الإعلام ليس مجرد ناقل للأحداث، بل وسيلةٌ حيويةٌ لإحياء التراث وربط الأجيال بتاريخهم، فعندما يتم تقديم التراث بأسلوبٍ إعلامي حديث وتفاعلي، فإنه يصبح أكثر جاذبيةً وقابليةً للاستمرار، مما يعزز الهوية الوطنية، والثقافة المحلية، والاقتصاد التراثي.
وقد قدمت قناة الشرقية من كلباء تجربةً حيةً من خلال بطولة التجديف، حيث أوضحت أن الإعلام لا يقتصر على السرد التاريخي فقط، بل يساهم في نقل التجربة التراثية وملامستها واقعياً، مما يجعله أكثر قرباً وواقعيةً للجمهور.
فلم يعد جيل التكنولوجيا قنوعاً بما يجذب انتباهه وذائقته إن لم يكن إبداعياً ومبتكراً، وإن لم يلامس جزءاً من اهتماماته، فالمنشورات المصورة عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال بطولة كلباء جذبت الجمهور، والبثوث المباشرة وضعت المشاهد في قلب الحدث، وهنا تلاقت جسور الإعلام الحديث بالتقليدي، لتنصهر الاختلافات، وتبقى الرسالة الأوحد "استدامة تلاقي الأجيال".
وهناك صور لعلها لم تظهر في الإعلام، لكن كان لأهالي مدينة كلباء درة الشرق، الأثر والحب الكبير في تقديم ما تجود به متاحفهم الشخصية ومخزونهم التراثي المادي والمعنوي، ليكون حاضراً في بطولة الشرقية من كلباء للتجديف، بطريقةٍ جعلت الصغير والكبير يستمتع ويشاهد ويفكر ويطرح التساؤلات لفهم ما يتم عرضه، وأخذ المعلومة بطريقةٍ ابتكارية إبداعية تجعل التراث الشعبي في ديمومة لا تنتهي.
اتخذت بطولة الشرقية من كلباء للتجديف موقعاً لها، وفي ذلك دلالات خاصة، فهي مدينة ذات تاريخ عريق ضارب في عمق الجذور، فهي تتفرد بساحلها الذي جعلها مركزاً للنشاط البحري عبر الأزمنة، وهذه رسالة ثقافية تؤكد أن تراث الإمارات حي ومتجدد، قادر على الاستمرار جيلاً بعد جيل.
إن إقامة قناة الشرقية من كلباء لهذه البطولة يمثل خطوةً رائدةً في مجال الإعلام الهادف، حيث تعد جزءاً من النسيج المجتمعي للمنطقة، ويعد مجتمع المنطقة الشرقية شريكاً في نجاح المحتوى الإعلامي الموجه من خلال شاشة الشرقية من كلباء، وهذا ما أراده سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، عندما قال: "ندخل بيوتكم نحن الأمناء".