جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,

الأم مدرسة العلماء

05 نوفمبر 2024 / 9:57 AM
الأم مدرسة العلماء
download-img
الأمومة هي من أسمى معاني التضحية والحب، تزرع في الأبناء القيم النبيلة وترشدهم إلى الطريق القويم، لتكون الداعم الأول في بناء الشخصية وتنمية المعرفة، ومن أمثلة ذلك والدة الإمام أحمد بن حنبل ووالدة الإمام سفيان الثوري "رحمهما الله".
والدة الإمام أحمد بن حنبل "رحمها الله"

الإمام أحمد بن محمد بن حنبل "رحمه الله"، هو شيخ الأئمة، رفيع القدر والهمة، تعهدته أمه صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني "رحمها الله" بحسن التربية والإعداد لخوض غمار العلم الشرعي منذ نعومة أظفاره، خاصة وأنه قد نشأ يتيماً، فقد توفي والده وعمره ثلاث سنوات. 

ويقول الإمام أحمد بن حنبل "رحمه الله": "سمعت أمي تقول: لما قدمنا نهروان في مجيئنا من خراسان من مرو، فإذا بأعرابي على جسر نهروان على ناقته فقال لي: يا امرأة احفظي ما في بطنك فسيكون له شأن، فلما أن قدمت بغداد وضعته". 
 
وكان حِفظُ الإمام أحمد للعلم من ذلك الزمان غزيراً، وعِلمهُ به متوافراً، وربما يريد البكور فتأخذ أمه ثيابه وتقول: "حتى يؤذن الناس، أو حتى يصبحوا وقد اختارت أسرته له منذ صباه أن يكون رجل دين، فوجهته إلى حفظ القرآن الكريم، فاستحفظه وأتقنه".

وكانت أمه "رحمها الله" تنفق عليه من مال ضئيل تركه له أبوه ببغداد مكون من عقار يسكنه وآخر يغله غلة ضئيلة.  

وكان من حسن تربيتها أنه يضرب به المثل في حسن الخلق والسلوك، ذكر ابن الجوزي عن أبي سراح بن خزيمة -وهو ممن كان مع أحمد في الكُتاب- أن أبي جعل يعجب من أدب أحمد، وحسن طريقته، فقال لنا ذات يوم:" أنا أنفق على ولدي وأجيئهم بالمؤدبين على أن يتأدبوا فما أراهم يفلحون، وهذا أحمد بن حنبل غلام يتيم، انظر كيف يخرج!".

رحم الله أم الإمام أحمد، التي أهدت إلى دُنيا المؤمنين، وعالم الموحدين إمام أهل السنة.          

والدة الإمام سفيان الثوري "رحمها الله"

يعد سفيان الثوري من فقهاء العرب ومحدثهم، وأمير المؤمنين في الحديث، طلب العلم وهو حدث باعتناء والده المحدث الصادق سعيد بن مسروق الثوري، وما لبث والده أن توفى سنة ست وعشرين ومائة، فتربي سفيان في حجر والدته، وقد كانت أمٌ صالحة تكفلت بتربيته والإنفاق عليه فكان ثمرتهـا. 

بل والأكثر من ذلك، كانت أم سفيان من النساء الحصيفات التقيات، لقد كانت ذات عقل وتقوى، ومن عقلها وتقواها أنها كانت تتعهده بالنصح والوعظ لتحضه على تحصيل العلم.

ويقول وكيع بْن الجراح: "قَالَتْ أم سُفْيَان الثَّوْرِي لسفيان: يا بني اطلب العلم وأنا أكفيك من مغزلي، يا بني إِذَا كتبت عشرة أحاديث فانظر هل ترى فِي نفسك زيادة فِي مشيتك وحلمك ووقارك؟، فإن لم تر ذلك فلا تتعبن نفسك". 

فكانت "رحمها الله" حريصة على أن تفرغ ابنها لطلب العلم، وكذلك هي لا تبحث عن الثراء وراء طلب ابنها للعلم، إنما تفكر في أن يزداد من الخير في نفسه.

فكان ذلك حافزاً له أن يتعلم العلم استجابة لرغبة أمه، وما أن دخل في مرحلة الشباب لم يرتض على نفسه أن تعوله أمه بمغزلها إنما اتجه "رحمه الله" إلى دعاء ربه أن يكفيه أمر الرزق. 

إذ قال الثوري: "لما هممت بطلب الحديث، ورأيت العلم يُدرس، قلت: أي رب إنه لابد لي من معيشة، فاكفني أمر الرزق، وفرغني لِطلبه، ثم يكمل حديثه فيقول: "فتشاغلت بالطلب فلم أر إلا خيراً إلى يومي هذا".

وهكذا استمر الثوري ينهل من العلم حتى أصبح عالماً محدثاً مفسراً فقيهاً، له مذهبه المعتمد.

قال سفيان بن عيينه: "ما رأيت أحد أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري". رحم الله أم الإمام الثوري رحمة واسعة. 

وللحديث بقية أن شاء الله
November 05, 2024 / 9:57 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.