جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,

الإسلام والبناء المعرفي

18 نوفمبر 2021 / 11:59 AM
صورة بعنوان: الإسلام والبناء المعرفي
download-img
تُعَدُّ قضية المعرفة من أكثر القضايا التي نالت حيزًا من الفكر الإنساني سواء أكان ذلك بحثًا في إمكانها، أم في طبيعتها، أم في مصادرها، وأنتج هذا البحث نتائج فكرية كان لها تأثيرها الكبير على مسيرة المعرفة الإنسانية، ومما أعطى لهذه القضية كل هذا الأثر ارتباطها المباشر بجوهر الوجود الإنساني والميزات التي تميز هذا الإنسان عن غيره من المخلوقات.
ورغم هذا الارتباط إلا أن التاريخ الإنساني قد شَهِد العديد من الانحرافات في منهجية المعرفة، ومنها تعطيل أدوات المعرفة وغلق مسالكها تحت ربقة التقليد، وسيطرة الغرائز الإنسانية على المنهج المعرفي، وسير المعرفة الإنسانية في اتجاه معاكسٍ للنفع الإنساني؛ لذا كانت الحاجة ماسةً إلى منهج يرسم للمعرفة معالمها الرئيسة، ويضع لها منهجًا منطلقًا من نظرة كلية لمكونات الإنسان من جهة ومن توافقٍ مع رسالته في هذه الحياة من جهة أخرى.
          
من هنا كان البناء المعرفي أحد أعظم أنواع البناء التي هدانا إليها الوحي الإلهي، وذلك من خلال النقاط التالية:
        
أولاً: اعتبار المعرفة حقًّا إنسانيًّا عامَّا لا تنحصر في إطار عرقي أو غيره مع الاعتراف بتفاوت القدرات المعرفية لأفراد النوع الإنساني، لذا فإننا نجد في ثنايا القرآن الكريم تنوعًا كبيرًا في الأدلة يتناسب مع كافة المستويات العقلية.

ثانياً: شمول المعرفة في الإسلام حيث لم تكن دعوة الإسلام إلى المعرفة قاصرةً على فن من فنونها أو مجال من مجالاتها، بل إنه فتح آفاقها العظيمة من علوم الدين والدنيا.

ثالثًا: ربط المعرفة بالغايات الإنسانية الكبرى وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في كثير من آياته، ففي قصة موسى والخضر، تلك القصة التي تعطينا ملامح كثيرة عن نظرة الإسلام للعلم ـ تأتي كلمة الرشد لترسم معلمًا مهمًّا من معالم هذا المنحى الغائي للحركة العلمية (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66).

وقد جاءت السنة النبوية للتحدث في نفس الإطار، حيث تكررت كلمة شبيهة بكلمة الرشد وهي كلمة النفع في كثير من الأحاديث، ومنها قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له (أخرجه مسلم في صحيحه)، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: " اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع. (أخرجه مسلم في صحيحه).

رابعًا: التنبيه على بعض الانحرافات المعرفية لذا جاء في الحديث: " من طلب العلم ليجاري به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار."(أخرجه الترمذي في سننه).

خامسًا: بيان مصادر المعرفة لم يكتف الإسلام في بنائه للمعرفة ببيان غايتها أو إطارها العام، وإنما كذلك بالإشارة إلى مصادرها، حيث حدَّد لكل مجال معرفي مصدره الخاص به. 

فالوحي له مجاله، والعقل له مجاله، والحواس لها مجالها.
November 18, 2021 / 11:59 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.