بحيرة الحفية في الشارقة.. جمال ترفيهي ووظيفة حيوية

وتأتي البحيرة ضمن سلسلة المشاريع التنموية المتقدمة التي يرعاها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقد افتتح هذا المعلم الحيوي في عام 2024 في إطار رؤية سموه الرامية إلى تطوير البنية التحتية، وتعزيز التنوع البيئي في مختلف مناطق الإمارة، كما تجسد البحيرة توجّه سموه نحو تحقيق توازن مستدام بين المتطلبات البيئية المتعلقة بإدارة الموارد المائية واحتياجات المجتمع في المجالين الترفيهي والسياحي.

وفيما يأتي استعراض لأبرز ملامح هذه التحفة المعمارية والطبيعية:

الموقع الجغرافي: قلب استراتيجي وإطلالة آسرة

تحتل بحيرة الحفية موقعاً متميّزاً على طريق الشارقة - كلباء؛ حيثُ تتربع بين أحضان الجبال الشاهقة مما يمنحها طابعاً طبيعياً ساحراً، كما تستفيد من هذا الموقع الاستراتيجي في تجميع مياه الأودية والأمطار من المرتفعات المحيطة، بينما يوفر الارتفاع النسبي للمنطقة مناخاً معتدلاً ومنعشاً يجذب الزوار على مدار العام للاستمتاع بالأجواء الطبيعية الخلابة.

المساحة والسعة: خزان مائي بمواصفات عالمية

تمتد البحيرة على مساحة شاسعة تبلغ 132 ألف متر مربع، وتبلغ سعته التخزينية نحو 155 مليون جالون من المياه، ويصل عمقها إلى أربعة أمتار، مما يضفي عليها مقوّمات مهمة كخزان مائي ضخم.

وقد صُمّمت البحيرة وفق أعلى المعايير الهندسية والتقنيات المتقدمة الملائمة للبيئة الجبلية المحيطة؛ إذ تتضمن شبكة متطورة من الأنابيب والخطوط التي تربطها بالجبال المجاورة لضمان تدفق مستمر للمياه وتخزين الفائض بكفاءة عالية.

التقنيات والهندسة: ابتكار في التصميم والتنفيذ

يُعدّ مشروع بحيرة الحفية نموذجاً هندسياً فريداً في مجال إدارة الموارد المائية؛ فقد جرى تزويده بقناة بطول 3.2 كم تستقطب مياه الأودية والجريان السطحي من المرتفعات المجاورة، كما تعمل كمسار لتصريف فائض مياه الأمطار، وقد جرى تثبيت ثلاثة مصدات ومنقيات متخصصة تتحكم في سرعة التدفق وتنقيته من الرواسب والشوائب، ما يضمن نقاء المياه الداخلة إلى البحيرة.

وتشمل البنية التحتية أيضاً طريقاً مزدوجاً بطول 3.17 كم وبعرض 10.2 متر يحيط بالبحيرة، مزيّناً بممشى مرصوف ومعدّ لإقامة المظلات وأعمدة إضاءة مخفية لتوفير تجربة تنزه ممتعة وطويلة للزوار.

هذه الهندسة المتكاملة – من القناة والمصدات إلى الطريق المحيط – تُجسّد نهجاً متقدّماً في تصميم البنى التحتية البيئية والترفيهية التي تخدم أغراضاً متعددة تشمل؛ إدارة المياه، وحماية البيئة، وتعزيز تجربة الزوار في بيئة جبلية خلابة.

الوظيفة البيئية: حفظ المياه وتعزيز التنوع الحيوي

تؤدي البحيرة دوراً حيوياً في النظام البيئي المحلي؛ فهي تعمل كخزان استراتيجي لتجميع وحفظ مياه الأمطار والأودية، كما تساهم في تعزيز التنوع البيئي في المنطقة من خلال توفير بيئة مائية مناسبة للحياة الطبيعية، بينما تلعب دوراً مهماً في تلطيف المناخ المحلي وخفض درجات الحرارة بفضل المسطح المائي الواسع والغطاء النباتي المحيط.

المرافق الترفيهية: متعة شاملة للعائلات

تتنوع المرافق الترفيهية في البحيرة لتلبي احتياجات جميع أفراد العائلة؛ إذ تضم منطقة ألعاب مظللة تمتد على مساحة 620 متراً مربعاً مجهزة بأرضية مطاطية ملونة وألعاب متنوعة للأطفال، كما توفر مجموعة من القوارب الترفيهية والتجذيفية للاستمتاع بجولات مائية ممتعة، بينما تشمل الأنشطة البحرية المتاحة؛ التجذيف، والكاياك، ورحلات القوارب الاستكشافية التي تتيح للزوار تجربة فريدة وسط الطبيعة الخلابة.

المسارات الجبلية: رياضة وسط الطبيعة

تتميّز البحيرة بشبكة متكاملة من المسارات الجبلية التي تمتد لمسافة 11.7 كيلومتر، وتتنوع هذه المسارات في أطوالها ومستويات صعوبتها لتناسب مختلف الأعمار والقدرات البدنية، وتشمل كلاً من مسار بحيرة الحفية، ومسار الجبل الشرقي، ومسار بحيرة الفريش، ومسارات جبل الفريش الجنوبي والشمالي، حيثُ توفر هذه المسارات فرصة استثنائية لممارسي رياضة المشي والجري وسط أجواء طبيعية نقية ومناظر بانورامية خلابة.

الخدمات والمرافق: راحة وضيافة متكاملة

يضم مشروع بحيرة الحفية مبنى استراحة عصرياً يمتد على مساحة 500 متر مربع، والذي يتميّز بموقعه الاستراتيجي المطل على البحيرة الساحرة وجبال كلباء الشاهقة من جهة، وإطلالات رائعة على المسطحات الخضراء ومنطقة الألعاب من الجهة المقابلة، كما يعكس تصميم المبنى الطابع المعاصر باستخدام واجهات زجاجية وألومنيوم مزخرف، مع ساحة خارجية مغطاة بمظلة تمتد لمسافة 44 متراً.

ويحتوي المبنى على مطعم يمتد على مساحة 300 متر مربع ويتسع لـ 90 شخصاً داخلياً، إضافة إلى 56 مقعداً في المساحة الخارجية المظللة، كما يشمل أيضاً مقهى تبلغ مساحته 190 متراً مربعاً، ويوفر أماكن جلوس مكيفة لـ 64 شخصاً، و32 شخصاً في الجلسات الخارجية، وتكتمل الخدمات بتوفير 512 موقف سيارات ودرابزيناً مزوداً بإضاءة ليلية على امتداد 3.2 كيلومتر، بالإضافة إلى تقاطع مدمج بدوارين مع معبر سفلي بعمق 5.5 متر وعرض 9 أمتار لتسهيل الوصول.

المسجد والمرافق الدينية: روحانية وطمأنينة

يقف مسجد الحفية كتحفة معمارية رائعة على مساحة 852 متراً مربعاً، حيث يجسد الطراز الإسلامي الفاطمي بزخارفه الهندسية والنباتية المتقنة ومئذنته الشاهقة التي ترتفع 36 متراً، ويتسع المسجد لـ 495 مصلياً، بينما يتسع مصلى النساء إلى 110 امرأة، وتحيط به ساحة خارجية واسعة تتسع لـ 2040 مصلياً، بالإضافة إلى توفر المواضئ ودورات المياه للرجال والنساء.

ويضم المسجد مكتبة إسلامية غنية بكتب الفقه والتفسير والأحكام الشرعية، مما يجعله مركزاً روحانياً وثقافياً متميّزاً يخدم المجتمع المحلي والزوار.

وفي الختام، تقف بحيرة الحفية شاهداً على الرؤية الحكيمة والتخطيط المتقن الذي يميز مشاريع إمارة الشارقة؛ إذ تجسد هذه التحفة المعمارية والطبيعية نموذجاً فريداً يحقق التوازن المثالي بين الاحتياجات البيئية والتطلعات الترفيهية للمجتمع.

المراجع

[1] sheikhdrsultan.ae, ســــــــــــلطان القاســـــــــــــمي يفتتح بحيرة ومسجد الحفية في كلباء
[2] kalbacmc.ae, بحيرة الحفية.. مشروع استراتيجي وأحدث الوجهات السياحية في كلباء
[3] visitsharjah.com, بحيرة الحفية
[4] sharjah24.ae, بحيرة الحفية.. مشروع استراتيجي وأحدث الوجهات السياحية في كلباء