قطاع المصارف والنفاذ الشامل

وحتى تكتمل وتتضح الرؤية في هذا المقال للقارئ لابد أن نوضح أهم المفاهيم: 

فالنفاذ هو: ضمان وصول الأشخاص من ذوي الإعاقة إلى المحتوى المعرفي بمختلف أشكاله وصوره بصيغ ميسرة مناسبة.

والتصميم الشامل هو: تصميم المنتجات والخدمات والبيئات العمرانية بمعايير تتناسب مع احتياجات الجميع ومن ضمنهم ذوي الإعاقة. 

ولا شك أن دولة الإمارات لم تغض الطرف في هذا الجانب، فقد وجه مصرف الإمارات المركزي، جميع البنوك العاملة في الدولة بإعداد البيئة المهيأة وفق احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك بتمكينهم للنفاذ إلى الخدمات والبيانات المصرفية واتخاذ ما يلزم لتمكين هذه الفئة من إدارة شؤونهم المالية.  

وأهم تحدٍ يواجه بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة هو ضمان أهلية العميل والتي تتأثر بطلب وكيل يقوم بإجراء المعاملات المصرفية، لكي يتمكن من الحصول على بعض الخدمات مما يترتب عليه إلغاء الخصوصية لهذا العميل، وهنا يجدر الإشارة إلى أنه توجد فئات تحتاج إلى هذه الممارسة مثل أصحاب الإعاقة الذهنية، وما يشابهها.

كما أن أغلب الخدمات في المصارف تعتمد على استخدام مواقع الويب والتطبيقات، والتي لم تعد تحدياً لذوي الإعاقة في حالة توفر المعايير، التي تضمن موائمة تلك الوسائط مع تكنولوجيا التقنيات المساندة لهذه الفئة، فعلى سبيل المثال قارئ الشاشة للحواسيب والأجهزة الذكية لذوي الإعاقة البصرية، لن يكون فاعلاً إن لم تطبق بعض المعايير غير المكلفة على المواقع والتطبيقات.

كما أن عدم تطبيق معايير التصميم الشامل للمباني وآلات صرف النقود ATM، يحول دون تمكن هذه الشريحة من الوصول إلى الخدمات، وكذلك عدم وجود الكادر المدرب على التعامل السليم أثر كبير في الحصول على تجربة آمنة ودامجة تضمن تحقيق مصلحة كل الأطراف.

ولعل أهم التحديات لدى المصارف والبنوك هو الحصول على توقيع لمعاملات بعض الإعاقات مثل البصرية، وتتمثل أبسط الحلول في اعتماد بصمة للعميل أو استخدام الهوية الرقمية كـــــــحل آخر، وفي حالة دفتر الائتمان فتوفير بطاقات التوقيع والتي تستخدم كإيطار، يوضع لتحديد مكان التوقيع للمعاق بصرياً في الخانة المحددة، لكن الحلول كثيرة ونحن كأشخاص معنية على استعداد دائم لتقديم الدعم اللازم للنهوض بهذا الجانب.

ويحتاج العمل في تهيئة البيئات داخل المصارف فقط إلى إرادة واقتناع من القيادات، ويتبع ذلك استراتيجية واضحة تركز على إعداد العاملين داخل هذه المصارف لتقديم الخدمات لذوي الإعاقة من جانب ومن جانب آخر الاستفادة من الموظفين من ذوي الإعاقة داخل هذه المصارف في بناء بيئة دامجة.

 وتوجد لدينا تجارب رائدة من المصارف والبنوك الوطنية نذكر منها مصرف الشارقة الإسلامي، والذي يعمل بكل جهد في سبيل توفير تجربة مصرفية مميزة للأشخاص من ذوي الإعاقة، فقد تواصل المسؤولون مع أصحاب الإعاقة واعتمدوا عليهم في تهيئة الخدمات الرقمية للمصرف وتوفير آلات صرف نقود ميسرة بالبرامج الناطقة، حيث تحتوي على معايير تناسب أصحاب الإعاقات الحركية، وتم توزيع هذه الآلات في مختلف الأماكن في إمارة الشارقة، مما كان له أثر إيجابي في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، وعكس الصورة الحضارية لإمارة الشارقة في كنف سلطان الحضارة والمعرفة نصير المعاقين.