منذ تأسيسه عام 2013، حمل المهرجان رسالة واضحة: أن نمنح الأطفال والشباب منصة حقيقية للتعبير، لا تُعاملهم كجمهور ينتظر الترفيه، بل كصُنّاع محتوى وشركاء في صياغة المشهد الثقافي العربي والعالمي، واليوم، بعد أكثر من عقدٍ من العطاء، أثبت المهرجان أنه مساحة حقيقية لاكتشاف الطاقات وتغذية الخيال وتعزيز الهوية.
في أكتوبر 2025، احتضن المهرجان أفلاماً من أكثر من 26 دولة، من بينها الإكوادور التي انضمت إلينا للمرة الأولى، ليؤكد أن رسالتنا تتخطى الجغرافيا، وأن القيم الإنسانية التي تجمع الأطفال والشباب في كل مكان أقوى من اختلاف اللغات والثقافات،
وبرنامج المحكّمين الصغار كان دليلاً عملياً على إيماننا بقدرة الأطفال على التفكير النقدي وتحمّل المسؤولية الفنية، فيما فتح برنامج عرض المشاريع السينمائية الباب أمام المواهب الواعدة لتقديم أفكارها مباشرة إلى صُنّاع السينما والخبراء، في خطوة عملية نحو تمكين الجيل الجديد من دخول عالم الإنتاج بثقة وكفاءة.
كل دورة من المهرجان تمنحنا درساً جديداً، هذا العام، تأكدنا أن الأطفال والشباب لا يحتاجون إلى أن نُعرّفهم بالسينما بقدر ما يحتاجون إلى أن نتيح لهم الفرصة ليجعلوها لغتهم الخاصة، أدركنا أن دعمهم لا يقتصر على عرض أفلامهم فحسب، بل يمتد إلى بناء منظومة متكاملة من التدريب، والإلهام، والتشبيك، تتيح لهم تحويل أفكارهم إلى أعمال مؤثرة.
رغم انتهاء الحدث، إلا أن رسالة المهرجان مستمرة، نعمل على تحويل مهرجان الشارقة السينمائي إلى منصة تمتد على مدار العام، عبر برامج تطوير ومختبرات سينمائية تستثمر في المواهب الصاعدة، كما نطمح إلى توسيع حضور الأفلام التي أبدعها الأطفال والشباب في المهرجانات الإقليمية والدولية، لتصبح أصواتهم جزءاً من المشهد العالمي.
هدفنا في المرحلة القادمة هو بناء جسور تعاون أوسع بين المهرجان والجامعات والمعاهد والمراكز الثقافية، ليصبح التعليم السينمائي جزءاً من منظومة تمكين الشباب في الوطن العربي.
أشعر بفخرٍ عميق بكل طفل وشاب شارك في هذه النسخة، وبكل من ساهم في إنجاحها من متطوعين وشركاء ورعاة، ما حققه المهرجان لم يكن نتيجة عمل أسبوع واحد، بل ثمرة رؤية تؤمن بها الشارقة منذ سنوات طويلة: أن الثقافة هي الاستثمار الأهم في الإنسان، وأن الفن ليس ترفاً، بل وسيلة لتربية الذوق وتنمية الفكر وحماية الهوية.
لقد انتهى المهرجان، لكن أثره بدأ للتو، فكل قصة شاهدناها، وكل مشهد صنعه طفل أو شاب، هو خطوة في بناء جيلٍ يرى العالم بعيونٍ صافية، ويعبّر عنه بصوتٍ صادق.
في الشارقة، نؤمن بأن السينما ليست مرآة للواقع فحسب، بل نافذة نحو مستقبلٍ أكثر وعياً وإنسانية.