إن الدم ضروري لنقل الأكسجين والمغذيات والمواد الأخرى إلى أنسجة الجسم المختلفة، لذلك يكون التبرع بالدم منقذًا للحياة لمن فقدوا دمًا بسبب حوادث أو عمليات جراحية أو لمن أصيبوا بفقر دم حاد وغيرها من الحالات الطبية التي تستدعي نقل الدم مثل (الثلاسيميا) وغيرها من الأمراض.
عندما يتبرع الشخص بالدم، يُنْقَل دمه إلى "بنك الدم"، أو مختبر متخصص، حيث يُفْحَص الدم وتجهيزه للاستخدام، ويُخزَّن إلى حين الحاجة إليه، وكذلك يمكن للمستشفيات الحصول على الدم من بنك الدم لتقديمه للمرضى المحتاجين إليه.
في هذه المقالة، سنتطرق إلى التبرع بالدم وشروطه والإجراءات المتعلقة به بشكل عام والأخذ بالاعتبار أنه قد تختلف البروتوكولات ومعايير التبرع بالدم من مركز تبرع إلى آخر وكذلك بين الدول.
شروط التبرع بالدم
تختلف شروط التبرع بالدم من مركز إلى آخر، أو من دولة إلى أخرى، وبشكل عام يجب أن تتوافر الشروط التالية في المتبرع بالدم:
● أن يكون عمر المتبرع من 18 عاماً.
● أن يكون المتبرع بحالة صحية جيدة، وأن لا يعاني أي مرض حاد.
● أن لا يقل وزن المتبرع عن 50 كجم.
● أن لا تزيد درجة الحرارة عن 37.5 م.
● يجب أن يخضع المتبرع بالدم لمقابلة أولية يتم فيها الاستعلام عن التاريخ المرضي والدوائي وتاريخ السفر.
يجب على الأشخاص الامتناع من التبرع بالدم إذا:
● يتناولون أدوية معينة أو لديهم أمراض معينة
● يعانون عدوى أو حمى
● يعانون نقص الحديد
● المرأة الحامل
الجدير بالذكر أن مركز التبرع بالدم سيوفر قائمة بالأشياء التي تمنع التبرع بالدم، وذلك لحماية الشخص المتبرع بالدم وكذلك لحماية الشخص الذي يتلقى الدم.
إجراءات لحماية المتبرع بالدم
تُتخذ عدة إجراءات لضمان سلامة المتبرع بالدم، وعدم وجود أي آثار سلبية على صحته، منها على سبيل المثال:
● الاستفسار عن التاريخ الشخصي والطبي للمتبرع، حيث يُسأل جميع المتبرعين بالدم عن تاريخهم الطبي لتحديد ما إذا كان بإمكانهم التبرع بالدم بأمان دون التعرض لأي آثار صحية سلبية.
● الخضوع للتقييم الطبي والفحص البدني قبل التبرع للتحقق من أي علامات مرضية أو حالات صحية واضحة قد تمنع من التبرع بالدم.
● أخذ العلامات الحيوية للمتبرع حيث يُفْحَص نبض المتبرع وضغط دمه ودرجة حرارته قبل التبرع. يُمنع من التبرع بالدم مؤقتًا الأشخاص الذين يعانون من الحمى، أو ارتفاع ضغط الدم (عادةً ما يكون أعلى من 180/100)، أو ارتفاع أو انخفاض معدل ضربات القلب (باستثناء الرياضيين ذوي اللياقة البدنية العالية)، أو عدم انتظام ضربات القلب.
● إجراء فحص الدم للتحقق من نسبة الهيموغلوبين في الدم للتأكد من أن المتبرع لا يُعاني فقر الدم، أو من احتمالية الإصابة به بعد التبرع، حيث لا يُسمح للأشخاص الذين لديهم مستويات هيموغلوبين منخفضة جدًا بالتبرع بالدم مؤقتًا.
إجراءات التبرع بالدم
في أثناء التبرع، يجلس المتبرع بشكل مريح على كرسي، وتُغرس إبرة في ذراعه لسحب الدم، حيث يتم ذلك ببطء كافٍ لتقليل الأعراض المحتملة كالدوار، وتُسحب وحدة دم واحدة (حوالي 500 مل أو نصف لتر تقريبًا)، ويُرَاقَب الشخص في أثناء التبرع، ويُقدم له بعض العصير أو السوائل الأخرى أو الوجبات الخفيفة بعد ذلك.
تجدر الإشارة إلى أن الفترة الزمنية حتى التبرع التالي وفقاً للوائح إدارة الغذاء والدواء (FDA)، أن لا يجوز للمتبرعين التبرع قبل 56 يومًا (ثمانية أسابيع) من تبرعهم السابق بالدم الكامل، لكن قد لا يكون جميع المتبرعين مؤهلين للتبرع في هذه الفترة الزمنية، حيث يعتمد ذلك على سرعة تجديد خلايا الدم الحمراء لدى جسم الشخص، على سبيل المثال، قد لا تتمكن النساء اللواتي يعانين من دورات شهرية غزيرة من التبرع كل 56 يوماً؛ لأن مخزون الحديد لديهن قد لا يكفي لتعويض الحديد المفقود من الدورة الشهرية.
إن التبرع بالدم يُزيل الحديد من الجسم، وقد يُؤدي ذلك إلى نقص الحديد إذا كانت مخزونات الحديد منخفضة أصلاً، كما يزداد خطر نقص الحديد لدى المتبرعين المراهقين، والنساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، والأشخاص الذين يتبرعون بانتظام (ثلاث مرات أو أكثر سنويًا)، لذلك توصي بعض المنظمات الأشخاص الأكثر عرضة لخطر نقص الحديد بتناول فيتامينات متعددة مع الحديد أو مكملات الحديد لمدة 60 يومًا تقريبًا لتعويض الحديد المفقود في كل تبرع بالدم.
لا يُعاني معظم المتبرعين بالدم من أي مضاعفات تتطلب رعاية طبية، وتشمل المضاعفات الأكثر شيوعًا ظهور كدمات أو ألم في موضع الإبرة والتعب، كما أن نسبة صغيرة من المتبرعين قد يعانون من بالإغماء وفقدان الوعي قبل، أو في أثناء أو بعد التبرع بالدم، وهذا أكثر شيوعًا في المرة الأولى التي يتبرع فيها الشخص ولدى الأشخاص الأصغر سنًا.
إجراءات لحماية متلقي الدم
يساعد فحص المتبرعين بالدم على ضمان سلامة نقل الدم إلى المتلقي، حيث تُستخدم مجموعة متنوعة من الإجراءات المختلفة بما في ذلك استبيان للإبلاغ الذاتي عن التعرض للأمراض المعدية وعوامل خطر الإصابة بالأمراض المعدية الأخرى، وكذلك يتم السؤال عن الإصابة بالسرطان أو بحالات طبية أخرى، وذلك لحماية المتلقي من المضاعفات غير المعدية، بحيث يُقَيَّم المتبرع بحثًا عن حالات طبية مُعينة قبل التبرع بالدم.
الجدير بالذكر أن هناك معايير صارمة تحدد متى يُسمح بالتبرع بالدم بعد تلقي التطعيم، فعند التوجه للتبرع بالدم، سيتم السؤال عما إذا تم تلقي أي تطعيمات حديثة، ففهي هذه الحالة قد يُؤَجَّل التبرع بالدم إلى وقت آخر.
الفحوصات المخبرية للدم المتبرع به
قد تختلف بروتوكولات الاختبار المحددة إقليمياً داخل بلد معين أو دولياً بين البلدان، حيث بعد التبرع بوحدة الدم تُفْحَص في مختبر للكشف عن الأمراض المُعدية التي يمكن أن تنتقل عن طريق نقل الدم، وقد تشمل هذه الفحوصات فحوصات فيروس نقص المناعة البشرية، وفيروس التهاب الكبد ب، وفيروس التهاب الكبد ج، الزهري وفصيلة الدم. والأمراض الطفيلية التي يمكن أن تنتقل عن طريق نقل الدم مثل الملاريا.
الجدير بالذكر أن تدابير السلامة مثل تحسين اختبارات الفحص أدت إلى انخفاض كبير في خطر الإصابة بالعدوى من نقل الدم.
أنواع التبرع
يمكن التبرع بالدم بالكامل أو بأحد مكونات الدم المختلفة عن طريق تنقية تسمح بترشيح الدم وإزالة نوع معين من الخلايا أو البلازما بشكل انتقائي، حيث يُسحب الدم، ويُمرر عبر جهاز يفصل البلازما عن أنواع محددة من خلايا الدم (مثل خلايا الدم الحمراء أو الصفائح الدموية) أو البلازما. تجدر الإشارة إلى أن الصفائح الدموية هي خلايا تساعد على تخثر الدم، أما البلازما فهي الجزء السائل من الدم الذي توجَد فيه الخلايا، والتي تحتوي على بروتينات التخثر وبروتينات أخرى قد يحتاجها الشخص.