جار التحميل...
فما المقصود بهذين المصطلحين؟ وهل يقودان إلى نجاح حقيقي؟
عند اتخاذ قرار بفتح مشروع خاص لتحقيق هدف معين، فلا بدّ أن يكون صاحبه مُلمّاً باستراتيجيات التسويق سواءً التسويق الرقمي أو التقليدي، وعلى دراية كاملة بتفاصيل هذا العالَم الواسع، وقد تتردّد على مسامعه عِدّة مفاهيم؛ كالتسويق الشبكي، والتسويق الهرمي، فيشعر للوهلة الأولى أنهما متشابهان، ولكنّه يجد بعد التعمّق أكثر أنّ هناك فروقات عدّة بينهما، تتمثل بما يأتي:
يعرف التسويق الشبكي "Network Marketing" بأنه طريقة تسويقية لبيع المنتجات للمستهلكين من خلال مندوبي المبيعات، ويعتمد على بناء شبكة من المندوبين لتسويق الخدمات أو المنتجات وبيعها، فيعملون بشكل مستقلّ -غالباً من المنزل-، ويمكن لكلّ شخص في الشبكة أن يكسب عمولة أو مكافأة بحسب نسبة مبيعاته، ويجدر بهذا الشخص أن يكون قادراً على جذب المزيد من الموزّعين للانضمام إلى الشبكة وتوسيعها بهدف زيادة المبيعات.
أما التسويق الهرمي "Pyramid Schemes"، فهو أسلوب تسويقي يتّخذ من شكل الهرم طريقة لتطبيقه؛ ويتمثّل ذلك بوجود موزّع رئيسي -وهو الشركة الأم- يوجّه الجهود التسويقية والمبيعات للموزعين الذين يكونون تحت قيادته، وكل موزع من هؤلاء يحاول جذب موزعين جدد؛ أي أنّ المسوّقين يبيعون المنتجات، وبنفس الوقت يجذبون أشخاصاً آخرين ليصبحوا جزءاً من فريقهم، ويحصل الموزّعون في هذا النوع من التسويق على عمولة أو مكافأة عند ضمّ موزّعين جدد تحت قيادتهم وليس على بيع المنتجات، وهكذا تستمرّ العمليّة في تدرّج هرمي.
مَن يعمل في التسويق الشبكي يحصل على الأرباح بصورة أساسية مقابل بيع المنتجات أو تقديم الخدمات للعملاء، بينما في التسويق الهرمي يكون الحصول على الأرباح مقابل تجنيد أشخاص جدد يشكّلون مستوى جديداً من الهرم، وليس مقابل بيع المنتجات، وهذا يعني أنّ مستويات معينة من الهرم هي القادرة على تحصيل الأموال.
يمكن القول إنّ التسويق الشبكي عملية مشروعة بما أنّ الحصول على الأموال فيه من الأساس يكون عن طريق بيع المنتجات أو الخدمات وتنميتها، لكنه قد يصبح غير مشروع إن كان التركيز على تجنيد أشخاص جدد وليس على البيع، وحينها يُطلق عليه اسم التسويق الهرمي الذي يتفق أغلب المختصين على أنّه أسلوب احتيالي وغير قانوني؛ إذ سيصل الأمر إلى درجة يستحيل فيها توظيف أشخاص جدد، وسيتوقف العمل، أما الأشخاص الذين انضموا حديثاً وأصبحوا في قاعدة الهرم فلن يحصلوا على أيّة أرباح أو فوائد.
وبصورة عامة، يعدّ كلٌّ من التسويق الهرمي والتسويق الشبكي في العديد من الدول العربيّة وجهَين لعملة واحدة، وهما غير مشروعَين وغير مقبولَين قانونيّاً.
في التسويق الشبكي، لنفترض أنّ هناك شركة تبيع منتجات للعناية بالبشرة، وقرأ أحدهم إعلاناً صادراً عنها ترغب فيه بتعيين مندوبي مبيعات جدد فقرر الانضمام إليها، وعندما توظّف في هذه الشركة بدوام جزئي تم إطْلاعه على المنتجات وجودتها وحاجة العملاء الحقيقية إليها، وطُلِب منه أن يشتري هذه المنتجات بالجملة ليبيعها فيما بعد، وتُركت له حرية اختيار الطريقة التي سيروّج لها من خلالها.
سيحرص الموظف هنا على تحقيق مبيعات عالية، وليتمكّن من ذلك ستكون أولى خطواته دعوة أصدقائه وأقاربه للشراء من تلك المنتجات، وسيحصل على عمولة عن كل عملية بيع، كما أنّ بإمكانه دعوتهم للانضمام إليه بهدف توسيع شبكة البيع، والحصول على عمولة إضافية عن بيعهم أيضاً، ولكن الهدف الأساسيّ في النهاية سيكون زيادة المبيعات وليس تجنيد أشخاص جدد.
أما إذا كانت هذه الشركة تعتمد على التسويق الهرمي، فإنّ المسوّق سيشتري منتجاتها ثم يبدأ بالتسويق لها، وحتى يستطيع تحقيق الأرباح لا بدّ له من دعوة أشخاص آخرين للانضمام إلى الشركة وشراء هذه المنتجات، وعندما تحدث عمليات الشراء هذه، سيحصل المسوّق على عمولة عن كل عملية بيع تجري من خلالهم.
وإذا دعا أحد هؤلاء الأشخاص غيرهم كما فعلَ هذا المسوّق، فإنّه سيحصل على عمولة أيضاً ولكن بنسبة قليلة، وهكذا تتكرر العملية حتى يتشكّل هرم يحصل كل مسوّق فيه على عمولة عن المبيعات التي تحدث في مجموعته، إلّا أنّ المكافأة الأساسية تكون على توظيف عدد أكبر من المشاركين الجدد، وليس على زيادة مبيعات المنتجات.
ورد في إحصائية نشرتها منصة "Gitnux" المختصة ببيانات السوق عام 2023 أنّ المبيعات السنوية لشركات التسويق الشبكي تتراوح من 300 مليون دولار إلى أكثر من 5 مليارات دولار على مستوى العالم، وهذه الأرقام دليل على الحجم الهائل للتسويق الشبكي ونطاق انتشاره على مستوى العالم على الرغم من أنّه يُعدّ تسويقاً هرميّاً وأسلوباً احتيالياً في الكثير من البلدان، كما تُسلّط هذه الأرقام الضوء على الإمكانات الهائلة للنمو والنجاح فيه، مما جعله خياراً جاذباً لرواد الأعمال والشركات على حدٍّ سواء -لمَن يُجيزون استخدامه ويرونه مشروعاً-.
وبالرغم من أنّ الدخل الذي سيحصل عليه مندوب المبيعات في التسويق الشبكي ليس مرتفعاً ولا على النحو الذي يرغب فيه بالفعل، إلّا أنّ هناك امتيازات أخرى قد تجعله ملائماً له وجيّداً؛ كالمرونة في ساعات العمل، وقدرته على وضع قواعده الخاصة بطريقة البيع، إلى جانب إمكانية حصوله على حوافز مرتبطة بأدائه.
المراجع