كما عودتنا إمارة الشارقة على استضافة الأحداث البارزة، تتجه الأنظار نحو انعقاد المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الحدث السنوي الذي يحتضن العقول والخبرات العالمية، ويمثل فرصة متجددة لترسيخ مكانة الشارقة كمنارة لتطوير آليات التواصل بين الحكومات ومجتمعاتها، وفي صميم النقاشات المتوقعة التي لا بد أن تفرض نفسها على المشاركين في المنتدى حول مستقبل الرسائل الحكومية، يبرز أمامنا سؤال جوهري، يتعلق بإمكانية قياس مدى نجاح تواصلنا وهل يتحقق بمجرد نقل الرسالة، أم بضمان التأكد من وضوحها وفهمها من قبل كل فرد في المجتمع؟.
إننا ومن واقع طبيعة عملنا في مركز الشارقة لصعوبات التعلم ننظر إلى أن الاتصال الحكومي في جوهره جسر لتمكين أفراد المجتمع ليصبحوا شركاء فاعلين في مسيرة التنمية، فالإنسان في رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، هو محور التنمية وهدفها الأسمى، وانطلاقاً من هذه الرؤية نضع على عاتقنا مسؤولية التأكد من أن خدماتنا ورسائلنا تصل إلى الجميع دون استثناء، لأن الاتصال الفعّال قبل أن يحقق النتيجة المرجوة منه يمثل المدخل الأساسي للتواصل مع مجتمع متكامل ومستدام.
ومن تجربتنا أيضاً نحن في مركز الشارقة لصعوبات التعلم نستهدف التواصل مع ذوي صعوبات التعلم، ما يجعل من مهمة نقل رسائلنا إليهم وإلى عائلاتهم لا تستغني عن كافة وسائل الاتصال الحكومي الناجح، الذي يراعي سد أي فجوة قد تحول دون تحقيق التكامل في نقل الرسالة.
لنتخيل معاً شاباً طموحاً لديه عسر القراءة "الديسلكسيا"، يحاول تقديم طلب للحصول على خدمة حكومية عبر بوابة رقمية مليئة بالنصوص الكثيفة والبيانات التي ينبغي عليه التعامل معها، أو أن ولي أمر يحاول معرفة مضمون تعميم مدرسي يتعلق بابنه لكنه يواجه صعوبة في فك رموز الكلمات والجمل المعقدة، وما نتخيله في هذا السياق يحدث في الواقع لشريحة من المجتمع، وهنا يبرز التحدي أمامنا في مهمة مساعدة ذوي صعوبات التعلم بأساليب اتصال حكومي غير تقليدية، تدعم هذه الفئة وتعينها على الاستفادة من جهود التنمية والفرص التي تتوفر لها في مختلف المجالات، لأن أي إهمال لهذه الفئة أو تقصير يمكن أن يسبب لأفرادها الشعور بالإحباط والعزلة لعدم الاستفادة الكاملة من الفرص والخدمات التي تقدمها الدولة، وهنا يأتي دورنا في وضع الحلول التي أصبحت بالفعل في متناول اليد لمساعدة ذوي صعوبات التعلم، وهذه الحلول مصممة في إطار عملنا وبرامجنا التوعوية وثمرة سنين من العمل في مركز الشارقة لصعوبات التعلم على تقديم أفضل النتائج في الاتصال الناجح بذوي صعوبات التعلم وأسرهم.
إن الاتصال الحكومي الفعّال مع ذوي صعوبات التعلّم يتجاوز مجرد نقل الرسائل ليصبح أداة تمكين تُسهم في تحسين جودة حياتهم، عبر رسائل واضحة تعزز شعورهم بالأمان والمشاركة والإنجاز، وتفتح أمامهم فرصاً أوسع في التعليم والعمل والحياة اليومية، كما أن إشراك الأسر والمجتمع في هذا الحوار يضمن استقراراً نفسياً وتعليمياً أكبر، بينما تسهم الحملات المؤثرة في تقليل العزلة وتعزيز التقبّل المجتمعي. ولتحقيق ذلك، لا بد من توظيف أدوات تحليل البيانات لتحديد الجمهور المستهدف بدقة، إلى جانب اعتماد تطبيقات تسهّل عملية التعلّم وتخفف الأعباء عن العائلات والمراكز المتخصصة، بما يترجم رؤية الاتصال الحكومي إلى ممارسة عملية دامجة ومستدامة.
إن إمارة الشارقة التي لطالما كانت سبّاقة في تبني المبادرات الإنسانية والمجتمعية، تملك اليوم فرصة فريدة لتكون "مدينة صديقة لذوي صعوبات التعلم"، من خلال تبني معايير تخدم هذه الشريحة وترفع من جودة وفعالية الاتصال للجمهور بأكمله، لأن ما هو سهل وواضح لذوي صعوبات التعلم سيكون حتماً أكثر سهولة ووضوحاً للجميع، ونحن في مركز الشارقة لصعوبات التعلم بما لدينا من خبرات، نعتبر المركز شريكاً للجهات الحكومية في تطبيق أحدث الأدوات الفعّالة في نقل رسائل الاتصال الحكومي.