جار التحميل...

°C,

المشاريعُ الصغيرة وشهر رمضان..استدامة عطاء

March 28, 2024 / 10:16 AM
أقبل رمضان بخيراته وبركاته، شهر القرآن والصدقة والإحسان، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود مايكون في رمضان فكان كالريح المرسلة.
والجُودُ هو الكَرَمُ والبَذْلُ والإنفاقُ مِن غَيرِ سُؤالٍ، وقد كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أسخى النَّاسِ في العَطاءِ والإنفاقِ.

و يخبِر عَبد اللهِ بن عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان أعظَمَ النَّاسِ وأكثَرَهم جُودًا على الإطلاقِ، وكان جُوده يَبلُغ الغايةَ في شَهرِ رَمَضان، والسَّبب في زِيادةِ كَرَمِه ومُضاعَفةِ جُودِه، أمْرانِ؛ الأوَّل: التِقاؤُه بالرُّوحِ الأمينِ جِبريل عليه السَّلامُ، وهو المَلَك المُوَكَّل بالوَحْيِ، والأمْرُ الآخَر: مُدارَسة القُرآن، يقول: فلَرَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكرَمُ وأكثَرُ عَطاءً وفِعلًا لِلخَيرِ، وأعظَمُ نَفعًا لِلخَلقِ مِنَ الرِّيحِ الطَّيِّبةِ التي يُرسِلُها اللهُ بالغَيثِ والرَّحمةِ.

وفكرة المشاريع الصغيرة قديمة، وقد طبَّقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما جاءه رجل يطلب الصدقة، عن أنس بن مالك: أن رجلاً من الأنصار أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يسأله، فقال: أما في بيتك شيء؟  قال: بلى، حِلْسٌ: نَلْبَسُ بعضَه ونَبْسُطُ بعضَه، وقَعْبٌ نشربُ فيه من الماء، قال: "ائتني بهما"، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيده، وقال: "من يشتري هذين؟ " قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: "مَنْ يزيدُ على درهم؟ " مرتين أو ثلاثاً، قال رجل: "أنا آخذُهما بدرهمين"، فأعطاهما إياه، وأخذَ الدرهمين، فأعطاهما الأنصاريَّ، وقال: "اشترِ بأحدهما طعاماً، فانبِذْه إلى أهلك، واشترِ بالآخر قَدوماً فأتني به" فأتاه به، فشدَّ فيه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عوداً بيده، ثم قال له: "اذهبْ فاحتَطِبْ وبع، ولا أرَيَنَّك خمسةَ عشرَ يوماً" فذهب الرجلُ يَحْتَطِب ويبيع، فجاء، وقد أصابَ عشرةَ دراهم، فاشترى ببعضها ثوباً، وببعضها طعاماً، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - "هذا خيرٌ لك من أن تجيءَ المسألةُ نكتةً في وجهك يومَ القيامة، إن المسألة لا تَصلُحُ إلا لثلاثة: لذي فَقْرٍ مُدْقع، أو لذي غُرْمِ مُفْظِعِ، أو لذي دَمٍ مُوجِع ( أخرجة أبوداود، وابن ماجه وقد ورد من عدة وجوه).

والحديث يبين هذه الفكرة " المشاريع الصغيرة المستدامة" والتي نجح مرادها عندما عمل الصحابي المدة التي أخبره بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولن يعود يطلب الزكاة، بل ربما إذا بلغ عنده النصاب يؤدي الزكاة المفروضة عليه، وكما في الحديث: (‌الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ ‌الْيَدِ السُّفْلَى، فَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى هِيَ السائلة) أخرجه البخاري.

وقد طبق هذه الفكرة وشجعها النووي رحمه الله حيث قال: يُعْطِيَانِ مَا يَخْرُجُهُمَا مِنْ الْحَاجَةِ إلَى ‌الْغِنَى، وَهُوَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الكفاية على الدوام وهذا هو نص للشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ، كما يشترى للحداد مثلاً ما يلزمة من أدوات لمهنته، وللنجار كذلك، وحتى الصائغ يعطى من المال ما يتقوى به لفتح دكانه، وفي ذلك من الاستدامة وعدم الرجوع إلى لبيت مال الزكاة لطلب الزكاة، بل هو سيأتي ويدفع الزكاة.

 ومع إقبال هذا الشهر الكريم يُقبل الناس على دفع الصدقات، وبعضهم لا يؤدي صدقاته إلا في رمضان، فليكن رمضان هو شهر الصدقة، وشهر المشاريع الصغيرة للفقراء، لجواز صرف الصدقة لبعض الأصناف منهم، ولأهمية المشاريع الصغيرة للتنمية الاقتصادية، والتنافسية من أجل توفير فرص العمل لصالح الاقتصاد الوطني.
March 28, 2024 / 10:16 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.