جار التحميل...

°C,

عيدٌ سعيدٌ

يمثل العيد عند المسلمين مناسبة دينية واجتماعية عظيمة، ويعد فُرصة لتَجَمُّع العائلات والأقارب لتبادل التهاني والتبريكات، ورغم تشابه المسلمين في احتفالاتهم في كثير من العادات والتقاليد إلا أن هناك بعض العادات المتوارثة التي تميز بلداً عن غيره، والتي تعكس معانيَ كثيرة وجميلة من المحبة والمودة والإخاء، والتسامح وتُرَسِّخ مفهوم التراحم والألفة بين الأقرباء والأصدقاء والمجتمع ككل.
 ولو رجعنا إلى الوراء قليلاً لنرى كيف عاش آباؤنا وأجدادنا أجواء العيد، لرأينا أن التهنئة سابقاً كانت بعد الانتهاء من أداء صلاة العيد في نفس المكان، ويسمى قديماً بلهجتنا المحلية "المَخْرَجْ أو المَخْرَيّْ"، أي المكان الذي يخرج إليه الناس لأداء صلاة العيد فيه، حيث ترتسم البهجة في وجوه الناس بهذه المناسبة والشعيرة الدينية وتمتزج التهاني ما بين المصافحة والعناق والتبريكات مع بعضهم البعض، بل تتصافح القلوب قبل الأيادي ويسأل كل فردٍ منهم عن أخيه، ويبارك ويُهنئ كلٌ منهم الآخر وينتشوا فرحاً وسعداً.
واليوم مع تطور وسائل الاتصال، نجد أنها سهَّلت التواصل وقرَّبت البعيد، إما بالاتصال أو التهنئة عبر وسائل التواصل الاجتماععي، أو إرسال بطاقات المعايدة أو بالرسائل النصية القصيرة.

 ومع هذه الأجواء من التهاني والتبريكات وتَصافح القلوب، حري بالإنسان أن ينتهز هذه الأيام المباركة بأن يعيد برمجة حياته نحو الأفضل من نشرٍ للتسامح بكافة أنواعه، فهناك التسامح العائلي كإعادة ترتيب أسلوب حياته الاجتماعية والعائلية مع الأقرباء والأرحام، حيث أن العيد فرصة لإعادة هذه العلاقات الأسرية للأفضل، فكم من قريب أصبح بعيداً، وكم من أرحام باعدت بينهم مشاغل الحياة، فأصبح التواصل بينهم قليلاً، ولو حصل لكان جافاً وخالياً من الاستمتاع العائلي، وكما قال الشاعر المتنبي: 
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ  *** بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ  ***  فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ

والعيد فرصة كذلك للتسامح الثقافي والفكري، وهو الذي يقوم على احترام رأي الآخرين، واحترام آداب الحوار والتخاطب، وعدم التعصّب للرأي الشخصي، باعتبار أنّه على حق والبقية على خطأ، وكذا تقبّل الآخر كما هو، بعيداً عن التمييز في اللون أو العرق أو النسب. 

فعلى الإنسان أن يبادر في هذه الأيام المباركة وينشر مبدأ التسامح بكافة أنواعه لينال رضا الله سبحانه وتعالى، ويحقق في النفس رصانتها وهدوءها النفسي، ممتثلاً بذلك قول الله سبحانه وتعالى: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" (الشورى:40).

فما أجمل أن يعيش الإنسان سمحاً مع الأخرين، غايته الوحيدة هي الفوز بالثواب من الله تعالى، وأن يحرص على تحقيق مبدأ التسامح في هذه المناسبة الجميلة، وأن يكون عيداً سعيداً على الجميع، وكل عام وأنتم بخير.
June 27, 2023 / 9:45 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.