ما سلبيات الذكاء الاصطناعي؟ وهل تصل لمستوى الخطورة؟

في استطلاع للرأي أجرته شركة الخدمات المهنية إرنست آند يونغ "EY" عام 2023 على 254 شخصاً من رواد عالم التكنولوجيا وُجِدَ أنّ 90% منهم يستخدمون منصات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وBing Chat، بينما يخطط 80% منهم لزيادة استثماراتهم فيه في العام المقبل، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على مدى الهيمنة والسيطرة التي فرضها الذكاء الاصطناعي على حياتنا، لكن هل له أضرار وسلبيات؟ وإلى أيّ درجة يمكن أن تصل إذا ظلّ مسيطراً؟

الذكاء الاصطناعي ليس مثالياً

قد تأخذ الثورة التكنولوجية الهائلة التي شهدناها في السنوات الأخيرة عقولنا، والدور الكبير الذي لعبه الذكاء الاصطناعي في تسهيل الحياة قد يجعل البعض يتغاضون عن سلبياته والتحقق منها، والتي تتضمّن الآتي:

تكاليف عالية

إنّ إنشاء روبوت يمكنه محاكاة الذكاء البشري والعمل كالإنسان ليس بالأمر السهل؛ فهو يتطلب الكثير من الوقت والموارد، ويحتاج إلى ميزانية خاصة ومرتفعة، كما يحتاج إلى العمل على أحدث الأجهزة والبرامج ليظل محدّثاً، ويلبي المتطلبات المتغيرة باستمرار، مما يجعله مكلفاً للغاية.

الجمود

لا شيء يمكنه أن يُصبح كالإنسان تماماً أو يفكّر بطريقته ويخرج بحلول إبداعية، وهذا ما عجز عنه الذكاء الاصطناعي، فبالرغم من التقنيات والأدوات المتطورة والمتعددة التي يمتلكها لا يستطيع أن يفكر خارج الصندوق، ولا أن يكون مبدعاً، هو فقط يعمل وِفق تغذية سابقة ببيانات جرى تزويده بها، وهذا يعني أنّه لا يمكن أن يقدم حلولاً جديدة للمشكلات التي تتعرض لها.

جعل البشر كسالى

أصبح بإمكان تطبيقات الذكاء الاصطناعي اليوم أن تؤدي غالبية المهام التي يؤديها الإنسان في يومه، كتنظيف المنزل، أو قيادة السيارة -فهناك السيارات ذاتية القيادة-، وحتى القيام بالعمليات الذهنية، كالحساب، أو حفظ أرقام الهاتف والعناوين، وهذا يعني التأثير في صحة الدماغ والجسد، وإضافة الكسل إلى الحياة، فالاعتماد الكبير على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسبب مشكلات صحية عدّة للأجيال القادمة.

غياب العاطفة

يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تعمل بسرعة كبيرة ودون انقطاع، لكنها لا تستطيع أن تقيّم العاطفة أو تفهمها قبل أن تتخذ قراراً، فهي بالنهاية آلات ولا تملك المشاعر والأحاسيس البشرية، فتظلّ دائماً عقلانية وعملية، وهذا قد يؤثر في عملية اتخاذ القرار لأصحاب الأعمال المعتمدين على الذكاء الاصطناعي. 

مثلاً في مجال التسويق تجد أنظمة الذكاء الاصطناعي صعوبة في التفاعل مع العملاء، إذ تلعب العواطف دوراً رئيسياً في المبيعات والتسويق لإقناع العميل بعملية الشراء.

هل هناك مخاطر حقيقية للذكاء الاصطناعي؟

ما ذكرناه أعلاه لا يتعدى كونه سلبيات عادية -كأي شيء في الحياة له إيجابيات وسلبيات- لا تصل إلى درجة الخطورة، لكن هل يشكّل الذكاء الاصطناعي خطراً حقيقياً على البشر؟ 

يقول جيفري هينتون عالِم الحاسوب والمعروف بـ "عرّاب الذكاء الاصطناعي" مشيراً إلى مخاطر تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المستقبل: "يمكن أن تتطور أدوات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتصبح أذكى منّا وتسيطر على حياتنا، لذا يجب أن نفكر الآن بكيفية منع حدوث ذلك"، وتتمثل هذه المخاطر بما يأتي:

فقدان الوظائف

يرى البعض الذكاء الاصطناعي أداة تقنية مثالية، لكنه يثير القلق لدى آخرين، خاصة الذين فقدوا وظائفهم بسبب تبني التكنولوجيا الذكية، ففي العديد من الدول المتقدمة حول العالم جرى استخدام الروبوتات واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في المصانع والمؤسسات الحكومية وغيرها؛ كونها قادرة على أداء المهام بكفاءة وسرعة، ممّا دفع إلى القلق من احتمال استبدال القوى العاملة البشرية.

وكما نلاحظ اليوم الكثير من المجالات والقطاعات منفتحة على الذكاء الاصطناعي وبإمكانها توظيفه، وذلك يخلق تفاوتاً اقتصادياً واجتماعياً في المجتمعات التي توظف الذكاء الاصطناعي وتعتمد عليه.

وحسب ما صدر عن شركة الأبحاث والاستشارات فوريستر "Forrester" من المتوقّع أن يحلّ الذكاء الاصطناعي والروبوتات محل 7% من الوظائف في الولايات المتحدة الأميركية بحلول عام 2025، وهناك توقعات أخرى بأن يؤدي الذكاء الاصطناعي والتغيرات التكنولوجية الأخرى إلى الاستغناء عن 85 مليون وظيفة بحلول العام نفسه.

التلاعب والخداع

قد يحدث أن يلفت انتباهك عنوان مثير يتحدث عن أمر يتعلق بالنجم ليونيل ميسي أثناء تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، فيظهر للمرة الأولى وهو يتكلم بطلاقة باللغة الإنجليزية، وشدّك الفضول لمعرفة المزيد، فمن المعروف عنه أنّه لا يُجيدها، لكن الصدمة كانت في النهاية، إذ اتضح أنّ المقطع أُنتج باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ولم يكن ليونيل ميسي نفسه الذي يظهر فيه، بل كان ذلك تمثيلاً افتراضياً له.

اليوم أصبحت وسائل الإعلام والأخبار عبر الإنترنت أكثر غموضاً، في ضوء الصور ومقاطع الفيديو التي تُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومغيرات الصوت التي يستخدمها، إلى جانب التزييف العميق الذي يتسلل إلى مختلف المجالات، إذ سهّل الذكاء الاصطناعي بتقنياته إنشاء صور أو مقاطع فيديو أو مقاطع صوتية غير صحيحة، أو استبدال صورة شخصية بأخرى في صورة أو مقطع فيديو موجود، حتى أصبح من الصعب التمييز بين الأخبار الموثوقة والأخبار الخاطئة.

خرق الخصوصية

استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي أو تطبيقاتها يشكل خطراً على خصوصية المستخدمين؛ إذ يمكن تخزين بياناتهم ومعلوماتهم الشخصية بواسطة مشغّلي هذه التقنيات، فيتعرض هذا النوع من البيانات للاختراق أو الوصول غير المصرّح به، ممّا يعرض خصوصية المستخدمين للخطر. 

ورغم وجود جهود دولية لتحسين الحماية القانونية للبيانات، إلا أنّه حتى الآن لا يوجد قانون دولي موحّد يحمي بيانات المستخدمين في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتقنياته.

مخاطر أمنية

أصبح من السهل الآن مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي على القراصنة تسخير قوة الذكاء الاصطناعي لتطوير هجمات إلكترونية أكثر تقدماً، وتجاوز التدابير الأمنية الموضوعة، واستغلال نقاط الضعف في العديد من الأنظمة، وهذا يشكّل خطراً حقيقياً على المجتمعات، وسخّر البعض أيضاً الذكاء الاصطناعي لأغراض عسكرية وحربية، فأُنشئ ما يُعرف بالأسلحة المستقلة، وهي أسلحة قادرة على إنجاز أي مهمة دون تدخّل بشريّ، والخطر الأكبر إن وقعت هذه الأسلحة في الأيدي الخطأ.

مخاطر وجودية 

يثير الذكاء العام الاصطناعي (AGI) المتطور -والذي يفوق الذكاء البشري- مخاوف كثيرة على الوجود البشري على المدى البعيد؛ إذ يمكن أن يؤدي إلى حدوث عواقب كارثية إذا لم تجرِ السيطرة عليه، أو إذا استُخدم بطرق لا تتماشى مع القيم أو الأولويات الإنسانية، سواء كان نتيجة أخطاء غير مقصودة أو نوايا سيئة، مثل تطوير أسلحة ذكاء اصطناعي قادرة على تدمير البشر، أو ابتكار فيروس قاتل باستخدام التقنيات التكنولوجية.

المراجع
[1] builtin.com, 12 Risks and Dangers of Artificial Intelligence (AI)
[2] forbes.com, The 15 Biggest Risks Of Artificial Intelligence
[3] simplilearn.com, Advantages and Disadvantages of Artificial Intelligence [AI]
[4] knowledgehut.com, Advantages and Disadvantages of Artificial Intelligence (AI)
[5] tableau.com, What are the advantages and disadvantages of artificial intelligence (AI)?