يعد المعجم التاريخي للغة العربية أحد الإنجازات الكبرى في تاريخ اللغة، حيث يسعى إلى توثيق كل كلمة عربية وتحليلها وفقاً لمراحل تطورها المختلفة، مما يتيح لنا فهماً أعمق لهذه اللغة العظيمة، من خلال دراسة أصول الكلمات وتأثليها وسياقات استخدامها.
وهذا النوع من المعاجم ليس مجرد أداة لفهم المعاني اللغوية، بل هو سجل حي يعكس التحولات التاريخية والاجتماعية والثقافية التي مرت بها اللغة عبر العصور، فالكلمات التي استعملها العرب في الماضي تختلف في دلالاتها وتطوراتها عن الكلمات المستعملة في العصر الحديث، والمعجم التاريخي يكشف لنا هذه الفروق الدقيقة.
كما أن هذا المعجم يشكل أداة مهمة لدراسة تأثير اللغات الأخرى على اللغة العربية، من خلال توثيق الكلمات الدخيلة ومعرفة مصدرها وزمن دخولها في الاستعمال العربي، فهو لا يسهم في الحفاظ على التراث اللغوي فقط، بل يعزز مكانة اللغة العربية في العالم ويضعها في مصاف اللغات التي تملك سجلات تاريخية موثوقة.
والمعجم التاريخي للغة العربية تأثيليٌ تاريخيٌ عربي، يحتوي كل كلمة أصيلة ودخيلة، ويُذكر أصلها، وتواريخ ومصادر استعمالها عبر الأجيال المتعاقبة، فالمعجم التاريخي يتضمن ذاكرة كل لفظ من ألفاظ اللغة العربية تسجل الموجود من المعلومات وصحتها.
وعلى قدر ما خلفه علماء اللغة العرب القدامى، فإن اللغة العربية ما تزال تعاني اليوم قصوراً معجمياً مقارنة باللغات العالمية الحية، ومن ملامح هذا القصور، غياب المعجم التاريخي للغة العربية، ولكن مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أتت في وقتها المناسب؛ لتسد هذا القصور، وتغلق ثغرة هذا الغياب.
فحتما سيسهم إنجاز هذا المشروع الثقافي في الارتقاء باللغة العربية إلى مصاف اللغات العالمية، التي تمتلك معاجم تاريخية متجددة، كالإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية.
إن ما يميز هذا المعجم التاريخي للغة العربية تفرده بالتأريخ، فهو سجل لغوي يؤرخ قصة اللغة، ويبين شجرة النسب اللغوية لكل كلمة وكيف تفرعت الأصول وتطورت وأنجبت أجيالاً من الألفاظ والدلالات عبر العصور.
والمعجم التاريخي للغة العربية يعدُّ معجم المعاجم، ومرجع المراجع للأكاديميين والباحثين واللغويين، إذ يمكِّن الشعوب من فهم لغتها، ويسهل الفهم الصحيح لتراثها الفكري والعلمي والحضاري.
For an optimal experience, please
