جار التحميل...

°C,

"شذرات قروية"

18 يوليو 2024 / 2:11 PM
تتعدد الأماكن في حياتنا، وكل مكان يحمل ذكريات متنوعة؛ فبينما تحمل بعضها ذكريات جميلة نتمنى لها التكرار، تكون الأماكن الأخرى مليئة بذكريات نود لو نسيناها.
أن كل مكان له خصوصيته الخاصة ولونه الفريد الذي يميزه عن غيره، ولا يمكن لأي مكان آخر أن يشبهه تماماً، حيث تتراكم ذكريات لا تُنسى، فكل مرحلة من مراحل الحياة تجلب ذكريات فريدة تبقى خالدة في الذاكرة، تلك اللحظات تترك أثراً عميقاً في حياة الإنسان وتمنحه ذكريات تحمل قيمة كبيرة إذ تعتبر العلاقة بين الإنسان وماضيه علاقة معقدة ومميزة في الوقت نفسه، فالإنسان غالباً ما يتعلق بأيامه القديمة ويحمل في قلبه ذكريات جميلة تشعره بالدفء والسعادة فالحنين إلى الماضي البسيط والجميل هو شعور طبيعي يشعر به الجميع في لحظات معينة.

كل مرحلة في حياتنا تترك ذكرياتها الخاصة، وبعضها قد يتلاشى مع مرور الزمن وتغيرها الأحوال، بينما يبقى بعضها الآخر محفوظاً في أعماق ذاكرتنا، فشارع الطفولة دائما يتسع لنا لأن ايامها بريئة وعفوية ونقية، فكلما كبرنا يضيق هذا الشارع بسبب تلوث الأفكار ، عشنا في منازلنا القديمة ببساطة وقناعة، دون وجود الكهرباء معتمدين على ضوء الفنر ليلاً في قريتنا الصغيرة واسمها "الزباره" كانت بالحارة القديمة والتي يطلق عليها "بالحاضن" لأن الجبل كان يحضن المساكن التي كانت عند أقدام الجبل، ولم يكن في الحياة آن ذاك أية مظاهر للتطور، كانت مساكن القرية متقاربة، وكان زحام المارة في أزقتها الضيقة تشعرنا بالأمان والتألف والحب، ومن الذكريات الجميلة التي لا ينساها أهالي المنطقة هي  زيارة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة،  في الرابع من شهر يناير سنة 1980م وهي زيارة تفقدية لمدينة خورفكان والقرى المجاورة لها، واستمع سموه لطلبات المواطنين ومشاكلهم، هذه الزيارة كانت في مجلس الضيافة في منزلنا القديم، وكان في استقباله في المجلس والدي رحمه الله، إذ كان "معرفاً" للمنطقة، والمعرف هو المسؤول عن أهالي المنطقة ويعتبر عوناً وساعداً للحاكم، فهو يتحدث عنهم وينقل احتياجات الأهالي للحاكم.

أن اهتمام صاحب السمو حاكم الشارقة في  إحياء التراث لدى الأجيال الجديدة من المواطنين و العرب و الأجانب المقيمين داخل الدولة، فرصة للتعرف عن تاريخ الإمارة وتوابعها  والهدف الأسمى هو الحفاظ على التراث من الاندثار، فترميم المناطق القديمة وإعادة بناء القلاع والحصون التي تضررت بمرور الزمن في جميع مناطق الإمارة هو دليل اهتمام الإمارة بالأرث القديم إذ تعتبر شاهداً تاريخياً حيث تكشف تفاصيل حياة الناس وعاداتهم وثقافتهم في الماضي وتعزز فهمنا للتاريخ والتراث، وغالباً ما يتم الحفاظ على الاحياء القديمة وإعادة تأهيلها لتصبح معالم سياحية ومواقع تاريخية تستقطب الزوار والباحثين فهي تشكل رمزاً للتواصل بين الأجيال المختلفة وتسهم في الحفاظ على التراث الثقافي للمناطق التي توجد فيها. 

ولا بد من الاحتفاظ بحبنا لذكرياتنا ولا بد أن نعتني بها أيضاً، نرويها ونسقيها من عبقها الجميل الذي لا ينسى، وفي الوقت نفسه ينبغي لنا أيضاً التطلع إلى المستقبل بتفاؤل وثقة، لأن كل يوم جديد يحمل معه فرصاً لصنع ذكريات جديدة وتجارب رائعة تستحق الاحتفاظ بها في مستقبلنا.
 
July 18, 2024 / 2:11 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.