ومن هذه الأحاديث: في صحيح مسلم عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق".
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة"، وفرسن الشاة بمنزلة القدم من الإنسان، وقد قال ابن حجر - رحمه الله – في بيان معنى هذا الحديث: "أي لا تحقرن أن تهدي إلى جارتها شيئاً ولو أنها تهدي لها ما لا ينتفع به في الغالب، وهو كناية عن التحابب والتوادد فكأنه قال لتوادد الجارة جارتها بهدية ولو حقرت فيتساوى في ذلك الغني والفقير.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع عليه الشمس: يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع متاعه عليها صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة"، وفي رواية أخرى: "ودل الطريق صدقة"، ودل الطريق: بيانه لمن أحتاج إليه وهو بمعنى الدلالة.
والمراد بالصدقة في هذا الحديث صدقة التطوع، قال: النووي - رحمه الله -: "قال العلماء المراد صدقة ندب وترغيب لا إيجاب وإلزام".
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً رأى كلباً يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له فأدخله الجنة.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بينما كلب يطيف بركيةٍ قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها – خفها - فسقته فغفر لها به".
وإذا كان هذا في إغاثة الحيوان، فما بالك بالإنسان ولا سيما إذا كان مسلماً، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم – في تفريج كربته وإعانته: "من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة"، وقال: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".