لا زلنا نعيش ونشاهد على القنوات الإخبارية وقع أحداث ذلك الزلزال المدمر، الذي ضرب تركيا وسوريا للمرة الثانية قبل أيام ووصل مداه وأصاب عدة دول مجاورة.
وكانت الكارثة قد عصفت بتلك الأبنية في الهواء ومسحت بعدد من الأبراج فانهارت البنايات على ساكنيها، وتلاشت وكأن شيئاً لم يكن، وتساوت على الأرض، وكأنها لم تكن قائمة على أساس متين، أو بنيت على معايير ذات جودة عالية، فأحدثت ذلك الدمار الشامل، وتشرد الآلاف من بيوتهم.
هذا ما سيحدث لتلك المجتمعات والكيانات، التي ومهما بلغت الأوضاع فيها من استقرار ورخاء في الوقت الراهن، فإن لم تكن على قدر كبيرمن الأساس المتين، والمرتكزات السليمة العقائدية والاخلاقية، كفقدان الهوية الثقافية، وتعقد الاقتصاد الاجتماعي.
فانهيار الحضارات مرهون بعدة عوامل منها ظهور العنف والأوبئة، والمجاعة، والحروب وطيف واسع من العوامل، وقد تتبدل في أي لحظة وتنهار أوضاعها سريعاً، وتبدأ في السقوط، وقد يكون مآلها الزوال، ويقول الله تعالى: "أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ".
فتلك الانهيارات وتبعاتها الارتدادية، التي قد تكون سبباً في تآكل المجتمعات من الداخل، وتضرب في قيمها وعاداتها وتقاليدها، إذا لم يكن أسسها سليماً وقومياً، ونحن نعيش وقع أمور، وأوضاع بدأت في التغير، والتبدل أو حتى الزوال.
ولنسأل أنفسنا هل لازال أغلب الرجال عندنا لديهم تلك الغيرة، وبذات القوة، أم خفت حدتها وتغاضينا عن كثير من الأشياء؟ وهل باتت الأسرة مهتمة بتربية الأبناء وتنشئتهم على الخلق والفضيلة وازدادت معها أغلب المشكلات الأسرية؟، أم لم تعد كلمة العيب مدرجة في قاموس الأسرة، لدرجة أننا قد نتهم بالتخلف والرجعية وأن هذا الأمر هو ضريبة للتقدم والتحضر.