يقف حارساً لأحد المراكز التجارية بين يديه صحيفة يقلبها ليقتل بها الوقت، وهو هناك في سيارته الفارهة ينظر إليه مُركزاً ويفكر متسائلاً هل تراها خطوة تستحق المغامرة .
فترجل من سيارته متجهاً إليه وابتسم فرد له الابتسامة بأفضل منها وتقدم وسأله عن حاله وأحوال عمله حتى وصل إلى ما يبتغي قائلاً هناك اتفاق أُريد إبرامه معك.. استعجب الحارس، لكنه تدارك قائلاً أنا في خدمتك فيما أستطع يا سيدي، فقال له أُريد منك رقم وعنوان صاحب هذه الأرض المجاورة للمركز وسأدفع لك مقابل ذلك 5 آلاف وهذا رقم هاتفي في حال نجحت.
وتركه غارقاً في حيرته ممسكاً بورقه كتب فيها رقم الرجل، تعصف به رياح الأمل بأن يحقق مطلبه ويغتنم ذلك المبلغ الذي يعتبر بالنسبة له طوق نجاة للكثير من عثراته.
اجتهد، وثابر وغامر وخاطر حتى وصل للعنوان ورقم الهاتف واتصل بالرجل، الغني متهللاً يبلغه وينتظر بشارته، ففرح لما سمع صوت الرجل الغني مستبشراً واغلق منتظراً ما وعد به، ومرت الأيام ثقيلة وهو ينتظر، وكلما حاول الاتصال به لا يجد رداً حتى بدأ اليأس يدب محدثاً ألماً، وتحطمت آماله على صخور قسوة الحياة، لكن تفاجأ يوماً بالرجل الغني يقف أمامه مبتسماً وعيناه تفيضان شكراً وامتناناً لصنيعه، وقال أولاً شكراً لك على ما قدمته لي من مساعدة مع أنني كنت أعلم كيف أصل للرجل، لكن تلك الطرق كانت ستكلفني ثروة، ولكنني آثرت الاستعانة بك وكانت قمة الحكمة فقد وفرت عليّ الجهد والصد والرد والهزل والجد، فلك مني جل التقدير والاحترام وهاك جزاءك مما اتفقنا عليه ومد له يده بشيك يحمل 500 ألف بدل من 5 آلاف، فوجل الحارس وقد عقدت الدهشة لسانه ليطمئنه الغني: نعم هي كلها، لك فقد جنبتني أضعافها غرامات وأضعافها مضاعفة ربحاً فشكراً لك يا صديقي.
بوضع سره في أضعف خلقه مثل نتداوله ولا نعرف قيمته فقد يكون من حولنا أشخاص لا نقدرهم وقد تصل معنا لاحتقارهم أحياناً فلا نكشف أغوارهم من فطنة وأفكار وحكمة قد تنفعنا وننتفع بها في مجال حياتنا وأعمالنا فلمَ لا نجعلهم زمرة حولنا نملكهم بالطيب والكلمة الحسنة فكم منهم من يملك حكمة فقهية وهو لا يحمل أي شهادة وكم منهم من يثري المكان بأفكار لا تخطر ببال عالم، فاجمع ما استطعت من قوة الضعف لتستقيم وتتسخر لك الدروب، فلولاهم لما استكانت لنا الحياة فقدرهم لتقدر.