جار التحميل...
وتنطلق هذه الجهود من قناعة راسخة بأهمية الاستثمار في الأجيال الناشئة؛ فقد أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن المتاحف تُعد بمثابة "مدرسة للأجيال القادمة"، بما توفره من بيئة تعليمية متكاملة تساهم في صقل شخصية الطفل، وتنمية إدراكه بالتاريخ والتراث.
وترى هيئة الشارقة للمتاحف أن إشراك الأطفال في العملية التعليمية المرتبطة بالمتاحف بأساليب معاصرة هو ضرورة حتمية لرفع مستوى وعيهم بهويتهم الثقافية وتاريخهم العريق، وفي هذا السياق، تبرز مجموعة من المتاحف التي تقدم برامج وفعاليات مبتكرة ومناسبة للفئة العمرية الناشئة، مما يجعل من زيارة المتحف تجربة تعليمية وترفيهية متكاملة للأطفال، ومنها ما يلي:
يقدّم متحف الشارقة للتراث تجربة تعليمية متكاملة للأطفال، من خلال بيئة تفاعلية مصممة خصيصاً لتعريفهم بأساليب الحياة التقليدية في دولة الإمارات؛ إذ يعرض المتحف مجموعة غنية من المقتنيات الأصيلة التي تحاكي أنماط العيش القديمة في مختلف البيئات الإماراتية، متناولاً تفاصيل الحياة اليومية مثل؛ الحرف اليدوية، وأدوات المعيشة، وطقوس المناسبات الاجتماعية مثل؛ حفلات الزواج.
كما يُسهم في تعزيز ارتباط الأطفال بالتراث الوطني من خلال تقديم القصص الشعبية، والأمثال، والأحاجي المتوارثة بطريقة مبسطة وجذابة؛ إذ تُمكّن هذه الأساليب المعاصرة الطفل من التفاعل مع عناصر التراث بشكل حي، مما يجعل من المتحف بيئة تعليمية وترفيهية مثالية تغرس في الناشئة قيم الانتماء والاعتزاز بالهوية الثقافية.
يُعد متحف التاريخ الطبيعي والنباتات من أبرز الوجهات التعليمية في الشارقة التي تُعرّف الأطفال على تاريخ كوكب الأرض بأسلوب علمي وتفاعلي معاصر، إذ يركّز المتحف على عرض مراحل تطور الحياة منذ نشأتها، من خلال أقسام متخصصة تشرح تكوّن التضاريس الطبيعية، وتشكّل الأحافير، ونمو الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة.
وتكمن القيمة التعليمية للمتحف في ما يقدمه للأطفال من أنشطة وفعاليات تفاعلية، من بينها عروض أفلام مبسطة تشرح كيفية تكوّن الكثبان الرملية في إمارة الشارقة، إلى جانب شروحات حية حول خصائص البيئة الصحراوية المحلية.
كما يعرض المتحف نماذج من الأحافير والصخور النادرة القادمة من مختلف مناطق العالم، إضافة إلى بقايا عظمية متحجرة للديناصورات، ونماذج للحيوانات المحنطة والنباتات الأصلية في دولة الإمارات، وكذلك نباتات تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
من خلال هذه التجارب الغنية بالمحتوى العلمي والتقني، يوفر المتحف للأطفال فرصة استكشاف العلوم الطبيعية بطريقة محفّزة للفضول، تُنمّي لديهم الفهم العلمي، وترسّخ مفاهيم المحافظة على البيئة، ضمن إطار تعليمي حديث وممتع.
يقدّم متحف الشارقة للآثار تجربة تعليمية متخصصة للأطفال من خلال قاعة "عالم الآثار الصغير"، المصممة للأطفال من عمر 5 إلى 12 عاماً، والتي تُعد نموذجاً متقدماً في التعليم المتحفي التفاعلي، وتهدف هذه القاعة إلى تنمية التفكير النقدي وتنشيط الحواس لدى الأطفال، من خلال أنشطة وعروض مبتكرة تتيح لهم التعرّف بأسلوب مبسط وشيّق على أنماط حياة الأجداد في العصور القديمة.
وتركّز القاعة على الفنون القديمة التي انتشرت في إمارة الشارقة، وتعرض نماذج من الرسم الصخري الذي يُعد مرحلة تأسيسية في تطوّر مهارات التعبير البصري والكتابة، كما تسلّط الضوء على العلاقة التي جمعت الإنسان بالحيوانات المحلية، سواء الأليفة منها أو البرية، إلى جانب عرض أساليب استغلال الموارد الطبيعية لصناعة الأدوات التي استخدمت في الصيد، والدفاع، والأنشطة اليومية، مما يعكس ملامح دقيقة للحياة الاجتماعية والثقافية في الماضي.
ومن أبرز المبادرات التعليمية التي أطلقها المتحف للأطفال، معرض "رحلة الاكتشافات"، وهو معرض تفاعلي يهدف إلى تعزيز وعي الأطفال بأهمية علم الآثار في فهم التاريخ؛ إذ يُقدّم المعرض محاكاة واقعية لعمليات التنقيب الأثري، ويُتيح للأطفال فرصة تجربة استخدام أدوات التنقيب بأنفسهم، مما يُضفي طابعاً عملياً يعزز من فهمهم ويثير اهتمامهم بالتراث الثقافي بأسلوب معاصر ممتع.
يقدّم متحف الشارقة البحري للأطفال تجربة غنية تمزج بين المعرفة التاريخية والمتعة التفاعلية؛ إذ يعرض المتحف ملامح الحياة البحرية التي شكّلت جزءاً محورياً من هوية سكان دولة الإمارات، مستعرضاً أهمية البحر كمصدر للرزق والتجارة، من خلال تقديم نماذج دقيقة لأدوات الصيد والغوص التقليدية، والسفن الخشبية التاريخية، وقوارب صيد اللؤلؤ.
وتميّز المتحف في استقطاب الأطفال عبر أساليب عرض تفاعلية تسهّل عليهم فهم طبيعة الحياة البحرية القديمة، وتعزز من ارتباطهم بالتراث البحري، ومن أبرز الفعاليات التي ينظمها المتحف في هذا السياق فعالية "السنيار"، وهي تجربة تفاعلية حية تُعيد تصوير أجواء الحياة البحرية في الماضي، إلى جانب ورش عمل تراثية مثل "فلق المحار" والحرف اليدوية المرتبطة بمهن البحّارة والغواصين.
كما يشكّل المتحف أحد المواقع الرئيسية لبرامج المخيم الصيفي الذي تنظمه هيئة الشارقة للمتاحف، والموجّه للأطفال من عمر 6 إلى 12 عاماً، ويهدف المخيم إلى استثمار الإجازة المدرسية في تقديم محتوى تعليمي مميز، يتناول تاريخ البحار، وطرق الصيد والتجارة التقليدية، من خلال أنشطة عملية، وورش تفاعلية تحفّز الفضول، وتغرس في الناشئة تقديراً عميقاً لتراث الأجداد البحري.
في الختام، تمكّنت إمارة الشارقة من خلال متاحفها المتنوعة، من تقديم المعلومات التاريخية للأطفال بطرق تفاعلية ممتعة، وهذا زاد من رغبتهم في الاطّلاع والتعرّف على إرث أجدادهم، والأساليب القديمة التي اتّبعوها للعيش سابقاً.
المراجع
[1] sharjahevents.ae, المتاحف
[2] visitsharjah.com, متحف التاريخ الطبيعي والنباتات
[3] sharjah24.ae, متحف الشارقة للتاريخ الطبيعي والنباتي يأخذ زواره في رحلة عبر الزمن
[4] moccae.gov.ae, متحف الشارقة للتاريخ الطبيعي والنباتي