جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,

السفر عبر العوالم بين الأساطير والعلوم الحديثة

31 أكتوبر 2024 / 9:30 AM
السفر عبر العوالم بين الأساطير والعلوم الحديثة
download-img
لقد كان مفهوم السفر بين العوالم يثير اهتمام البشرية لآلاف السنين، فمن الأساطير القديمة والمعتقدات الدينية إلى الخيال العلمي الحديث، كانت فكرة الأكوان المتوازية، أو الحقائق البديلة، أو الأبعاد المختلفة تمامًا تأسر الخيال، لطالما كان البشر فضوليين بشأن ما يكمن وراء الكون المرئي والملموس، ومع تقدم العلم، تطور هذا الفضول من رواية القصص الخيالية إلى استكشاف نظري جاد، مما أثار السؤال: هل يمكننا حقًا السفر بين العوالم، أم أنه خيال بعيد المنال إلى الأبد؟
ففي العصور القديمة، كانت العديد من الثقافات تؤمن بوجود عوالم أخرى، غالبًا ما يسكنها الآلهة أو الأرواح أو المخلوقات الصوفية، وكانت هذه العوالم تعتبر عادةً قابلة للوصول من خلال الممارسات الروحية، أو الأحلام أو الموت بدلاً من السفر المادي، فعلى سبيل المثال، تحدثت الأساطير المصرية عن Duat، وهو عالم خفي للموتى تعبره الروح بعد الموت. 

وفي الأساطير الإسكندنافية، يربط Bifröst، وهو جسر قوس قزح، عالم البشر في Midgard بعالم Asgard الإلهي، وتعكس هذه القصص المبكرة اعتقادًا بشريًا متجذرًا بعمق بوجود عوالم أخرى وأنه قد يكون من الممكن السفر بينها، ومع ذلك، غالبًا ما يُنظر إلى مثل هذه الرحلات على أنها ميتافيزيقية وليست مادية.

ولقد أخذ العلم الحديث هذه الأفكار القديمة، ومن خلال عدسة الرياضيات والفيزياء، حولها إلى مفاهيم أكثر تعقيدًا وتطلبًا فكريًا، وتعد إحدى أكثر الأفكار العلمية إثارة للاهتمام والتي تتوافق مع فكرة العوالم الأخرى هي تفسير العوالم المتعددة لميكانيكا الكم، حيث اقترح هذا التفسير لأول مرة هيو إيفرت في عام 1957، ويشير هذا التفسير إلى أن كل حدث كمي يؤدي إلى تفرع الكون، مما يخلق عوالم موازية تتطور بشكل مستقل عن بعضها البعض. 

وفي هذا الرأي، لا يوجد الكون ككيان مفرد بل كمجموعة واسعة لا نهائية من الحقائق، حيث تحدث كل نتيجة محتملة لكل حدث في عالمها المميز، في حين أن تفسير العوالم المتعددة مقنع، فلا يوجد دليل تجريبي يؤكده، ولا توجد أي طريقة ثابتة للسفر بين هذه العوالم. 

وتظل النظرية احتمالاً مثيراً للاهتمام ولكنه غير مثبت، وغالبًا ما تتم مناقشته في الدوائر النظرية ولكن بعيدًا عن التطبيق العملي، ومع ذلك، تظل فكرة وجود نسخ متعددة من الواقع حجر الزاوية في الخيال العلمي والفكر المضاربي، مع وجود عدد لا يحصى من الكتب والأفلام والبرامج التلفزيونية التي تستكشف تداعيات التنقل بين هذه الأكوان المتوازية.

وهناك مفهوم آخر يقدم بوابة محتملة لعوالم أخرى هو الوجود النظري للثقوب الدودية، هذه الأنفاق الافتراضية عبر الزمكان هي حلول لمعادلات أينشتاين للنسبية العامة، وتشير إلى إمكانية السفر الفوري بين نقاط بعيدة في الكون أو حتى بين أكوان مختلفة، وغالبًا ما يتم تصوير الثقوب الدودية على أنها اختصارات عبر المكان والزمان، مما يسمح للمسافرين بتجاوز المسافات الهائلة التي تفصل عادة بين النجوم والمجرات. 

ومن الناحية النظرية، إذا كان أحد طرفي ثقب دودي يقع في كون والطرف الآخر في عالم مختلف، فقد يسمح ذلك بالسفر بين الأكوان، ومع ذلك، مثل تفسير العوالم المتعددة، تظل الثقوب الدودية نظرية بحتة، لم يتم رصد أي ثقوب دودية، وحتى لو كانت موجودة، فإن التحديات العملية لاستخدامها للسفر هائلة. 

إن إنشاء أو تثبيت ثقب دودي يتطلب التلاعب بالزمكان على نطاق يتجاوز قدراتنا التكنولوجية الحالية، والأمر الأكثر صعوبة هو أن القوى الجاذبية الهائلة المعنية قد تدمر أي شيء يحاول المرور من خلاله، وفي حين أن الثقوب الدودية هي جهاز شائع في الخيال العلمي، إلا أنها تظل في عالم التكهنات بقدر ما يتعلق الأمر بالفيزياء في العالم الحقيقي.

وبالإضافة إلى الثقوب الدودية والعوالم الموازية، هناك نظرية علمية أخرى تشير إلى وجود عوالم أخرى وهي نظرية الأوتار، حيث يحاول هذا الإطار الطموح التوفيق بين النظريات المتضاربة ظاهريًا لميكانيكا الكم والنسبية العامة من خلال افتراض أن جميع الجسيمات الأساسية، هي في الواقع أوتار صغيرة مهتزة، وتحدد اهتزازات هذه الأوتار خصائص الجسيمات، مثل كتلتها وشحنتها، وتتطلب نظرية الأوتار وجود أبعاد إضافية تتجاوز الأبعاد الأربعة المألوفة للمكان والزمان. 

وفي الواقع، تتنبأ نظرية الأوتار بوجود ما يصل إلى 11 بُعدًا، وكثير منها "مُلتف" أو مضغوط إلى أحجام صغيرة جدًا، بحيث لا يمكننا اكتشافها، وإذا كانت هذه الأبعاد الإضافية موجودة، فقد تكون موطنًا لحقائق مختلفة تمامًا أو أكوان موازية. 

وبينما نحن غير قادرين حاليًا على التفاعل مع هذه الأبعاد أو حتى ملاحظتها، فإن نظرية الأوتار تثير احتمالًا مثيرًا للاهتمام بأن كوننا ليس سوى جزء صغير من بنية متعددة الأبعاد أكبر بكثير. 

فهل يمكن أن تكون هناك طريقة للوصول إلى هذه الأبعاد المخفية؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد توفر طريقًا إلى عوالم أخرى أو حقائق بديلة موجودة.
October 31, 2024 / 9:30 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.