روى الإمام ابن الجوزي حادثة وقعت أثناء الحج في زمانه، إذ بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم، قام أعرابي فحسر عن ثوبه، ثم بال في البئر والناس ينظرون، فما كان من الحجاج، إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم، وجاؤوا به إلى والي مكة، فقال له: قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، ويذكروني ولو بالسب واللعنات، ويقولوا: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم.
مع توفر وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي، التي فتحت أبواباً كثيرة، وفضاءات متنوعة من قنوات الاتصال، التي من خلالها تمكن بها الجميع من الوصول إلى أكبر قدر من شرائح المجتمع، وتمنحه مجالات عدة، لعرض أفكاره وآرائه، أو في الدعاية لمنتجاته، أو ما يرغب في إيصاله للآخرين، بكل يسر وسهولة ودون تعقيد.
وعلى الرغم من كل هذه التسهيلات، التي قلصت الفجوة الدعائية، لإبراز أي نشاط أو عمل تجاري أو خلافه، فلا أعلم لماذا يلجأ البعض، في ممارسة الغش والتدليس في مجال الأعمال، والسعي لتحقيق المكاسب أو الشهرة بطرق مختلفة وشاذة في أمرٍ يتنافى مع الأخلاق، ونقدم على هذا السلوك في بعض الأحيان، للحصول على ميزة تنافسية، بصورة غير أخلاقية، ولدينا العديد من الأمثلة التي تحدث في حياتنا، وأحدثت معها الكثير من التفاعلات الاجتماعية على كافة الأصعدة، أو من إثارة الرأي العام كما حدث مؤخراً.
مع ما تم تداوله وطرحه، في الآونة الأخيرة، من بعض الشركات في القطاع الخاص مؤخراً، في إعلاناتها التجارية والتسويقية، التي كانت خارجة عن الضوابط والمعايير، والمحتوى الدعائي والأخلاق المهنية، واستدعى الأمر جهات الاختصاص، لاستدعاء المعنيين بعد تأليب الرأي العام، أو من التقليل من هيبة المواطن، بأي شكل من الأشكال، مما يفتح الباب للاعتقاد، أنه باتت الحاجة ملحة الآن، للنظر والاعتماد على ابن البلد في الوظائف الحكومية وشبه الحكومية، للمشاركة في تنمية وتطوير البلاد.
فهل أصبحت النفس البشرية، وما فيها من صفات دنيئة، سبباَ في إقدام الناس للقيام واستعمال الغش والخداع، كوسيلة للتسويق أو الشهرة، ويغلب في غالبية الأحيان اللجوء إلى هذا الخيار، ويفتقرون معه للوازع الديني والأخلاقي؟ وهل بات مجتمعنا يشجع الآخرين على مثل السلوك؟