" اللهم أسكن فيها الأخيار، اللهم أبعد عنها الأشرار، اللهم احرس شبابها، اللهم احفظ نساءها، اللهم احفظ عيالها، اللهم اجعلها في يد من تحب"، بهذه الكلمات العفوية الجميلة يفتتح والدنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة يومه بالدعاء للشارقة وأهل الشارقة بكافة فئاتها وشرائِحها وما أجملهُ من دعاء.
ولا يمكن اختزال شخص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في كلمة، هو ذاتُه عَصِيٌّ على الوصف، رقراقٌ حدَّ الضياء، عذبٌ كالماء، حكيمٌ ككتابٍ أثير، سخاءٌ كالمطر، كلما استمعتُ إلى دعائه؛ استقرت الطمأنينة في صدري، فاللهم أقسم له من كُلِّ بِرٍّ أَعدَلَهُ، ومن كُلِّ خَيرٍ أَمثله، ومِن كُلِّ ما يَسُّرُهُ أَجملهُ.
والمتأمل في ذلك يجد أنه مع زحمة الحياة والانشغال بها؛ قد لا يفكر البعض منا أن يدعو إلا لمن حوله، فما بالك بما هو أبعد من ذلك، وهو عندما تتجاوز دائرة الدعاء الحدود بكل معانيها.
وأحياناً عندما يدعو الإنسان ربه عز وجل فإن أول ما يتبادر إلى ذهنه هو الدعاء للوالدين والأبناء، لكن أن يتسع ذلك العطاء في الدعاء إلى الأقرباء ثم الحي والمدينة وبعدها الإمارة بصغيرها وكبيرها وذَكَرِها وأُنثاها، وهَلُمَّ جَرًّا ، فهذا في حدِّ ذاتِهِ قمَّةٌ في الحب والعطاء للغير والذي سيعود حتماً على صاحبه بالخير، مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، عَن أَبي الدَّردَاءِ رضي الله عنه، أَنَّهُ سمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: " مَا مِن عبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعُو لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيْبِ إِلاَّ قَالَ المَلكُ ولَكَ بمِثْل".
ومعنى الدعاء بظهر الغيب هو أن تدعو لغيرك دون أن يكون حاضراً، أو عالماً بأنك تدعو له، وسُمّيَ دعاء بظهر الغيب لأن المدعو له غير حاضر فلا يوجد مجال للسمعة أو الرياء في هذا الدعاء.
وكان النبي ﷺ كما جاء في صحيح البخاري، أنه يدعو لأصحابه في صلاته، ولمّا سمع صوت عبّاد بن بشر قال ": اللهم ارحم عبَّاداً"، ودعا لشابٍ أن يعافيه الله من المعاصي، فقال: "اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحَصِّنْ فرجه".
وكان يدعو حتى للأطفال، كما قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: "وُلِدَ لي غلامٌ فأتيتُ به النبي ﷺ فسمّاهُ إبراهيم، فَحَنَّكَهُ بتمرةٍ، ودعا له بالبركة"…، فهكذا الدعاء، للمسلمين كباراً وصغاراً، ذكوراً وإناثاً، سواء كانوا قريبين أو بعيدين.
وتصحيحاً لبعض المفاهيم، فإنه لا يتطلب منك في الدعاء أن تكون سَيّد البلغاء بل ادعُ الله عز وجل بما تيسر لك، وبعفويتك، وبكل ما يجول في خاطرك، ولا تتكلف في اختيار صِيَغِ الدعاء، بل خاطب الله عز وجل، وناجِهِ بِلُغَتِكَ البسيطة، فهو ربٌ جوادٌ كريم يستحي من العبد إذا دعاه أنْ يَرُدَّ يديهِ صفْراً، وعليك باختيار الأوقات الفاضلة لاستجابة الدعاء ولا تعجل ولا تيأس ولا تقنط، فإن أمر المؤمن كله له خير.
يقول أحمد بن عطاء الله السكندري: " لا يَكُنْ تأخر أَمَدُ العطاءِ مع الإلحاحِ في الدعاء؛ مُوجباً ليأسك، فهو ضَمِنَ لك الإجابة فيما يختاره لك، لا فيما تختار لنفسك، وفي الوقت الذي يُريد، لا في الوقت الذي تُريد".
أخيراً إليك هديه " أكتب أُمنياتك العظيمة كلها التي تتمناها لك ولغيرك في ورقة وقل: (يا رب حقق لي ما كَتَبْتُ).