كشف الاتحاد الدولي لمرض السكري في تقريره الأخير (النسخة الـ 11 لعام 2025) عن أزمة صحية غير مسبوقة في المنطقة العربية تتعلق بانتشار مرض السكري، حيث سجلت معدلات الإصابة 17%، متجاوزة بذلك المعدل العالمي "11.1%"، وتتصدر الكويت القائمة العربية والعالمية بنسبة إصابة تصل إلى " 25.6%، تليها قطر 24.6%" والسعودية 23.1%.
وأفاد التقرير أن أعداد المرضي في الدول العربية يصل إلى 43 مليوناً، منهم 13 مليونًا في مصر، و5 ملايين في السعودية، و4.8 مليون في الجزائر، مع احتمال تضاعف أعداد المرضي إلى 80 مليون مصاب بحلول 2050، مما يضع الدول العربية أمام تحدٍ صحي واقتصادي غير مسبوق يتطلب تدخلًا عاجلاً على كافة المستويات.
ويوضح التقرير أيضاً أن أعداد المصابين بالسكري من النوع الأول في المنطقة العربية يصل إلي 1.2 مليون شخص، وتُعد المملكة العربية السعودية بنحو 223 ألف حالة، أكثر الدول العربية من حيث عدد الحالات، تليها مصر بـ 192 ألف حالة، ثم الجزائر بـ188 ألف حالة، بينما تسجل الكويت وقطر أرقامًا مرتفعة نسبيًا بالنسبة لحجم السكان، بـ29 ألفًا و13 ألفًا على التوالي.
وتُظهر البيانات تفاوتًا ملحوظًا في الإنفاق الصحي على المصاب الواحد بين الدول العربية، حيث تتصدر الإمارات العربية المتحدة القائمة من حيث الإنفاق الصحي السنوي لكل مريض بمعدل يفوق 1,583 دولار.
كما يشير التقرير إلى أن عدد الوفيات المرتبطة بداء السكري بلغت حوالي 206 ألفاً، حيث تصدرت مصر أكثر الدول العربية تسجيلاً للوفيات بحوالي 72 ألفاً، تليها السودان بحوالي 30 ألفاً، ثم الجزائر بحوالي 20 ألفاً.
ويشير التقرير إلى أن من بين أبرز المضاعفات التي يعاني منها المرضى في المنطقة، اعتلال الشبكية السكري، وتُعد عوامل مثل طول مدة المرض، وضعف الوعي وغياب برامج الفحص المبكر في عدد من الدول ذات الموارد المحدودة من أبرز المحفزات لظهور هذه المضاعفات.
كما يسلط التقرير على المضاعفات الأخرى التي تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية، والتي تُعد السبب الأول للوفاة بين مرضى السكري في العالم، وكذلك الفشل الكلوي والاعتلال العصبي السكري، وهي حالات تُفاقم من معاناة المرضى، وتزيد من تكلفة الرعاية الصحية.
فاقتصاديًّا، يستهلك المرض موارد هائلة مع بلوغ الإنفاق الصحي المباشر 35 مليار دولار عام 2024، منها 60% مخصصة لعلاج المضاعفات المزمنة كالقدم السكري وغسيل الكلى، في حين تُقدَّر الخسائر غير المباشرة (كالانخفاض السنوي في الناتج المحلي الإجمالي) بنحو 1.8% بسبب التغيب عن العمل، والتقاعد المبكر، وانخفاض إنتاجية العاملين.
أما اجتماعيًّا، فالمرض يزيد معدلات القلق والاكتئاب بين المرضى نتيجة فرض القيود الغذائية الصارمة، كما تتفاقم التحديات مع الوصمة المجتمعية في بعض المناطق، حيث يُنظر إلى المرض كعجز أو فشل شخصي، ما يُقلل فرص الزواج أو التوظيف.
وتعود أسباب الارتفاع في معدلات الإصابة بمرض السكري في العالم العربي إلى عدة أسباب رئيسية:
أولاً: التحول الجذري نحو الحياة العصرية قليلة الحركة، حيث حلّت وسائل النقل الحديثة محل المشي، وأصبحت الوظائف المكتبية طاغية على الأعمال التي تتطلب مجهودًا بدنيًا.
ثانياً: انتشار فلسفة الوجبات السريعة والأطعمة المصنعة الغنية بالدهون والسكريات والمشروبات الغازية على الأنماط الغذائية التقليدية الأكثر صحية مما أدى إلى تفشي السمنة، التي تُعدّ أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالسكري.
ثالثاً: الاستعداد الوراثي العالي للإصابة بالسكري، حيث تؤثر طفرات جينية معينة على كفاءة إنتاج الأنسولين أو طريقة تعامل الخلايا معه، كما أن زواج الأقارب، الذي لا يزال شائعًا في بعض المناطق، يساهم في تركيز هذه الجينات، مما يزيد من احتمالات انتقال المرض عبر الأجيال.
رابعاً: التغيرات الديموغرافية، حيث انتقل أعداد كبيرة من السكان من الريف إلى المدن، إذ تغيرت أنماط العمل من الزراعة والحرف اليدوية إلى الوظائف المكتبية.
خامساً: تحسن الرعاية الصحية أدي إلى ارتفاع متوسط العمر المتوقع، مما زاد من نسبة كبار السن، الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالسكري.