وقال الله عز وجل:" وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ ( البينة – 5)، وقال عز وجل: " فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا(الكهف -110) ، وقال جل جلاله: "وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا "،" إنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلَا شُكُورًا" (الإنسان -8، 9)
وقال النبي – صلى الله عليه وسلم –: "ِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".
وقد يعمل الإنسان العمل الصلح مبتغياً به وجه الله وحده، ولا يقصد من عمله ثناءً من الناس، ولا غرضاً دنيوياً آخر، لكن مع ذلك يجد من الناس الثناء عليه بسبب عمله، فإذا حصل الإنسان على هذا الثناء من دون أن يكون قاصداً الحصول عليه، ولم يسع له؛ فليبشر بهذا الثناء، فهو عاجل بشرى له في الدنيا، أي هذه البشرى المعجلة دليل للبشرى المؤخرة إلى الآخرة.
وقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – بذلك، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر- رضي الله عنه – قال: "قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه قال تلك عاجل بشرى المؤمن".
وقال أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي – رحمه الله -: "يعني الرجل الذي يعمل العمل الصالح خالصاً، ولا يريد إظهاره للناس؛ لأنه لو عمله ليحمده الناس أو يبروه، لكان مرائياً، ويكون ذلك العمل باطلاً فاسداً.
وإنّما الله تعالى بلطفه ورحمته وكرمه، يعامل المخلصين في الأعمال الصادقين في الأقوال، والأحوال بأنواع من اللطف، فيقذف في القلوب محبتهم، ويطلق الألسنة بالثناء عليهم، لينوه بذكرهم في الملأ الأعلى؛ وليُستغفر لهم، وينشر طيب ذكرهم في الدنيا ليُقتدى بهم، فيعظم أجرهم، وترتفع منازلهم، وليجعل ذلك علامة على استقامة أحوالهم، وبشرى بحسن مآلهم، وكثير ثوابهم، ولذلك قال: تلك عاجل بشرى المؤمن، والله تعالى أعلم".