زارني أحد الأصدقاء، وتسامرنا، وضمن الحوار ذكر لي أن علاقته بفلان قد انقطعت منذ زمن، رغم أنه كان زميل دراسة وحبيب، لكن دخل أحد الأشخاص وأوقع بينهما، ثم انقطعت العلاقة.
وقررت أنا أن أعيد تلك الصداقة المميزة، وزرت الزميل واستطعت بسهولة أن أعيد المياه إلى مجاريها، وتبين أن السبب في الخلاف أنهما كانا يسمعان عن بعض والواشي يتلذذ بالتفريق، وهما يتأثران ويتنافران، والواشي علاقته بالاثنان مستمرة، يتعشى مع هذا، ويتغدى عند ذاك، ومهمته شحن القلوب ضد بعضها، ويتفنن بتصوير الآخر أنه شيطان.
وفي حقيقة الأمر أن الموضوع أبسط من ذلك، والضحية هم البسطاء، الذين يصدقون ويتأثرون، وتنقطع العلاقات بلا سبب واضح سوى الكلام والمغالاة، يغذوهم سم، وهم يقتاتوا من الخلافات لمصالح شخصية، أو ليقال عنهم أنهم أصدقاء الجميع.
بلا إحساس أو حياء لأنهم وجدوا الأُذن التي تصغى لهم، نعم.. وما أكثر الخلافات بسبب الرماة الذين يوجهون سهامهم بالقلوب، نعم.. فحينما تصمت ولو لبرهة وتراجع حساباتك وعلاقاتك تكتشف أنك لا تحب التعامل مع فلان، ليس لسبب مباشر، بل بسبب ما يقال عنه، فحينما تتعامل مع تلك الشخصيات تكتشف العكس.
نحن لا نخترق القلوب، لكننا يجب أن نعاملهم بما نراه منهم، لا ما نسمعه، لأن كثرة التفاسير تثقل القلوب.
أنا لا أملك تغيير الأطباع بل أتعامل بأخلاقي وأطباعهم لهم، لأني لو تأثرت بما يقولون ودون أن أشعر سأكون وحيداً وسأشكك بالمحيطين، بلا سبب حقيقي، لذا يجب علينا إعادة ترتيب علاقاتنا، فما أكثر ما يقال وهي عكس الأفعال.
دعهم يقولون وتعامل مع البشر بما تراه أنت، ابتسم.. تحدث.. وكن سعيداً ودع ما في القلوب لعلام الغيوب، ولاتكن ضحية "يقولون".