جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,

جودة الحياة… عندما تصبح الأرقام حكايات إنسانية

01 سبتمبر 2025 / 10:23 AM
جودة الحياة… عندما تصبح الأرقام حكايات إنسانية
download-img
عندما يُطرح مصطلح "جودة الحياة" في النقاشات العامة أو في تقارير المؤسسات الدولية، يتبادر إلى الذهن طيفٌ واسع من الأرقام والجداول والتصنيفات، فالدول تقاس -عادة- بمراتبها في مؤشرات التنمية، أو بقدرتها على التقدم في تقارير التنافسية العالمية، ورغم أهمية هذه الأرقام، فإنها لا تكفي لتجسيد جوهر جودة الحياة، لأنها تبقى انعكاسًا عامًا يختصر التجربة الإنسانية في معطيات كمية.
إن جودة الحياة هي تفاصيل صغيرة تصنع الفارق، وهي لحظة يطمئن فيها الابن على صحة والديه، وفرصة يتلقاها شاب لتطوير مهارته، وقد تعني شعور عائلة بالأمان بعد استقرارها في بيت، أو ابتسامة طالبة وجدت في مدرستها بيئة تُطلق خيالها، فهذه المشاهد البسيطة هي التي تمنح السياسات قيمتها، وتجعل أثر العمل الحكومي ملموساً في حياة الناس.

وهنا يبرز دور الاتصال الحكومي، فالمهمة لا تقتصر على عرض الإنجازات في أرقام وإحصاءات، بل تمتد إلى صياغة سردية إنسانية تترجم هذه الإنجازات إلى قصص قريبة من وجدان المجتمع، فعندما يتم الإعلان عن مشروع في مجال الصحة، تتجسد قيمته الحقيقية في تجربة مريض يتلقى رعاية تحافظ على صحته، وعندما نتحدث عن مبادرة لدعم الشباب، يتأكد الأثر في قصة نجاح يرويها شاب وجد فرصة فتحت له آفاقاً جديدة في حياته.

إن الاتصال الحكومي بهذا المعنى ليس قناة لتسويق القرارات، بل جسرًا يربط السياسات بواقع الأفراد، ويمنح كل مواطن إحساسًا بأنه جزء من الحكاية، وأن قصته الشخصية تجد صداها في مشروع وطنه الكبير، ومن خلال هذا الربط، يتحول الاتصال إلى عنصر من عناصر جودة الحياة نفسها، لأنه يعزز الثقة، ويغرس الانتماء، ويمنح الأمل بمستقبل أفضل.

وفي عالم تتسارع فيه التحديات، يصبح هذا البعد الإنساني في الاتصال ضرورة لا خيارًا، فالمجتمعات لا تحتاج فقط إلى مؤشرات اقتصادية إيجابية، بل تحتاج إلى خطاب رسمي يشعرها بقيمتها، ويجعلها ترى انعكاس السياسات في تفاصيل حياتها اليومية، بذلك تتحول الأرقام إلى معانٍ حيّة، وتصبح جودة الحياة قصة مشتركة تُكتب مع كل إنسان، لا مجرد ترتيب في تقرير سنوي.

إن رهاننا اليوم هو أن نمنح جودة الحياة صوتًا يرويها وصورة تُجسّدها، وأن نجعل من الاتصال الحكومي وسيلةً لتجميع هذه الحكايات الإنسانية وصياغتها في سردية ملهمة تعكس ما تصنعه السياسات في حياة الأفراد، بذلك، يصبح الاتصال أداة للتنمية، وركيزة لبناء الأمل، وضمانة أن تبقى الأرقام وسيلةً لفهم التقدم، لا غايةً تختصر معناه.
September 01, 2025 / 10:23 AM

الكلمات المفتاحية

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.