فوائد تعليم البرمجة للأطفال في عصر التكنولوجيا

وبحسب دراسة تجريبية نُشِرت في مجلة (International Journal of Child-Computer Interaction) عام ،2022 عن تعلُّم البرمجة في مرحلة الطفولة المُبكِّرة من عُمر 3-8 سنوات، فقد أظهرت النتائج فوائد إيجابيَّة لتعليم الأطفال الصغار البرمجةَ، وإن جرى استخدام التقنيات والاستراتيجيات المناسبة، فإنّ تعلُّم البرمجة يُعزِّز الإبداع والابتكار لديهم.

وفي ما يأتي توضيح أبرز الفوائد المُكتسَبة من تعليم البرمجة للأطفال:

تنمية التفكير المنطقي وحلّ المشكلات

يتعرَّض الأطفال أثناء تعلُّمهم البرمجة للعديد من الصعوبات التي تُعزِّز فيهم روح التحدّي، وتُعلِّمهم الصبر على المواقف الصعبة، وعدم الاستسلام، إلى جانب التعامل مع التحدّيات بطرق مختلفة، ووضع الخطط التي تسهم في حلّ المشكلات؛ عبر تعلُّم التفكير الحاسوبي (Computational Thinking) وإتقانه؛ وهو آليّة للتعبير عن المشكلات المُعقَّدة، وتقسيمها إلى أجزاء بسيطة عِدَّة تُمكِّن المُبرمِج من إيجاد حلّ لكلٍّ منها على حِدَة.

ويرتبط التفكير الحاسوبي مباشرة بالخوارزميات التي تُمثِّل سلسلة خطوات منطقية تُستخدَم لحلّ مشكلة مُعيَّنة، بحيث تؤثّر الخطوة السابقة في الخطوة التي تليها، وتُطبَّق خلال البرمجة على الحاسوب بالمبدأ نفسه؛ فمثلاً، في خوارزمية جَمع رقمَين، تتمثَّل الخطوة الأولى بكتابة الرقمَين؛ الأول، والثاني، أمّا في الخطوة الثانية، فتُكتَب معادلة الجمع لكليهما، بينما تتعلَّق الخطوة الأخيرة بإيجاد حاصل الجمع، وإظهار الناتج.    

تحسين المهارات الحسابية

تُحسِّن البرمجة مهارات الرياضيات والحساب لدى الأطفال؛ عبر اللَّعِب الحماسي، واستغلال المهارات الأساسية التي يمتلكها الطفل مُسبَقاً، مثل: الجمع، والطرح، وغيرها، وربطها بالبرامج والتطبيقات العملية المختلفة لتعليم البرمجة للأطفال؛ بحيث يُمكنهم كتابة أكواد بسيطة؛ لإجراء بعض الحِسابات الرياضية، ثمّ تجربة قِيَم مختلفة للمُتغيِّرات، ومعرفة كيف يُؤثِّر ذلك في النتيجة.

تعزيز الإبداع والابتكار

تُساعد البرمجة الطفلَ على التفكير خارج الصندوق، واكتشاف أساليب غير تقليدية تُحقِّق الهدف؛ عبر اللَّعِب، وإجراء التجارب، وتطبيق الأوامر الأساسية للبرمجة على الحاسوب؛ باستخدام البرامج والألعاب التعليمية العديدة، وباستخدام لغات البرمجة المختلفة، ومنها المُصمَّمة خِصِّيصاً للأطفال، مثل لغة سكراتش (Scratch).

ومن هنا، يتعلَّم الطفل كتابة أكواد مختلفة، مثل: كود التحكُّم في الروبوتات، وتطوير البرامج، والتطبيقات، والألعاب، ومواقع الويب البسيطة.

التشجيع على التواصل والتعاون

قد تبدو البرمجة آليَّة مُستقِلَّة يعمل كلّ مُبرمِج فيها بمفرده، لكنَّها في الحقيقة تتطلَّب عملاً جماعياً لإنجاز المشروع بإتقان؛ لذا، يمكن تقسيم العمل بين مجموعة من الأطفال، بحيث يُؤدّي كلّ طفل دوراً مُعيَّناً، وتجري إدارة المشروع من قِبَل مبرمج رئيس، ويُشكِّل بقية المُبرمِجين الفريق المُساعد، الأمر الذي يُعزِّز قدرة الأطفال على التواصل والتفاعل فيما بينهم، ويحثُّهم على التعاون والعمل الجماعي، واحترام الأفكار والآراء وتقبُّلها؛ لضمان نجاح المشروع وتميُّزه.

محو الأُمِّية الرقمية

اكتسبت مهارات البرمجة لدى الأطفال قيمة كبيرة، وأصبح تعلُّمها يُضاهي التعلُّم الأساسيّ المُتمثِّل بالقراءة والكتابة، ويُشار إلى أنّ العصر الحاليّ شهد ظهور مُصطلح الأُمِّية الرقمية (Digital illiteracy) التي تعني الافتقار إلى المهارات التكنولوجية، وعدم القدرة على التعامل مع التكنولوجيا التي باتت منتشرة في شتّى المجالات؛ ممّا دعى إلى ضرورة تعلُّم البرمجة في سِنٍّ صغيرة بوصفه أفضل الطرق التي تساعد على مَحو الأُمِّية الرقميّة، وإنشاء جيل مُنفتح وقادر على البحث والابتكار، وعلى دِراية بالتقنيات الرقمية المُستحدَثة.

التمهيد للمستقبل الوظيفي

لا تقتصر أهمّية البرمجة وفوائدها على المتعة والتعلُّم وما سبق ذكره فحسب؛ إذ إنّها قد تغدو مهنة مُستقبليَّة يختارها الطفل عندما يكبر، وخاصَّةً إذا وجد هدفه وشغفه ونجاحه وقدرته على التميُّز والإبداع فيها، ومن جهة أخرى، فإنّ هُناك العديد من التخصُّصات البارزة في سوق العمل التي تعتمد على البرمجة، وعلى الإبداع والمهارة في الدرجة الأولى، وأهمّها: هندسة البرمجيات، والأمن السيبراني، وهي في الوقت ذاته من الوظائف الأعلى دَخلاً.

ختاماً: مختبرات تعليم البرمجة للأطفال في إمارة الشارقة

تأسَّست "مراكز ناشئة الشارقة" بتوجيهات من صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، وبإشراف قرينته سُمُوّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة ضمن "مُؤسَّسة رُبع قرن" لصناعة القادة والمُبتكِرين؛ بهدف صقل خبرات الشباب وطاقاتهم، ودعم مواهبهم واستثمارها؛ لإنشاء جيل يُواكب تطوُّرات العصر الحديث ومُتطلَّباته، ويسعى إلى التعلُّم، وتطوير الذات، واستغلال الفرص؛ لدعم المجتمع وبنائه.

وتضمّ "مراكز ناشئة الشارقة" مختبرات برمجة تُوفِّر بيئة تعليمية عالية المستوى للأطفال؛ للتدرُّب على برمجة الروبوت، وتعلُّم تقنيات البرمجة الأخرى؛ باستخدام البرامج المُتطوِّرة التي تُكسِبهم المعرفة، وتصقل مهاراتهم، وتُنمّي قدراتهم، بإشراف كادر مُتميِّز من المُختَصِّين داخل مرافق تعليمية جَذّابة ومناسبة.

بالإضافة إلى إتاحة الفرص المناسبة للطلبة؛ للمشاركة في مسابقات البرمجة والروبوت على الصعيدَين؛ المحلّي، والدولي؛ بقصد تنمية روح المنافسة والتحدّي لديهم، وحَثّهم على الابتكار والإبداع.

المراجع   

[1] potomac.edu, CODING FOR STUDENTS: BENEFITS OF TEACHING CODING IN SCHOOL
[2] tech bootcamps.utexas.edu, 7 Reasons Why Kids Should Learn to Code
[3] fielding.edu, Coding prepares kids to be better problem-solvers in the real world.
[4] create-learn.us, What Is Coding For Kids?
[5] shjyouth.ae, مختبرات البرمجة