أسباب وأنواع الجرائم الإلكترونية وسبل مكافحتها

ما هي الجرائم الإلكترونية؟ 

يُطلَق على الجرائم الإلكترونية أيضاً مصطلح الجرائم السيبرانية "Cybercrime"، وتُعرف بأنَّها أنشطة وأفعال غير قانونيَّة تُجرى عبر الإنترنت وتستهدف المعلومات والبيانات الرقمية الخاصة بالأفراد أو الشركات أو الحكومات؛ باستخدام أجهزة الكمبيوتر، أو جهاز مُتَّصل بالشبكة؛ كأداة رئيسة لارتكاب هذه الجرائم التي تشمل الاحتيال، أو التعدّي على الملكيّة الفِكرية للضحايا، أو سرقة هويّاتهم الفردية، أو انتهاك خصوصيّتهم، أو استغلال الأطفال.

ويجدر التنويه إلى أنّ الجرائم الإلكترونية بأشكالها المُتنوِّعة لا تمسّ الجسم المادّيّ للإنسان، إلّا أنّها مع ذلك تحدث على الجسم الافتراضيّ له، وتُلحِق الضَّرر به؛ ففي العصر الرقميّ يكون للإنسان هويّةٌ فرديّةٌ افتراضيّةٌ تُمثِّله في العالم الرقميّ، وأيّ مساس بها لا يقلّ أهمِّيةً عن المساس بجسمه المادّي الحقيقيّ. 

ما هي أسباب الجرائم الإلكترونية؟ 

إيقاف الجرائم الإلكترونية بشكل كامل أمر صعب؛ بسبب التقدُّم التكنولوجي المُتَزايِد في العصر الحديث، إلّا أنّ فهم العوامل المُسبِّبة لها يمكن أن يُسهم في التقليل من مخاطرها وآثارها السلبية، ومن أبرز هذه العوامل وجود ثغرات ونقاط ضعف في الأنظمة الأمنية؛ نتيجة إهمال تحديث برامج الحماية من الفيروسات وأنظمة التشغيل، وقلَّة الوعي الأمنيّ لدى الأفراد، وتجاهلهم لمشكلات الأمان الأساسية؛ كضرورة تحديث كلمات المرور، وتجنُّب النقر على الروابط المشبوهة أو مجهولة المصدر.

ومن العوامل المُسبِّبة لذلك أيضاً، تمكُّن المجرمين الإلكترونيِّين من إخفاء هويَّاتهم بسهولة، ممّا يجعل تتبُّعهم، وتحديد هويّاتهم بدقَّة أمراً صعباً، بالإضافة إلى ظهور تقنيات حديثة سهَّلت تنفيذ الجرائم الإلكترونية؛ كالذكاء الاصطناعي وغيره، وعدم وجود عقوبات صارمة تردع مُرتكِبِي هذه الجرائم في بعض الدُّول، إلى جانب سهولة الوصول إلى المعلومات والبيانات الخاصَّة بالضحايا؛ كموقع وجودهم، وعناوين منازلهم، وغيرها من العوامل.

أمّا الأسباب التي تدفع الجُناة إلى ارتكاب الجرائم الإلكترونية -أو بمعنى آخر أهداف ارتكابهم إيّاها-، فإنَّها تتمحور عادةً حول المكاسب المادِّية؛ من خلال سرقة البيانات الشخصيَّة للضحايا، وابتزازهم وتهديدهم بواسطتها، أو اختراق الحسابات المصرفيَّة، أو نشر برامج الفِدية، وغيرها، وقد يكون ارتكاب مثل هذه الجرائم أيضاً بهدف إتلاف أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة المُستهدَفة وتعطيلها، أو بهدف نشر البرامج الضارَّة، أو الموادّ والمعلومات غير القانونية لأهدافٍ مُتنوِّعة؛ كأن تكون أهدافاً سياسيَّة تجسُّسيّة أو تخريبيّة، أو بهدف التطفُّل، والاعتداء على الخصوصية.

ملاحظة: بهدف تقليل فُرَص اكتشافهم ومُلاحَقَتهم قانونيّاً، يُفضِّل المجرمون الإلكترونيّون غالباً العمل في دُوَل تفتقر إلى وجود قوانين وتشريعات قويّة وصارمة فيما يتعلَّق بالجرائم الإلكترونيَّة.

ما هي أنواع الجرائم الإلكترونية؟ 

تتنوَّع الجرائم الإلكترونيَّة بشكلٍ واسع، وتشمل العديد من التصنيفات التي تتراوح بين الاحتيال، والاختراقات، والتجسُّس، والتلاعب بالبيانات، وغيرها، وفيما يأتي توضيح لأبرزها:

الاحتيال الإلكتروني

يتضمَّن الاحتيال الإلكترونيّ أشكالاً مختلفة من الاحتيال عبر الإنترنت، مثل عمليات الاحتيال عبر البريد الإلكتروني؛ كإرسال رسائل مُضلِّلة للمُستلِمِين بهدف الوصول إلى بياناتهم الشخصية الحسّاسة، والاحتيال عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي يتضمَّن انتحال الهويّات الشخصية والمتاجر الوهمية وغيرها، والاحتيال المصرفيّ؛ كالاحتيال على بطاقات الائتمان، وأجهزة الصرّاف الآلي، والاحتيال في التجارة الإلكترونية؛ كأن يتسلَّل القراصنة إلى أنظمة تجّار التجزئة للحصول على معلومات بطاقات الائتمان، أو المعلومات المصرفيّة الخاصَّة بعُمَلائهم.

الهجمات الإلكترونية 

يشمل هذا النوع من الجرائم الإلكترونية الوصول غير المُصرَّح به إلى الأجهزة الخاصَّة بالضحايا؛ بهدف سرقة البيانات، أو تعطيل الخدمات، أو التسبُّب في الضرر لهم، وهي تشمل هجمات البرامج الخبيثة أو الضارَّة "Malware" التي تُؤدّي إلى إتلاف أنظمة الكمبيوتر والتلاعب بها؛ من خلال إدخال الفيروسات، أو أحصنة طروادة، أو برامج التجسُّس إلى النظام، بالإضافة إلى هجمات برامج الفِدية، وهجمات حجب الخدمة "DDoS"، وغيرها. 

التجسس الإلكتروني

يتضمَّن التجسُّس الإلكتروني اختراق الأنظمة أو الشبكات التابعة لحكومةٍ، أو شركةٍ، أو مُنظَّمةٍ؛ بهدف الوصول إلى البيانات والمعلومات الحسّاسة الخاصَّة بها من خلال تقنيات التجسُّس الرقمي؛ كاستخدام القرصنة عبر الإنترنت، أو هجمات البرامج الضارَّة، أو أيّ نوع من الهجمات الإلكترونية التي تجمع البيانات، أو تُعدِّلها، أو تُتلِفها؛ لغايات الحصول على ميزة تنافُسيَّة على شركة أو كيان حكوميّ، أو التجسُّس على فرد أو مجموعة مُعيَّنة؛ بواسطة استهداف كاميرات الويب مثلاً، أو رسائل البريد الإلكتروني، أو الرسائل النصِّية، وغيرها. 

التنمر الإلكتروني

تتضمَّن مُضايقة الجاني الضحايا، والتسلُّط عليهم، ومطاردتهم عبر الإنترنت أفعالاً تهدف إلى تخويفهم أو إيذائهم؛ كابتزازهم بمعلومات سرِّية خاصَّة بهم، وتهديدهم بنشرها، علماً بأنَّ هذا النوع من الجرائم الإلكترونية ينتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، والمُنتَدَيات، وتطبيقات المُواعَدة، ومن المُمارَسات التي تندرج ضمن التنمُّر الإلكتروني إرسال رسائل غير لائقة إلى الضحايا، أو نشر صُوَرهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم دون إذنٍ منهم، أو توجيه تهديد واضح لهم.

ويتعرَّض الأطفال بشكل خاصّ لهذا النوع من الجرائم الإلكترونية، فيقعون ضحايا للتخويف، والاستغلال، وسرقة الهويّة، وخاصَّة عند عدم حمايتهم ومُراقَبَتهم من قِبَل ذَويهم. 

الإرهاب الإلكتروني

يُمكن أن تُستخدَم التكنولوجيا الرقمية، مثل الأجهزة، والشبكات؛ لتنفيذ أعمال إرهابية تُسبِّب الضرر والفزع للأفراد، أو المُؤسَّسات، أو الحكومات؛ من خلال تعطيل البنية التحتيّة الرقميّة، أو سرقة المعلومات الحسّاسة، أو نشر الدعاية الإرهابيّة أو المعلومات المُضلِّلة، ويهدف هذا النوع من الجرائم الإلكترونية إلى تحقيق أهداف سياسية، أو اجتماعية، أو ثقافية؛ من خلال استغلال الثغرات، ونقاط الضعف في الأنظمة الأمنية الرقمية، والانتشار الواسع لتكنولوجيا المعلومات.

ما هي سبل مكافحة الجرائم الإلكترونية؟ 

تُشكِّل الجرائم الإلكترونية في عصرنا الحالي تهديداً خطيراً للأفراد، والشركات، والهيئات الحكومية؛ إذ يمكن أن تؤدّي إلى خسائر مالية كبيرة، بالإضافة إلى قدرتها على إلحاق الضرر بالسُّمعة، وتعريض السِّجِلّات والبيانات الحسّاسة للخطر، ومع تقدُّم التكنولوجيا، وتزايُد اعتماد الأشخاص على الأجهزة الإلكترونية والشبكات الرقميَّة، فإنَّ تهديد الجرائم الإلكترونية في تزايُدٍ مُستمِرّ، ممّا يجعل اتِّخاذ خطوات صارمة للحماية منها أمراً أكثر أهمِّية من أيّ وقتٍ مضى. 

ومن أبرز الأمور التي يجب اتِّباعها لمُكافَحة الجرائم الإلكترونية الوعي الجيِّد بالأمن السيبراني، ممّا يؤدّي إلى زيادة القدرة على التعرُّف إلى الجرائم الإلكترونية في وقتٍ مُبكِّر، ومنع تَفشِّيها، والاهتمام بتحديث التطبيقات والأنظمة وبرامج الحماية الخاصَّة بالأجهزة؛ فمن شأن ذلك أن يمنع معظم القراصنة من الوصول إلى الأنظمة باستخدام الثغرات ونقاط الضعف المعروفة.

ويمكن للأفراد حماية أنفسهم من خطر الجرائم الإلكترونية من خلال عِدَّة طُرُق، من أبرزها استخدام كلمات مرور قوية للحِسابات الشخصيَّة وتغييرها باستمرار، وتجنُّب تثبيت تطبيقات غير موثوقة، وعدم النقر على روابط مجهولة المصدر، وتعديل خصوصية المعلومات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي لتكون خاصّة بالمُستخدِم نفسه فقط.

وينبغي على الشركات والمُنظَّمات أيضاً وضع خُطَّة نسخ احتياطيّ واسترداد قويّة؛ بهدف استرداد بياناتها المُهِمَّة بسهولة إن فُقِدَت، وتقليل احتمالية وقوعها كضحيّة لبرامج الفِدية؛ كأن تتمتَّع بإمكانات الاسترداد دون اتِّصال بالإنترنت، وأن تكون مَحمِيَّة بأدوات أمان مُتميِّزة؛ حتى لا يتمكَّن المجرمون الإلكترونيّون من الوصول إليها بسهولة.

وختاماً، على الرغم من أنّ التقدُّم التكنولوجي أسهم في توسُّع الجرائم الإلكترونية بشكلٍ كبير، إلّا أنَّه مع ذلك يقدّم الكثير من الحلول التي تساعد في ردعها ومُكافَحَتها، وتأمين الأجهزة والشَّبكات الخاصَّة بالمُستخدِمِين، والأمر يتطلَّب بعض الوعي والحِرص على البحث والتعلُّم المُستمِرّ، واستخدام أفضل طرق الحماية لنحمي أنفسنا وأطفالنا ومُؤسَّساتنا من قراصنة الإنترنت، مع التنويه إلى ضرورة إبلاغ السُّلُطات المسؤولة عن مُكافَحَة الجرائم الإلكترونية عند التعرُّض لمثل هذه الجرائم.

المراجع 

[1] britannica.com, cybercrime
[2] techtarget.com, cybercrime
[3] norton.com, 11 ways to help protect yourself against cybercrime
[4] indonet.co, FACTORS CAUSING CYBER CRIMES TO EASILY OCCUR 
[5] proofpoint.com, What Is Cyber Crime?