قليلة هي الأماكن التي تترك بصمة لا تُنسى في نفوسنا، أماكن تمضي فيها الساعات كلمح البصر، عشناها ببساطتها وصدقها، بحلوها ومرّها، أماكن لا تشبه غيرها، بل هي ذاكرة نابضة، تحمل لوناً مختلفاً، وطابعاً لا يتكرر، إنها أحياؤنا القديمة التي نشأنا بين أزقتها، وترعرعنا بين جدرانها، فنتساءل اليوم: من يعيد لهذه الأحياء روحها؟ من يعيد إحياء هذه المواقع التراثية التي تحمل ملامحنا وذكرياتنا؟.
إنها الرؤية الثاقبة، والحكمة السديدة، التي وهبها الله عز وجل لقائد بصير ومُلهم، والدنا الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حفظه الله ورعاه، فقد أولى سموه التراث اهتماماً بالغاً، مؤمناً بأن حماية الهوية الوطنية تبدأ من صون تاريخها، فجعل من ترميم المواقع التراثية مشروعاً حضارياً، ومن الحفاظ على الذاكرة الجمعية مسؤولية تجاه الأجيال القادمة.
إن حرص سموه على إعادة الحياة إلى المواقع التاريخية، التي تسرد حكايات الأجداد وتعكس عبق الماضي، لهو رسالة وفاء وانتماء، وقد تجسّد ذلك مؤخراً في افتتاح "حارة الزبارة القديمة"، وافتتاح البيت الذي عشت فيه أنا وإخوتي، إلى جانب افتتاح مجلس "المضيف"، الذي اعتاد سموه زيارة والدي فيه مطلع الثمانينيات، وكان مجلساً عامراً يستقبل فيه أهالي المنطقة ويطمئن على أحوالهم.
إننا اليوم، نحن أبناء الزبارة، نشعر بفرح لا يوصف بهذا الإنجاز الذي أعاد إلينا نبض الذكريات، وفتح أبواب الماضي على مصراعيها، كل الشكر والعرفان لحاكمنا الوفي صاحب السمو حاكم الشارقة، على جهوده المباركة في صيانة الذاكرة الوطنية، وعلى هذا العطاء المتجدد الذي يجعل من تراثنا منارة للأصالة.
كما نتوجه بجزيل الشكر والتقدير لمعهد الشارقة للتراث، ولرئيسه وطاقم عمله المخلص، الذين كرسوا وقتهم وجهدهم لإنجاز هذا المشروع المميز فلهم منا كل الاحترام والعرفان على ما قدموه من عمل يستحق الفخر.