جار التحميل...

°C,

التنمُّر: حقيقته وأسبابه

January 05, 2023 / 11:39 AM
يعد التنمر ظاهرة غريبة عن المجتمعات الإسلامية، ظهرت بشكل واضح في المجتمعات التي ابتعدت عن التعاليم والقيم الإسلامية، وتخلت الأسرة والمدرسة عن دورهما في التوعية والتربية والتعليم، والتوجيه للتربية الصالحة، مما نشأ عن ذلك ظهور التنمّر في المدرسة والشارع على المستضعفين من الشباب وخاصة أصحاب الهمم، ومن أسباب التنمُّر.
1-البعد عن التربية الإسلامية

الأسرة هي البيت الأول للطفل، وبيئته التي يتطور فيها سلوكه، وتُبنى فيها شخصيته، وهي التي يتعلم فيها قواعد التعامل مع الأخرين، فلو صلحت لصلح الطفل وحسنت أخلاقه، لأنه يقلد في بداية حياته جميع ما يرى، فالعلم في الصغر كالنقش في الحجر.

وتعد الأم هي المدرسة الأولى للطفل، فلو تمت العناية بالطفل لخرج سليماً بفكره وتصرفاته، ولو اختل ذلك لاختلت تلك التنشئة، وخاصة في بداية العمر مما يوجهه إلى الانحراف والتنمر على الآخرين، فالأسلوب السليم في التربية السليمة، والعكس كذلك.

2-المفهوم الخاطئ عن الإيمان
    
بيّن الإسلام أن كل مولود يولد على الفطرة السليمة النقية البيضاء، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (‌كُلُّ ‌مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ) ، وهذا يتطلب توجيهه إلى الإيمان بالله وتعاليم الإسلام التي فيها البعد عن كل الأمور التي يقوم بها المُتنمّر، ومنها:

أ- التنابز بالألقاب

والتنابز بالألقاب بأن يُلَقِّبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، " وقد حرم الإسلام ذلك لما يؤدي إلى الضغينة والعداوة، قال الله ﷻ: ﴿وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ﴾ (الحجرات: 11)    
  
ب- السخرية

وتعد السخرية من أهم أسباب التنمُّر، ولذلك نهى القرآن الكريم عنها، وحذر منها، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡم مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآء مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرا مِّنۡهُنَّۖ﴾ (الحجرات: 11)، “وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ: احْتِقَارُهُمْ وَاسْتِصْغَارُهُمْ، وَهَذَا حَرَامٌ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمُحْتَقَرُ أَعْظَمَ قَدْرًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ السَّاخِرِ مِنْهُ الْمُحْتَقِرِ لَهُ” 

ج- اللمز

قَالَ الزَّجَّاجُ: "يُقَالُ لَمَزْتُ الرَّجُلَ أَلْمِزُهُ بِالْكَسْرِ، وَأَلْمُزُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ إِذَا عَيَّبْتَهُ، وَكَذَلِكَ هَمَزْتُهُ أَهْمِزُهُ هَمْزًا. إِذَا عَيَّبْتَهُ، وَالْهُمَزَةُ اللُّمَزَةُ: الَّذِي يَغْتَابُ النَّاسَ وَيَعِيبُهُمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّجَّاجَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْهَمْزِ وَاللَّمْزِ"، واللمز كذلك" وَهُوَ ذِكْرُ مَا فِي الرَّجُلِ مِنَ الْعَيْبِ فِي غَيْبَتِهِ".

واللمز حرام ويدخل في باب الغيبة، وهو من التنمّر على الآخرين بذكره أثناء غيبته بما يكره من الصفات كالفسوق والسباب والشتائم وغيرها من الأمور.

3- عدم الوعي بثقافة الاختلاف

يعد الوعي بثقافة الاختلاف من المسائل المهمة التي يجب أن يعيها المتعلم من بداية حياته الدراسية حتى لا يقع في دائرة الكراهية والنزاع والتنمّر لأن الاختلاف هو تباين في الرأي أقرب إلى الحوار، "أمّا الخلاف ففيه دلالة بروز عنصر الإرادة والشعور العميق بالحد الفاصل بين الأطراف.

فالاختلاف ظاهرة طبيعية نجمت عن أنماط البشر وتنوع الإنسان، أما الخلاف فغالباً ما يكون صداماً في المصالح ومتعارضاً في الأهداف قد تتولد عنهما خصومة كبيرة تؤدي بالضرورة إلى مواجهاتٍ ليس لها حدود، وعندما نتحدث عن ثقافة الاختلاف فإننا نتذكر المقولة الرائعة للإمام الشافعي: (إن رأيي صوابٌ يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. 

4-أسباب نفسية

تتميز شخصيات بعض الناس بخصائص تؤدي إلى التنمّر وتدفعه إلى ارتكاب الخطأ، نتيجة البيئة التي عاش فيها، ومن ذلك أن بعض المتنمرين لهم شخصيات استبدادية، ورغبة في السيطرة على الآخرين، والهيمنة عليهم، والتنمّر بالنسبة لهم وسيلة لإثبات الذات، وتأكيدها نتيجة ضعفهم وكبتهم في البيوت من خلال إظهار قوتهم على الآخرين، والعنف تجاههم.

وأحياناً يكون التنمّر وسيلة للتعبير عن المشاعر السلبية تجاه الآخرين من حقد وحسد وغيره، فهو يلجأ إلى الهجوم، باعتباره الوسيلة الأفضل للدفاع عن النفس من وجهة نظره.

وقد يكون التنمُّر نتيجة للشعور بنقص في تقدير الذات، والإحساس بالدونية، فهو يستخدم التنمر لإخفاء القلق، وتعزيز احترام الذات عن طريق إهانة الآخرين.

5-غياب دور المدرسة

يبدأ التنمّر في المدرسة ويظهر بشكل واضح، لأنها تعد بيئة خصبة للأشخاص المتنمِّرين، ففيها يمكنهم الانفراد بالأطفال الأقل منهم حيلة ويتنمّرون عليهم نتيجة أي نقص أو عيب أو أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، لذا من المهم التصدي لهذه الظاهرة في المدرسة بكل الوسائل الممكنة وبذل الجهد والطاقة للقضاء على ذلك من خلال مشاركة المجتمع في علاجها، وأهم جزء أو مؤسسة في المجتمع هي المدرسة. 

فدور المدرسة في علاج التنمُّر يكمن في التعامل معه بجدية من خلال إصدار قوانين جادة للتصدي له ولعلاجه. 

January 05, 2023 / 11:39 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.