جار التحميل...
ويتجلى من خلال هذا المهرجان أهمية العمل المسرحي ودوره في إحياء الثقافة الشعبية في الإمارة ونشرها وإبراز صورتها المشرقة للعالم، فضلاً عن كونه حدث جماهيري يحتضن طموحات الشباب الإماراتي والمسرحيين المبدعين من الدول العربية الشقيقة ليُثري ثقافتهم ويُعزز خطوط التواصل الهادف بينهم ويمكّنهم من تبادل الخبرات والمعارف.
يُعد مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي منصة نابضة بالفنّ وفعاليّة ثقافية هامة تضم عروضاً مسرحيةً مميزة، وجاء تنظيمه ضمن الاستراتيجيات والبرامج الرائدة لإدارة المسرح في دائرة الثقافة بالشارقة؛ للارتقاء بالأداء المسرحي المحلي في الإمارة ونشره وإثرائه، من خلال فتح أبواب التواصل والترابط بين المسرحيين المشاركين من عدّة دول عربية من خلال أداء يعرف بـ"مسرح الثنائيات"، وهو مواجهة دراميّة تنفرد بجمالية خاصة وأفكار ودلالات عميقة تؤديها شخصيتان على خشبة المسرح، ويُطلق على هذا الأداء اسم "الديودراما".
وقد تنوعت العروض المقدمة على مدار الأعوام السابقة منذ بدء المهرجان في عام 2016، والتي يحتضنها عادةً المركز الثقافي لمدينة دبا الحصن التي تتمتع بأهمية تاريخية ومكانة مرموقة، وتوالت نجاحات المهرجان وصولاً للدورة الثامنة التي عقدت في شهر مايو من العام الحالي.
يُشكل المهرجان ركيزة أساسية وداعمة للحراك الثقافي المسرحي الإماراتي على المستويين المحلي والعربي، ويحتضن طموحات الشباب الواعدة في عالم المسرح والتي تُجسد انتماءاتهم وهويتهم الإماراتية الراسخة، وتظهر ثقافتهم الواسعة، فضلاً عن مُشاركة نُخبة من الأساتذة والنقاد ورواد العمل المسرحي العرب ضمن فعالياته المتنوعة.
ولا يقتصر حضور المهرجان على الأشخاص العاملين والمهتمين بالعمل المسرحي بل يُمكن اعتباره بمثابة حدث فني مفتوح وفعاليّة ترفيهية واجتماعية في ذات الوقت، فالدعوة فيه عامّة ومُتاحة للجميع للاستمتاع بالعروض المسرحية المتميزة.
يُرسخ مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي حضوره الاستثنائي ومكانته المميزة عبر فعاليات فنية وثقافية متنوّعة تُجسد روح الابتكار وتحتفي بجماليات المسرح، وهي على النحو الآتي:
تعدّ العروض المسرحية الثنائية العنوان الرئيس للمهرجان، وتتميّز هذه العروض التي تشارك فيها دول عربية إلى جانب دولة الإمارات بخصوصيّة فنية عالية، إذ يلتقي ممثلان فقط على الخشبة ليقدّما حواراً درامياً مكثفاً يكشف عن عمق الشخصيات وقوة التفاعل الإنساني.
وتجمع هذه العروض بين السحر الفني والبراعة الإخراجية، مما يمنح الجمهور تجربة مسرحية نابضة بالإبداع، تعتمد على الأداء التمثيلي الخالص وتُبرز جماليات الحوار والتمثيل في أبسط صوره وأكثرها تأثيراً، وتلي هذه العروض ندوات نقدية تسلط الضوء على جوانبها الفنية وتستعرض أفكارها واتجاهاتها المسرحية.
يزخر مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي بالجلسات الأدبية والثقافية التي يحضرها باحثون وأدباء ومسرحيون من الدول العربية الشقية خلال ما يُعرف بـ "ملتقى الشارقة للمسرح العربي"، والذي يتضمن ندوات نقدية وحوارات أدبية هامّة يختلف مضمونها بين العام والآخر تبعاً لمتطلبات عالم المسرح.
فقد ناقش الباحثون خلال المُلتقى العشرين مثلاً والذي حمل اسم "المسرح والحياة" العام الحالي العلاقة بين المسرح ومتطلبات وتداعيات الحياة اليوم، وقدمت أبحاث تطرقت لأهم التغيرات التي شكلت فارقاً جوهرياً في بيئة ومنظومة المسرح القديم والحديث، وأثر عناصر التقدم التكنولوجي وتقنياته وأبرزها الذكاء الاصطناعي على الفن المسرحي المعروض اليوم.
لا يقتصر مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي على العروض الفنية فقط، بل يحرص أيضاً على تقديم ورش تدريبية وتعليمية تُعزز من قدرات المشاركين وتصقل مهاراتهم المسرحية، وتستهدف هذه الورش فئات مختلفة من المهتمين بالمسرح، يشرف عليها نخبة من المخرجين والمدربين المتخصصين، وتشمل هذه الورش مجالات متنوعة تواكب التغيرات في عالم المسرح، ما يجعل منها منصّة حقيقية لتبادل الخبرات وبناء جيل مسرحي واعٍ ومبدع.
ختاماً، يأتي مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي ليؤكد على أهميّة المسرح ودوره الثقافي الهام في ربط المجتمعات والعوالم وتعزيز جسور الثقافة بينها، كما يُشجع الشباب المهتمين بالعمل المسرحي ويدعم طموحاتهم وآمالهم، كما يؤكد على الدور الثقافي البارز لإمارة الشارقة في احتضان المسرحيين وعرض المواهب والأعمال المسرحية ونشرها على المستوى المحلي والعربي.
المراجع
[1] sda.sharjah.ae, مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي ـ الدورة السادسة المركز الثقافي لمدينة دبا الحصن
[2] sharjah24.ae, مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي يواصل فعالياته
[3] sharjahevents.ae, مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي