جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
طريقك نحو تربية فاعلة

أسس التربية الحديثة وبناء علاقات أسرية ناجحة

18 يوليو 2024 / 11:26 AM
صورة بعنوان: أسس التربية الحديثة وبناء علاقات أسرية ناجحة
download-img
في العصر الحديث يواجه الآباء تحديات كبيرة في تربية أطفالهم؛ نتيجة تطور المجتمع وتغيراته السريعة، وتتطلب هذه التحديات استراتيجيات تربوية جديدة تتناسب مع متطلبات العصر، وتُعد التربية الحديثة أو التربية الإيجابية واحدة من هذه الاستراتيجيات، فقد أظهرت دراسات أُجريت في جامعة هارفارد فوائد طويلة المدى لهذه النهج التربوي، بما في ذلك تحسين العلاقات الأسرية، وتعزيز الصحة العامة والعقلية للأطفال أثناء مرحلة البلوغ.

تتميز التربية الحديثة بأساليب تشجيعية وداعمة تركّز على بناء الثقة بالنفس، وتعزيز الانفتاح والتواصل بين الأطفال والآباء، من خلال التفاعل الإيجابي وتعزيز الصحة النفسية والعاطفية، لذا يمكن للتربية الحديثة أن تُسهم في سعادة الأسرة عامةً وتُعزّز التواصل الأسري الإيجابي، فما هي أسس التربية الحديثة؟ وكيف تؤثر في سعادة الأسرة؟

صناعة الفارق في حياة الأطفال بالتواصل اليومي

من السهل أن ينخرط الآباء في الأعمال المنزلية والعمل والضغوطات طوال اليوم، لكن خلال هذه الفترات لا بدّ من تطبيق بعض العادات البسيطة مع الأطفال، والتي قد تساهم في تعزيز العلاقة معهم، مثل تخصيص وقت لجلسات حوارية خلال وجبات الطعام أو قبل النوم. 


تُشجّع هذه الجلسات الأبناء على فتح الحوار والحديث عن تجاربهم خلال اليوم ومشاعرهم وأفكارهم، ومن المهم أيضاً توجيه أسئلة لفهم اهتمامات الأطفال وهواياتهم، والاستماع إليهم بعناية.


تقوية العلاقة مع الأطفال تعد أساسية في التربية الإيجابية، وتُسهم في بناء علاقة وثيقة تستمر منذ طفولتهم حتى مراهقتهم، لذا يُنصح بالبقاء على تواصل مستمر مع الأطفال، والاستماع إلى آرائهم ومشاعرهم بانتظام، خاصة خلال الخلافات، بالإضافة إلى بقاء الآباء على علم بحاجاتهم ورغباتهم، وبشكل عام إنّ تحقيق السعادة الأسرية يعتمد على بناء علاقة إيجابية وقوية بين الآباء والأبناء.

المشاركة في رحلة نجاح الطفل بالتعزيز الإيجابي 

"أحسنت، أنت فعلاً مجتهد" كلمات بسيطة تقولها للطفل عند قيامه بأمر جيد لها دور كبير، وبها تُركّز على جوانب أبنائك الإيجابية، وتساعدهم على التطور والتخلص من الجوانب السلبية.


"أنت ذكي وقوي، يمكنك ذلك مع المحاولة"، بهذه الجملة تساعد الطفل على فهم نفسه وقدراته، "كيف يمكنني مساعدتك؟"، هذا يشير إلى الدعم  المستمر له، "ما هو الحل برأيك لهذه المشكلة؟"، بذلك يكون الحوار بنّاءً ويساهم في فهم المشكلة.


يمكن بناء علاقة تعاونية وإيجابية مع الأبناء من خلال عدة طرق، مثل المشاركة في هواياتهم، والتشجيع على تجربة مهارات جديدة تساعد على اكتشاف موهبة الأبناء، والتعبير عن الحب لهم، وتركيز الانتباه على صفاتهم الإيجابية، كما يمكن توجيه انتباههم بلطف نحو أمور يمكن تطويرها في شخصياتهم، مع المساعدة على التغلب عليها.

حل لغز طفلك كمكعب روبيك

"التربية مثل مكعب روبيك؛ قد يبدو الأمر صعبًا في البداية، ولكن بمجرد فهم التقنية، يصبح الأمر سهلاً"


بالرغم من وجود العديد من مدارس التربية الإيجابية، إلا أنّها جميعها تتفق أنّ سلوك الطفل المزعج لا يأتي من فراغ، إنمّا هو من أعراض مشكلة ما لديه أو نتيجة لها، ففي اللحظة التي يرمي بها الطفل طعامه المعتاد على الأرض -"لا أريد هذا الطعام، أريد شوكولاتة"- كان يريد أن يوصل إلى الأم أو الأب رسالة لا تتعلق بالطعام.


سواء كان تصرف الطفل السلبي ناتجاً عن تغيّرات في مشاعره وعدم قدرته على التعامل معها، أو حبّه للسيطرة، أو رغبته في لفت انتباه أحد الوالدين، أو غيره، فمن المهم تحديد السبب وعدم الاكتفاء بسؤال الطفل، فغالباً لن يجيب عليك "أبي، أنت مشغولٌ طوال الوقت عني، أريد قضاء اليوم معك"، فالطفل في كثير من الأحيان لا يستطيع التعبير عن مشاعره بشكل صحيح أو فهمها تماماً


يجب طرح بعض الأسئلة "ما الشيء الذي يحاول طفلي إيصاله لي؟ لو كان يستطيع التعبير عن نفسه ماذا كان سيخبرني؟"، إذ إنّ معرفة داخل الطفل هو تحدٍ صعب، لكنه يوصل الآباء إلى الحل بشكل أسرع.

بين الحزم والدعم، يجب وضع قوانين الأبناء 

هل لديك قوانين صارمة لأبنائك؟ حول وقت الدراسة أو النوم أو استخدام التكنولوجيا؟ هل اتفقت مع أبنائك على العقوبات إن لم يطبقوا هذه القوانين؟ هل تتساهل فيها بمجرد إلحاح أبنائك المستمر؟ 


يجب وضع قوانين صارمة للأبناء فيما يتعلق بالوقت الدراسي والنوم واستخدام التكنولوجيا، ويمكن الاتفاق معهم على العقوبات في حال عدم الامتثال لهذه القوانين، كما يجب الحفاظ على التماسك والتوازن في تطبيق القوانين والعقوبات، وهذا يتطلب التنسيق بين الوالدين وتجنب اختلاف الأساليب التربوية المتبعة بالتعامل مع الأبناء. 


من الضروري أيضاً وضع روتين ثابت للعائلة، مثل تحديد وقت النوم والمواظبة عليه، بالإضافة إلى روتين صباحي منظم، ومع ذلك قد تظهر ظروف جديدة من وقت إلى آخر تستدعي إضافة خطط جديدة، لكن يجب أن يبقى التركيز على الحفاظ على الروتين قدر الإمكان دون التأثير الكبير للظروف الخارجة عن السيطرة.


يُنصح بوضع أنظمة عقوبات واضحة مع الأبناء ومناقشتها معهم قبل تطبيقها، مثلاً "إذا لم تحل واجباتك المدرسية لن تخرج اليوم للعب كرة القدم"، ستسمع من أبنائك الكثير من الإلحاح "أريد الذهاب للعب كرة القدم، أرجوك، سأحل الواجب المدرسي المرة القادمة"، ابقَ قوياً وتناقش مع طفلك "ألم نتفق على هذا مسبقاً"، "يجب أن تتحمل نتيجة أخطائك"، "أنا لن أغيّر رأيي اليوم"، "حافظ على أداء واجباتك، وستذهب للعب"


في الوقت نفسه ينبغي أن تقدم الدعم لأبنائك وتعبر لهم عن تعاطفك معهم، مؤكداً على حبك لهم وحرصك على سلامتهم، كأن تقول: "أنا أفعل هذا لأني أحبك، ولا أريدك أن تتأذى"، كن قوياً ومحباً في الوقت نفسه دون أن تشعر بالذنب.

بناء الجسور لا الجدران مع الأطفال بالتأديب الإيجابي 

أشارت أبحاث أُجريت عام 2023 نشرها موقع شبرينغر "Springer" المختص بالمحتوى الأكاديمي إلى أنّ التربية العقابية تعد من أخطر العوامل المسببة لمشكلات التطور النفسي والعاطفي والعقلي عند الأطفال


يجب التجنّب التام لاستخدام الضرب أو الصراخ أو الشتم كوسيلة للتربية، وبدلاً من ذلك ينبغي الاعتماد على التأديب الإيجابي مع الأطفال، من خلال تعليمهم الانضباط وتوجيههم نحو السلوك الصحيح، وتشجيعهم وتوجيههم بلطف.


تقول أيمي ماكريدي خبيرة التربية الإيجابية "قد يبدو لك أنّ عقاب الطفل في غرفته وأن يبقى وحيداً أو عقابه بقسوة من الأساليب الفعّالة في التربية، لكن هذا على المدى القصير، لكن عدم تعليم الأطفال كيفية التصرف الصحيح سيضعك في مشكلات تربوية على المدى البعيد".


نحن ندرك أنّ الأمور أحياناً تخرج عن سيطرة الآباء خاصة في لحظات التوتر، وفي هذه اللحظات يُنصح بمنح الوقت للهدوء والتفكير مع الطفل، ويمكن في البداية أن ينسحب الوالدان لبعض الوقت، ثم يتحدثان مع الطفل عن الموضوع لاحقاً.

عدم قول "نعم" دائماً والرفض بذكاء

أحد أكبر المفاهيم الخاطئة حول التربية الإيجابية هي أنّ الآباء يجب أن يكونوا متسامحين دائماً مع الأبناء، وعدم رفض أي طلب لهم مهما كان، وهذا كارثي؛ فاختيار أسلوب التربية الحديثة لا يعني قول "نعم" للأطفال دائماً حتى وإن كان هذا سيجعلهم سعداء.


يجب وضع حدود واضحة للأطفال بما هو مسموح وما هو ممنوع، فالتربية الإيجابية تركز على كل ما يخدم مصلحة الطفل حتى وإن كان عكس رغباته، فعلى سبيل المثال يمكن أن تقول لطفلك: "لا يمكنك اللعب بالألعاب الإلكترونية مدة طويلة، يمكنك اللعب نصف ساعة فقط". 


في النهاية تذكر أنه لا توجد صيغة مثالية للتربية، لذا كن لطيفاً وحازماً مع طفلك، فهو يحتاج إليك، وتأكد من أنك تبذل قصارى جهدك لتكون بجانبه.

 

المراجع 
[1] cdc.gov, Communication with Toddlers and Preschoolers
[2] theparentswebsite.com.au, How to Help Children Deal with Stress and Anxiety
[3] health.ucdavis.edu, The power of positive parenting
[4] parenthelp.org.nz, Positive Parenting
[5] positiveparentingsolutions.com, Positive Parenting Techniques

 

July 18, 2024 / 11:26 AM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.