الوفر الاقتصادي للتطوع وأثره على المجتمع

التطوع كقوة اقتصادية مؤثرة

يمثل التطوع أحد أهم الموارد غير المستغلة بالشكل الكافي، إذ يُسهم في توفير الخدمات التي قد تتطلب ميزانيات ضخمة إذا ما تم تنفيذها عبر كوادر مدفوعة الأجر. تشير الدراسات إلى أن القيمة الاقتصادية للعمل التطوعي تُقدر بمليارات الدولارات سنويًا، حيث يعوض المتطوعون عن جزء كبير من الإنفاق الحكومي في قطاعات متعددة، مثل الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.

وعندما يتم دمج العمل التطوعي في استراتيجيات المؤسسات، فإنه يؤدي إلى تحسين الإنتاجية عبر الاستفادة من مهارات وكفاءات المتطوعين دون تكاليف إضافية، مما يساعد على توجيه الموارد المالية إلى الأولويات التنموية الأخرى.

دور التطوع في دعم المؤسسات وتحقيق الاستدامة

إن المؤسسات، سواء كانت ربحية أو غير ربحية، تستفيد من التطوع بشكل مباشر، حيث يساهم في:

تقليل التكاليف التشغيلية: من خلال إشراك المتطوعين في الأعمال الإدارية والميدانية، مما يساعد في تقليص المصاريف التشغيلية.

تعزيز الابتكار والإبداع: إذ يوفر التطوع بيئة خصبة لتطوير المهارات القيادية، ويتيح للمتطوعين العمل على مشاريع ذات تأثير مجتمعي مباشر.

رفع مستوى الولاء المؤسسي: فالمنظمات التي تدعم العمل التطوعي تكسب ثقة المجتمع، مما يعزز من سمعتها ويساهم في جذب الكفاءات والمستثمرين.

انعكاسات التطوع على السياسات الحكومية

تلعب الحكومات دورًا محوريًا في تعزيز ثقافة التطوع، والاستفادة منه كأداة استراتيجية لتحقيق التنمية. ومن أبرز الفوائد الاقتصادية التي تحققها الحكومات من خلال دعم العمل التطوعي:

تقليل الأعباء المالية على الميزانية العامة: حيث يُساهم المتطوعون في تقديم خدمات مجانية أو منخفضة التكلفة، مما يخفف الضغط على الموارد الحكومية.

تعزيز الاستقرار المجتمعي والاقتصادي: إذ يساهم التطوع في خلق مجتمعات أكثر تماسكًا، ويقلل من نسب البطالة والجريمة من خلال إشراك الشباب في أنشطة ذات فائدة عامة.

تطوير الخدمات الحكومية: حيث يمكن للمتطوعين المساهمة في تحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية والاستجابة السريعة للأزمات والكوارث.

نحو رؤية مستدامة لدعم التطوع

لكي نحقق الاستفادة القصوى من العمل التطوعي، لا بد من تبني سياسات واضحة تعزز من ثقافته وتنظم ممارساته، مثل وضع حوافز للمتطوعين، وإدراج برامج تدريبية ترفع من كفاءة العمل التطوعي، وتكثيف الجهود لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال.

إمارة الشارقة.. نموذج رائد في دعم العمل التطوعي

تُعد إمارة الشارقة نموذجًا مشرفًا في دعم وتعزيز ثقافة العمل التطوعي، حيث أولت القيادة الرشيدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أهمية كبرى لتكريس قيم العطاء والمسؤولية المجتمعية. وانطلاقًا من رؤيتها الحضارية والإنسانية، نجحت الشارقة في بناء منظومة تطوعية متكاملة تعزز من روح المشاركة المجتمعية، وتسهم في التنمية المستدامة.

وهذا نجده في المؤسسات المتخصصة بمجال التطوع من مركز الشارقة للعمل التطوعي وجائزة الشارقة للتطوع إلى جانب المشاريع التطوعية المحلية، تتبنى إمارة الشارقة العديد من المبادرات الخيرية التي تمتد على المستوى الإقليمي والدولي، من خلال مؤسسات مثل” مؤسسة القلب الكبير”، التي تقدم المساعدات الإنسانية للمحتاجين حول العالم و " جمعية الشارقة الخيرية" وغيرها من المؤسسات والبرامج المخضرمة والرائدة في الدولة.

ونجحت إمارة الشارقة في ترسيخ مكانتها كعاصمة للعمل التطوعي في دولة الإمارات والمنطقة، بفضل رؤيتها الاستراتيجية وجهودها المستمرة في تعزيز ثقافة العطاء.

ومع استمرار هذه الجهود، ستظل الشارقة نموذجًا ملهمًا يُحتذى به في بناء مجتمعات أكثر تكافلًا واستدامة، حيث يكون التطوع جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والاقتصادي.

وختامًا، يُمثل العمل التطوعي استثمارًا حقيقيًا في مستقبل المجتمعات، وليس مجرد نشاط خيري، فكل ساعة تطوعية تُقدم، تُساهم في تحقيق وفر اقتصادي، وتعزز من الاستدامة المؤسسية، وتُسهم في بناء مجتمعات أكثر ازدهارًا واستقرارًا.

 ومن هذا المنطلق، ندعو جميع الجهات، أفرادًا ومؤسسات، إلى تبني ثقافة التطوع، والمساهمة في ترسيخ قيم العطاء لخدمة الأوطان وتحقيق التنمية المستدامة.