جار التحميل...
تُعَدّ مشاركة الشباب في الحياة السياسية شكلاً من أشكال الإدماج الاجتماعي الذي يمنح الفرصة للفئات التي تعاني عوائق وصعوبات في الاندماج والانخراط والمشاركة في الحياة الاجتماعية؛ لأسباب معينة، مثل: الفقر، والحرمان من التعليم، والحواجز اللغوية.
ولأنّ الشباب قد لا يُمنَحون الفرص الكافية في بعض المجتمعات، وقد يتعرّضون للتهميش، فإنّ التوجّه نحو تفعيل أدوارهم في الحياة السياسية يُعَدّ خطوة فعّالة؛ لمواجهة مشكلة الإقصاء، وتحقيق الإدماج الاجتماعي الذي ينعكس إيجاباً على المجتمعات.
لكي يغدوَ الشباب مواطنين مُؤثِّرين ونَشِطين في مجتمعاتهم، لا بُدّ من إشراكهم في عملية صنع القرار، الأمر الذي يُعزّز ثقافة المشاركة في المجتمع، ويُسهم في اتّخاذ قرارات أكثر دِقّة واستنارة، إضافة إلى منح المجتمع فرصة الاستفادة من أدوارهم الفاعلة، كما أنّ إشراك الشباب في اتّخاذ القرارات المُتعلّقة بهم تزيد مستوى الوعي والإدراك لديهم، وتُكسبهم الخبرة، وتُمكِّنهم أيضاً من استخدام حقوقهم السياسية، والتحوُّل إلى الديمقراطية.
في الوقت الذي يُحقِّق فيه تنفيذ برامج الشباب في البلدان آثاراً إيجابية، تنعكس على هذه الفئة الفتيّة وعلى المجتمع ككل، يُعَدّ العُزوف عن تنفيذها ذا عواقب سلبية؛ لهذا، تُعَدّ البرامج الشبابية شكلاً من أشكال انخراط الشباب في الحياة السياسية.
ولا بُدّ عند التخطيط لهذه البرامج الحرص على أن يكون مُحتواها جاذباً لهذه الفئة، ومن شأنه زيادة اهتمامها بالسياسة، ومن الفوائد التي يجنيها الشباب من المشاركة في البرامج الشبابية التي تُعنى بالسياسة: اكتساب المهارات الجديدة، مثل: الشورى، والنقاش، والتفاوض، والتواصل، وزيادة المشاركة في الحياة الاجتماعية، وتكوين الوعي الاجتماعي والسياسي، وتنمية حِسّ المسؤولية، وتطوير القدرة على فهم الذات، واكتساب القدرة على بناء علاقات أفضل مع الآخرين، وتكوين تصوُّرات إيجابية عنهم.
يتوقّف تحقيق الشمولية في الأنظمة السياسية على إشراك القطاعات كافَّة في المجتمع؛ الأمر الذي يعكس أهمية مشاركة الشباب في الحياة السياسية، بوصفهم عنصراً فاعلاً فيه.
ومن هنا، لا تقتصر أهمّية المشاركة السياسية الشاملة التي تتضمّن فئة الشباب على كونها من الحقوق الأساسية السياسية والديمقراطية، وإنَّما تمثِّل أيضاً أداة مهمّة لنهضة المجتمعات المُستقِرّة التي يسودها السلام، ووضع السياسات التي تتوافق مع احتياجات الأجيال الشابّة ومتطلّباتها، وترسيخ قِيَم الديمقراطية في المجتمعات.
من الفوائد الأخرى لمشاركة الشباب في الحياة السياسية تفعيل أدوارهم في المناقشات التي تتمحور حول القضايا الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية؛ فالإصغاء إلى أصوات الشباب، ومنحهم منبراً للتعبير عن آرائهم بوصفهم قوةً فاعلة لنهضة بلدانهم في الحاضر والمستقبل، يؤدّي دوراً مهمّاً في مواجهة التحدّيات التي يتعرّض لها عالمنا، مثل: البطالة، والنزاعات، والتدهور البيئي؛ عبر الاستفادة من وجهات نظرهم وأفكارهم، وتضمينها في سياسات المواجهة والحلول.
ترعى دولة الإمارات العربية المتحدة فئة الشباب؛ إيماناً منها بما يتمتّعون به من مقدرات يمكن استثمارها لتحقيق التنمية على المستوى الوطني في القطاعات كافَّة، بما فيها السياسة، ومن مظاهر إشراك الشباب في الحياة السياسية في الإمارات إنشاء المؤسسة الاتحادية للشباب عام 2018؛ لتفعيل مشاركة الشباب وتواصلهم مع سُلطات الحكومة في الدولة.
وكانت الإمارات سبّاقة في تعيين أصغر وزيرة في العالم في منصب وزير دولة للشباب، وتحديداً في عُمر 22 عاماً، وتحرص الدولة عبر سياسة إشراك الشباب إلى تضمين صوت الشباب في مختلف القضايا على الأصعدة الإقليمية، والوطنية، والمحلّية؛ تبعاً لثلاث ركائز أساسية، وهي: الاستماع إليهم، وجمع البيانات، ووضع الشباب في جوهر الاستراتيجية التنموية للدولة.
ومن المظاهر الأخرى للمشاركة السياسية لهذه الفئة الفتية في الإمارات تعيين الشباب في مجالس إدارات الجهات الاتّحادية؛ إذ أصدر مجلس الوزراء في يونيو 2019 قراراً مُلزِماً بمشاركة عضو واحد على الأقلّ من الشباب الإماراتي الذين لا تتجاوز أعمارهم 30 عاماً في مجالس إدارات الجهات والمؤسسات والشركات الحكومية، ويتولّى الأعضاء الشباب مسؤوليات عِدَّة، منها: ابتكار الحُلول لمُجابَهة القضايا الوطنية، والمساهمة في تمكين الشباب في القطاعات كلّها، وبالسُّبل المختلفة.
وإضافة إلى ذلك، يشارك الشباب في الوفود الرسمية التي تمثّل دولة الإمارات في مختلف دول العالم، ويؤدّون أدواراً فاعلة في مجالس الشباب التي تُمثّل مبادرة أنشأتها حكومة دولة الإمارات في عام 2017 لتكون الأولى من نوعها، وتسهم في توفير منصّة للشباب؛ للتعبير عن وجهات نظرهم، والسعي إلى تلبية مُتطلّباتهم في عملية صناعة القرارات الحكومية.
تُولي إمارة الشارقة بدعم ورعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، اهتماماً واسعاً بفئة الشباب، تأكيداً على أهميتهم في صنع القرارات وخدمة المجتمع ضمن القضايا التي تهم هذه الفئة تحديداً، وتأهيلهم لممارسة العمل البرلماني في مقتبل العمر.
ويأتي "مجلس شورى شباب الشارقة" الذي انطلقت دورته الأولى عام 2005 بتوجيهات سامية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، دليلاً بارزاً على استثمار الإمارة بفئة الشباب، ويهدف المجلس إلى تقديم تدريب عملي لفئة الشباب في سن 13 إلى 16 عاماً حول مبادئ وأصول العمل البرلماني، وتشجيع أبناء وبنات الإمارة على التعبير عن آرائهم وتطلعاتهم نحو المستقبل، وتمكينهم من المشاركة بفاعلية وقوة في الحياة السياسية مستقبلاً.
المراجع
[1] aceproject.org, The importance of youth participation in formal political processes
[2] dergipark.org.tr, THE POSITION OF THE YOUTH IN POLITICAL PARTICIPATION
[3] nimd.org, Youth in politics
[4] u.ae, سياسات الشباب
[5] u.ae, الشباب
[6] mfnca.gov.ae, المشاركة السياسية