستغلون حاجة الأفراد هناك للعمل من خلال إعطائهم أجور عمل منخفضة، وعدم توفير بيئة عمل آمنة لهم، وأخيراً عدم استقرار الاقتصاد العالمي، ففي حال حدوث أزمة مالية واسعة النطاق سيؤثر ذلك سلباً على اقتصاد البلدان المُتقدمة والنامية على حدٍّ سواء لوجود الكثير من العلاقات والاستثمارات المشتركة فيما بينهم بسبب العولمة.
المراجع
[1] piie.com, What Is Globalization?
[2] educba.com, Globalization Examples
[3] youmatter.world, Globalization: Definition, Benefits, Effects, Examples – What is Globalization?
[4] joinhorizons.com, 11 Advantages & Disadvantages of Globalization in 2023
[5] smartasset.com, Pros and Cons of Globalization