جلست مع أحد المتقاعدين، وحينما سألته عن مسار عمله أول ما بدأ قال: "حسبي الله ونعم الوكيل بعمق وحسرة، لقد كنت موظف بدالة، وهذا منذ عشرين عاماً، ودراستي لم أكملها لظروف معيشتي"، واستطرد لقد اجتهدت في عملي كثيراً وبينما كانت المكالمات تنهال علي لاحظت أن أحد رؤساء الأقسام زوجته تتصل به وتصر بشدة أن أحول المكالمة لزوجها رغم وجود الهواتف المتحركة.
وتكررت المكالمات يومياً حتى انحرجتُ أنا من الزوج لأن زوجته تتلفظ بكلمات قاسية، والحمد لله كنت أحرص على خصوصية الموظفين حتى مرت السنوات، وأصبح الزوج مديراً لمؤسستنا، وبعدها مررت بوعكة صحية دامت عاماً وقبل مباشرتي بأسبوع تفاجأت بإحالتي للتقاعد.
وهو قرار من المدير الذي كنت يوماً له غطاء ولم أكن يوماً منبعاً لأي محادثة أو معلومة وصلتني عبر عملي بحجة التجديد والتطوير، لكن ليس هذا وجعي هي صفحة وطويتها.
لكني أتجرع اليوم مرارة الراتب الذي تجمد منذ سنين وأبنائي يكبرون أمام عيني وطلباتهم تكبر معهم نعم كبروا، وقلت حيلتي وأصبحت لا أستطيع تلبية احتياجاتهم ذاك يريد سيارة وتلك تريد فستاناً وهكذا كبروا وأنا صغرت أمام متطلبات الحياة.
فكم تحدثنا وناشدنا والإذاعات تشهد، نريد النظر لرواتبنا الجامدة السجينة خلف قضبان الأدراج التي غبارها تراكم في دراسات أكلت من أعمارنا الكثير.
فالحياة تمضي ونحن في المحطة التسعينية التي أصبحت تذاكر ركوب المعيشة تنهش من صحتنا، وتراكم الديون أصبح عنوان يومنا بالأجل.
لقد تعبنا ونحن ننتظر انفراجة لرواتب التقاعد، كي نعيش عيشة كريمة تتناسب مع التسارع بالأسعار نعم بالأجل وما أدراكم ما هو الأجل الذي من ضيقنا قد ينتهي بنا الأجل ونحن لم نوفيه.
وأكمل يختم كلامه بالحمد الله على وطن وقيادة وأمان راجياً ومتيقناً بأن الفرج قريب، فالخير لن ولم يتوقف عند أهل الخير داعياً المسؤولين عن ملف المتقاعدين النظر ثم النظر لفئة توقف عندها الزمن منذ زمن.