كيف تساعد طفلك على التعامل مع الحزن بعد الفقد

يعتقد بعض الناس أن الحزن مرتبط فقط بوفاة أحد أفراد العائلة أو صديق أو حيوان أليف، لكن مشاعر الحزن يمكن أن تظهر أيضًا لدى الأطفال بسبب أي نوع من أنواع الفقد، من الأمثلة:

● تغيرات في العلاقات، مثل طلاق الوالدين أو انتقال أحد الأحباء إلى منزل جديد

● الانتقال إلى مدرسة أخرى

● الانتقال إلى منزل جديد أو فقدانه

● تغير في الصحة أو القدرة على الحركة

غالبًا ما لا يعترف المجتمع بالعديد من هذه الخسائر، مما قد يزيد من صعوبة التعامل مع الحزن.

كيف يختبر الأطفال الحزن؟

يحزن كل شخص بطريقة مختلفة، ويمكن أن يتغير الحزن بمرور الوقت، لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة لحزن الطفل.

قد تختلف رد فعل الطفل تجاه الحزن باختلاف نوع الفقد، على سبيل المثال، قد يُسبب وفاة قريب كبير السن مريض نوعًا مختلفًا من الحزن مقارنةً بوفاة شخص ما بشكل مفاجئ، وقد يكون موت أحد الوالدين أمرًا صعبًا للغاية على الأطفال، فعندما يُتوفى أحد الوالدين، تتأثر الأسرة بأكملها.

يمكن أن يؤثر الحزن على جميع جوانب حياة الطفل، ويمكن أن يؤثر على النواحي التالية:

● المشاعر

فقد يشعر بعض الأطفال بالصدمة، أو الألم، أو الحزن، أو الشعور بالذنب، أو القلق، وقد يشعر البعض بالغضب، وقد يُوجهونه إلى أي شخص، مثل عائلتهم، أو أطبائهم، أو حتى الشخص المتوفى، فكل هذه المشاعر طبيعية، ويمكن أن تأتي هذه المشاعر وتختفي لأسابيع أو أشهر، من ناحية اخرى، إذا كانت مشاعر الطفل قوية واستمرت لمدة عام، فقد يكون العلاج ضروريًا.

● الأفكار

قد يشعر الطفل بالعجز وقد يعاني بعض الأطفال من صعوبة في فهم الأشياء أو يشعرون بالارتباك، وقد يشكك بعض الأطفال في إيمانهم أو معتقداتهم.

● السلوك

يبكي بعض الأطفال كثيرًا، بينما يبكي آخرون قليلًا أو لا يبكون على الإطلاق، فقد يكون البكاء طريقة طبيعية للتعامل مع المشاعر الجياشة، وقد يصرخ بعض الأطفال أو ينوحون أو يلتزمون الصمت للتعبير عن حزنهم، وقد يشعر بعضهم بالتعب الشديد لكنهم يواجهون صعوبة في النوم، وقد لا يرغب البعض في تناول الطعام، وقد يرغب آخرون في تناول الكثير من الطعام، فكل هذه ردود فعل طبيعية للحزن.

● العلاقات

يرغب بعض الأطفال في التواجد مع الآخرين، بينما يرغب آخرون في البقاء بمفردهم، غالبًا ما يحزن الأطفال من مختلف الأعمار بشكل مختلف.

كيف يفهم الأطفال الموت؟

يُعد الموت مفهومًا يصعب على العديد من الأطفال فهمه، ويؤثر عمر الطفل ومستوى نضجه وتجاربه على كيفية حزنه ورأيه في الموت، كذلك المعتقدات الثقافية والدينية للعائلة، فكل هذه الأمور تُرشدك في كيفية التحدث عن الموت والحزن مع طفلك.

بشكل عام، يُحدد عمر الطفل كيفية فهمه للموت:

● الأطفال الصغار جدًا (أقل من 3 سنوات) : لا يفهمون مفهوم الموت إطلاقًا، ينزعجون لانزعاج من يرعونهم، قد لا يتمكن الأطفال الصغار جدًا من التعبير عن مشاعرهم، قد يُظهرون حزنهم بالبكاء، أو نوبات الغضب، أو يكونون أكثر تشبثًا من المعتاد، حاول الحفاظ على روتينهم طبيعيًا قدر الإمكان.

● الأطفال في سن ما قبل المدرسة (من 3 إلى 5 سنوات) : يميلون إلى اعتبار الموت أمرًا مؤقتًا أو قابلًا للعكس، وقد يعود الأطفال إلى سلوكيات سابقة مثل مص الإبهام أو تبليل الفراش، فمن المهم جدًا أن تكون صريحًا وواضحًا معهم، لأنهم يثقون بك كثيرًا، كما إن استخدام كلمات مثل "توفي"، "انتقل إلى رحمة الله"، أو "نام" قد يُربكهم، بدلاً من ذلك، اشرح أن الشخص قد مات ولم يعد بإمكان الطفل رؤيته، قد يكون هذا صعبًا جدًا عليك وعلى عائلتك وقد تضطر إلى تكرار ما قلته بينما يحاول الطفل فهمه، وأخبره كيف تدوم الذكريات إلى الأبد و امنحه المزيد من الحب والاهتمام.

● الأطفال في سن المدرسة (من 6 إلى 12 عامًا) : يبدأون بفهم أن الموت دائم، وقد يعتقدون أن شيئًا فعلوه أو قالوه كان يمكن أن يغير أو يمنع الوفاة، لذلك طمئنهم واشرح لهم أنه لا يوجد شيء فعلوه قد تسبب في الوفاة، وكذلك قد يتفاعلون بأعراض جسدية مثل الصداع أو آلام المعدة، وقد يتصرفون كما كانوا يفعلون في صغرهم، أو يبدأون بالقلق على صحتهم، لذلك حاول الحفاظ على روتينهم طبيعيًا قدر الإمكان.

● المراهقون: يبدأون بفهم الموت مثل البالغين، لكنهم قد لا يكونون جيدين في التعبير عن مشاعرهم أو التعامل معها، وقد يحاولون إخفاء مشاعرهم أو الانسحاب منك ومن البالغين الآخرين، وقد يعتمدون أكثر على أصدقائهم للتعزية، ومن الممكن أن يجدوا صعوبة في إيجاد معنى للموت، وقد يفكرون في كيفية تأثيره على حياتهم ومستقبلهم، كما قد يلجأ البعض إلى أساليب غير صحية للتكيف، كتعاطي المواد الممنوعة، لذلك امنحهم فرصًا للتحدث معك ومع الآخرين.

كيف أشرح الموت لطفلي؟

قد يكون من الصعب على البالغين التحدث عن الموت، قد تواجهون مشاعركم الخاصة أثناء محاولتكم الإجابة على أسئلة طفلكم وشرح ما حدث.

لشرح الموت لطفلكم، كونوا صريحين وشجعوه على طرح الأسئلة، على سبيل المثال، يمكنكم قول ما يلي لطفل أصغر سنًا: "لديّ أمرٌ محزنٌ جدًا لأخبركم به، لقد توفيت عمتي، هذا يعني أن جسدها توقف عن الحركة، لم تعد تتحرك لأن عضلاتها توقفت عن العمل، لم تعد تتنفس لأن رئتيها توقفتا عن العمل، توقف قلبها ولن ينبض مجددًا، لا تشعر بأي شيء ولا تتألم، أنا حزين لوفاة عمتي، وسأفتقدها كثيرًا، لا بأس إن أردتم طرح أي أسئلة عليّ، سأحاول الإجابة عليها."

غالبًا ما يطرح الأطفال أسئلة حول سبب أو كيفية وفاة شخص ما، من الأفضل عادةً أن تكونوا صريحين وصادقين، فيعتمد ما تخبرون به الطفل على عمره ومستوى نضجه.

كيف أساعد طفلي على التأقلم؟

يتعامل الأطفال مع الحزن بطرق مختلفة، وقد يستغرق الحزن وقتًا ولا يحدث فجأة، وعادةً ما يبدأون بالشعور بتحسن تدريجي مع مرور الوقت.

إليك بعض النصائح لمساعدتهم على التأقلم مع الحزن وتعلم التأقلم بطريقة صحية:

• ساعد طفلك على التأقلم مع مشاعره - تحدث معه عما يشعر به، واسأله عما يفكر فيه، لا تجبر طفلك على التحدث إليك، بل أخبره أنك مهتم ومتاح.

• لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة لحزن الأطفال، من الطبيعي أن يمروا بمشاعر متعددة، مثل الحزن والغضب والوحدة، أحيانًا كلها في نفس الوقت، قد يشعر الأطفال بالذنب في أوقات لم يكونوا فيها لطفاء مع أحبائهم.

• حاول ألا تقارن رد فعلهم بردود فعل الآخرين أو بردود أفعالك، كل طفل يتعامل مع الحزن ويعبر عنه بشكل مختلف، إذا كان طفلك أو أحد أفراد أسرتك يتعامل مع الحزن بشكل مختلف عنك، فحاول التحلي بالصبر ودعم بعضكما البعض.

• من الطبيعي أن يطرح الأطفال الأسئلة، قد يلعبون حتى لعبة "الجنازة" بالدمى أو الحيوانات المحشوة، إنها طريقة صحية لهم لفهم الخسارة.

• طمأن طفلك - ذكّره بوجود الكثير من الناس الذين يحبونه ويهتمون به. طمئنه، فليس كل مرض أو حادث ينتهي بالموت.

• اشرح له بوضوح أي تغييرات في روتينه، مثل مكان إقامته أو مدرسته في حال وفاة أحد الوالدين أو مقدم الرعاية.

• عانقه أكثر، دعه يجلس في حضنك أو يكون قريبًا منك ليشعر بالأمان.

• تعامل مع حزنك بطرق صحية، لا بأس أن تدع الأطفال يرون حزنك، ولكن طمئنهم أيضًا أنك ستكون بخير وستواصل رعايتهم، قد يفيدك مشاركة قصص عن شخص عزيز عليك فقدته في صغرك، أخبره أنه كان من الصعب عليه توديعه، لكنك تمكنت من التعافي والمضي قدمًا.

• قد يفيدك التحدث إلى معالج نفسي أو مستشار نفسي في الحزن، يمكنهم مساعدتك في التعامل مع حزنك وحزن طفلك.

• ساعد طفلك على التعامل مع أنشطة صحية - سيحاول بعض الأطفال القيام بأنشطة كثيرة جدًا لإلهاء أنفسهم عن حزنهم أو تجنبه، لكن بعض الأنشطة يمكن أن تساعدهم على التعامل مع المشاعر القوية.

• اقرأ قصصًا عن الحزن أو شاهد فيلمًا حزينًا معًا، دعهم يضربون كيس الملاكمة أو يضغطون على كرة التوتر، هذه الأشياء يمكن أن تسمح لهم بالتعبير عن مشاعرهم بأمان.

• افعل الأشياء التي يستمتعون بها معهم، أخبرهم أنه لا بأس من الضحك والمرح، هذا لا يعني أنهم نسوا الشخص العزيز أو انتهى حزنهم.

• ساعد طفلك على تذكر الشخص العزيز - أخبره أنه لا بأس من التفكير في الشخص العزيز أحيانًا، تحدث معه عن كيفية تكريمه.

• تحدث عما سيحدث في الجنازة والمقبرة حتى يكونوا مستعدين، قرروا معًا ما إذا كان سيكون لهم دور في المراسم، قد ترغب في أن يُركّز أحد أفراد عائلتك على رعاية طفلك خلال هذه الفترة حتى تتمكن من التعامل مع مشاعر حزنك.

• فكّر في السماح للطفل بالاحتفاظ بشيء يخصّ من تحب.

• احكوا قصصًا أو ارسموا معًا. وشاهدوا صورًا أو مقاطع فيديو للشخص العزيز، قد يكون التحدث عن شخص عزيز قد توفي أمرًا مُريحًا.

• خطط لكيفية مساعدتهم على التعامل مع الأعياد، والذكرى السنوية، أو أي أوقات أخرى قد تُثير مشاعر قوية.

• اطلب المساعدة فورًا إذا كان طفلك يُفكّر في إيذاء نفسه أو الانتحار!، أحيانًا، تراود الأطفال الذين يُعانون من الحزن أفكار إيذاء أنفسهم، أو قد يشعرون برغبة في الموت ليكونوا مع أحبائهم، إذا شعرتَ يومًا أن طفلًا قد يؤذي نفسه أو شخصًا آخر، فيجب زيارة الطبيب.

متى يجب الاتصال بالطبيب؟

اطلب المشورة الطبية إذا:

● كان طفلك يعاني من صعوبة في ممارسة أنشطته المعتادة لفترة طويلة.

● كان طفلك يلوم نفسه على الوفاة.

● يبدو أن حزن طفلك يزداد سوءًا أو لا يتحسن مع مرور الوقت.

● يبدو طفلك منعزلاً ويفقد اهتمامه بالأنشطة اليومية.

● طرأ على طفلك تغيرات كبيرة في سلوكه، مثل تعاطي الممنوعات، أو التصرف بشكل سيء لفترة طويلة.