جار التحميل...
تعود بدايات صيد اللؤلؤ في الإمارات إلى آلاف السنين؛ إذ كانت تجارة اللؤلؤ تُشكِّل مصدراً رئيساً للرزق لدى سُكّان السواحل الإماراتية، وإحدى الركائز الاقتصادية الأساسية في الدولة؛ فقد اعتاش معظم سُكّان سواحل الخليج العربي آنذاك على استخراج اللؤلؤ في الصيف، ورعاية أشجار النخيل والزراعة في الشتاء.
وكان استخراج اللؤلؤ، وصُنعه، قد ازدهر خلال القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، إلّا أنّ العالَم في نهايات العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، سادَه الكساد الاقتصاديّ الذي تسبَّب في شُحّ الموارد الاقتصادية، فضلاً عن صناعة اليابانيين اللُّؤلؤ الصناعيّ "المُستزرَع"، وهي أمور ساهمت في تراجع عصر صناعة اللؤلؤ في منطقة الخليج كاملة.
كان المَوسم الرئيس لصيد اللؤلؤ في دولة الإمارات يمتدّ بين الأوّل من يونيو والثلاثين من سبتمبر، وهي الفترة التي يكون فيها الجوّ مثاليّاً للغوص؛ إذ يكون صافياً وهادئاً رغم ارتفاع درجة الحرارة، ويُطلَق عليه موسم "الغوص الكبير"، أمّا مواسم الغوص الصغير، فتأتي ضمن شهرَي أكتوبر ونوفمبر.
وكان الصيّادون يستخدمون أدوات بسيطة ومُتنوِّعة لجمع اللؤلؤ، مثل: الديين (حقيبة يستخدمها الغوّاص لجمع محار اللؤلؤ)، والزبيل (حبل مُتَّصل بحجر ثقيل يربطه الغوّاص في ساقه للوصول بسرعة إلى القاع وجمع المحار من هناك)، واليدا (الحبل الذي يُمسكه أحد أعضاء الفريق لسحب الغوّاص إلى السفينة من جديد)، والفطام (مشبك مصنوع من صدف السلحفاة أو غيره، يُوضَع على الأنف؛ لمنع دخول الماء).
وهناك أدوات أخرى، مثل: الخنجر الذي يأخذه الغوّاص؛ ليحمي نفسه من الأسماك المفترسة، وخريطة مغاصات اللؤلؤ، وغيرها.
يُعَدّ صيد اللؤلؤ جزءاً أساسيّاً من التراث الوطنيّ والهويّة الوطنية الإماراتية، وهو ما دفع الدولة إلى الاهتمام به، والحفاظ عليه، واعتماد وسائل عِدَّة تضمن التعريف به، وإنتاجه بصورة مُستَدامة، وهي على النحو الآتي:
يحتوي متحف اللؤلؤ على نماذج مُتنوِّعة وواسعة من المجوهرات واللآلئ الرائعة في صناديق زجاجية مُميَّزة للعرض، وهي تعكس بسحرها تاريخ اللؤلؤ العريق، ويضمّ المتحف أيضاً واحدة من كُبرى المجموعات اللؤلؤية في العالَم، ويصل وزنها إلى 55 كيلوغراماً، فضلاً عن احتوائه على المُعدّات والأدوات التي كان يستخدمها الغوّاصون في جمع اللؤلؤ ونقله.
يشتمل المتحف على السُّفن الخشبية التقليدية المختلفة التي استُخدِمت لأغراض التجارة، ولأغراض الصيد، والغوص بحثاً عن اللؤلؤ، ومن أبرز هذه السُّفن سفينة البغلة "القاسمية" الأثرية، ويضمّ المتحف أيضاً مجموعة من اللآلئ المُبهرة التي جُمِعت من أعماق الخليج منذ زمن بعيد، والتي ما تزال تحتفظ ببريقها المُميَّز منذ ذلك الحين.
وعلاوةً على ذلك، يُمكن التعرُّف أثناء التجوُّل في المتحف إلى أسماء أعضاء فريق الصيد والبحَّارة، مثل: (النوخذة)؛ وهو قائد السفينة، و(المقدمي)؛ وهو نائب قائد السفينة، و(الوليد)؛ وهم أطفال العامِلين في السفينة والمسؤولين عن الأهازيج والاستقبال.
في هذه المزرعة التي جرى تأسيسها عام 2005 في إمارة رأس الخيمة، تجري زراعة المحار، وتحفيزه عند البلوغ على الإنتاج، وفي مرحلة لاحقة، يجري تقديم الرِّعاية والتغذية اللازِمتَين أثناء عملية إنتاج عرق اللؤلؤ، أو أمّ اللآلئ؛ وهي المادَّة المعدنية المُكوِّنة لغلاف المحار الداخليّ، ويُوفِّر المشروع بدوره اللؤلؤ من مصادر مَحلِّية؛ لبَيعها إلى صانعي المجوهرات في مختلف أنحاء العالَم.
تأسَّس مشروع لؤلؤ أبوظبي الواقع في مدينة المرفأ، وتحديداً في منطقة الظفرة بأبوظبي عام 2007، بجهود هيئة البيئة في الإمارة؛ بهدف إحياء التراث عن طريق الإنتاج المُستَدام لنحو 80 ألف محارة، وعدد كبير من اللؤلؤ ذي الجودة العالية سنويّاً من مياه إمارة أبوظبي.
المراجع
[1] abudhabiculture.ae, الغوص لصيد اللؤلؤ
[2] moccae.gov.ae, مزرعة لآلئ السويدي
[3] mofa.gov.ae, تاريخ دولة الإمارات
[4] sharjahnews.gov.ae, متحف الشارقة البحري يروي حكايات أهالي الإمارة مع البحر والصيد
نادي تراث الإمارات (2023)، اللؤلؤ في الإمارات… موروث واستدامة [5]