في جلسة مع الزملاء دخل علينا رجل لا أعرفه يبدو أنه في الخمسين من عمره، وانفجر في الكلام قائلاً: "خاطبتني جهة عملي عبر البريد الإلكتروني متجاهلين أوجاعي وما أحمله من هموم.
نعم إنها لغة العصر، ولغة التواصل والتباهي والوعد والتواعد والتوعد، لغة الحرص والرقابة، والترقب والترقية والانتقام والعقوبة، إن شاءوا.
نعم إنهم أولئك الذين يجلسون خلف لوحة المفاتيح، ويبعثون البريد الإلكتروني بلا دراية كافية عن مدى تأثيره على ذاك الموظف، ولا يلتمسون العذر لوضعه، وحقيقة طلبه أو مشكلته.
فقد يصعب عليه كتابة مشكلته وشرحها بشكل واضح وأكمل متمتماً:" اشتقنا لزمان نعم زمان وقت المسؤول الأب الذي قبل أن يتخذ أي قرار يستدعي موظفيه ويتحسس احتياجاتهم ويحاول قدر الإمكان إعطاء الفرص ويكون حليماً اتجاه تطبيق القانون ويتعامل بروح القوانين مراعياً وضع الموظف، سواء كان صحياً أو نفسياً أو اجتماعياً لأنه يضع باعتباره أنه يتعامل مع إنسان يرعى أسرة، وليس آلة سيفصل عنها الطاقة.
فعلاً اشتقنا للمسؤول، الذي يضع نصب عينيه مخافة الله قبل أي توقيع، وختم كلامه بحسبي الله ونعم الوكيل وصمت وصمتنا، ولم يبح بما في داخله، لكن كلماته تنم على جرح، الله أعلم بعمقه، لأنه غادرنا وغادر معه سبب ذاك الحدث، الذي يشكو منه.
ربي يحفظ الجميع ويبعدنا عن قهر الرجال ودعاء المظلوم.