جار التحميل...
يُشير مصطلح الطماشة الذي عُرف في الإمارة قديماً إلى الفُرجة، ومشاهدة شيء معيّن بغرض التسلية والمرح أو الفضول، وكان يُستخدم في الشّارقة عند تجمهر النّاس أمام حدث غير معتاد أو غير مألوف، وهكذا عرف أهالي الإمارة السّينما للمرّة الأولى كـَ "طماشة"، وسُرعان ما تناقلوا بعدها أنّ اسمها الفعليّ هو "سينما".
كانت تُقام تلك السّينما أو "الطماشة" في سوق الشارقة القديم المعروف باسم سوق "العرصة" خلال أوقات المساء بصورة خاصة؛ حيث يفترش الحضور الرّمال بشكلٍ عشوائيّ أمام شاشة عرض صغيرة، وكان ذلك غالباً في ثلاثينات القرن العشرين.
عُرفت في أربعينات القرن العشرين "سينما المعسكرات"، والتي كانت تُقدّم الأفلام السينمائية للجنود البريطانيين والعاملين معهم -خلال فترة الحماية البريطانية-، وتهدف إلى تسليتهم والترويح عنهم ورفع معنوياتهم، رغم ذلك كان يُسمح لعموم النّاس من السكّان المحليين المشاهدة.
وعُرضت الأفلام حينها في قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني (RAF) المكشوفة والمُقامة ضمن مبنى المطار الدوليّ الأول للشّارقة ودولة الإمارات المعروف باسم "المحطة"، واستُخدم خلالها جهاز العرض "البروجكتر" لعرض الفيلم على الجدار، بينما يجلس الجمهور من الجنود على علب معدنية؛ كعلب البنزين والماء معبّأة بالرّمال، مما خلق بوتقةً ثقافيّةً فريدةً وتجربةً جماعيّةً حقيقيّةً.
وقد أُشير إلى أنّ هذه السينما تعدّ من أوائل دور العرض السينمائي في الإمارة، لتُشكّل بذلك رافداً مهماً للحراك الفني والثقافي الذي أطلقته الشارقة وسعت إلى تطويره.
تُعدّ القوافل الثّقافية المرحلة التي سبقت إنشاء صالات السّينما المتخصّصة في إمارة الشّارقة؛ إذ انتشرت خلال خمسينات القرن المنصرم، واشتملت على تغطية سيّارات الجيب نوع "لاندروفر"، وتجهيزها بالمعدّات اللازمة مثل "البروجكتر" ومولّدات الكهرباء والانتقال لأماكن مختلفة في الإمارة لعرض الأفلام السينمائية؛ والتي تنوّعت في حينها لتشمل الأفلام الإنجليزية والأميركية والثقافية التوعوية.
ظهر في الفترة اللاحقة للقوافل الثقافية ما يُعرف بـ "سينما هارون"، والتي أنشأها الرّجل الباكستانيّ هارون في مكانٍ مكشوف، وتستقبل المتفرّجين من داخل الإمارة وخارجها، من المثقفين والأفراد من عامّة الشّعب في الوقت نفسه، مع تخصيص وقتٍ من الأسبوع للنساء، وتجدر الإشارة إلى أنّ سينما هارون كانت تعرض الأفلام الهندية على وجه التحديد.
ويُذكر أنّه في نهاية السّتينات أُزيلت هذه السينما وأُقيم مكانها سينما أخرى أكثر حداثة؛ مُغلقة وتحتوي على تكييف، وقد حملت الاسم نفسه، وعرضت مجموعة أوسع من الأفلام.
شهدت إمارة الشّارقة منذ السّبعينات وحتى الوقت الحاضر تطورّات عديدة في مجال العروض السينمائية؛ إذ أُنشئت الصالات ودور العرض وأصبحت تتضمّن شاشات عرض كبيرة وأخرى ثلاثية الأبعاد مع مقاعد مُريحة متميّزة، فضلاً عن عرضها مجموعة واسعة ومتنوّعة من الأفلام، بما فيها أفلام هوليوود، والأفلام الأجنبية والعربية المتنوعة.
وتعدّ "سينما سيتي" في مركز الرّحمانية في الشّارقة التابع لتعاونية الشارقة من أبرز دور العرض السينمائي في الإمارة، وهي تشتمل على خمس صالاتٍ واسعة مجهزة لاستقبال أعداد كبيرة من المتفرّجين، مع مصابيح لكلّ منها وقائمة طعام للاستمتاع بتناولها أثناء المشاهدة، كذلك تشتمل الصالات على شاشات عرض ضخمة تعمل وفق أحدث التقنيات المرئية والصوتية.
كذلك توجد سينما الهواء الطلق "سراب المدينة" في حي المريجة التاريخي، تُعرَض فيها الأفلام ضمن فعاليات سينمائية معيّنة مثل مهرجان "منصة الشّارقة للأفلام"، فضلاً عن صالات السّينما الأخرى التي تتبع القطاع الخاصّ.
ختاماً، فقد كان تاريخ السينما في الشّارقة حافلاً بالمحطّات المهمّة التي شكّلت الصورة النهائية لصالات العرض، لتنتقل من تجمّعات عشوائية لمتفرّجين يفترشون الرّمال أمام أجهزة العرض الصّغيرة، وصولاً إلى صالاتٍ تحتوي شاشات عرض ضخمة وبتقنياتٍ أكثر تطوراً.
المراجع
[1] sharjahevents.ae, منصة الشارقة للأفلام 6
[2] sheikhdrsultan.ae, سلطان يؤكد دور السينما في الارتقاء بالذائقة الفنية لدى الشعوب
[3] sharjah24.ae, "منصة الشارقة للأفلام 6" تنطلق 8 ديسمبر