تُجسّد أيام الشارقة التراثية في كل عام منصة حيوية تجمع الثقافات، وتوحد الشعوب تحت راية التراث الحي، حيث يتجلى عبق الماضي في مرآة الحاضر، وفي دورتها الـ 22 لعام 2025، تتألق الأيام بشعار يحمل أبعادًا ثقافية عميقة: "جذور".
فكما تمتد جذور الأشجار عميقًا في الأرض، مانحةً إياها القوة والثبات، فإن التراث يمثل الأساس الراسخ الذي يحفظ هوية المجتمعات، ويعزز تماسكها في مواجهة التحولات الثقافية والاجتماعية.
ويعكس شعار "جذور" هذا المفهوم العميق، مؤكدًا أن صون التراث لا يقتصر على استعادة الماضي، بل يشمل فهمه وإحيائه بأساليب معاصرة تحافظ على أصالته، ليبقى نبضًا مستدامًا في مسيرة التطور.
ومن هذا المنطلق، فإن أيام الشارقة التراثية، تحت شعار "جذور"، تسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين الإنسان وإرثه الثقافي، وتسليط الضوء على أهمية صون هذه الجذور من الاندثار في ظل التحديات المتسارعة للعولمة والتكنولوجيا.
ولا تقتصر دلالة الشعار على البُعد المحلي فقط، بل تحمل رسالة عالمية تدعو إلى الحفاظ على التراث الإنساني المشترك، وتعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب، فمن خلال مشاركة دول متعددة في أيام الشارقة التراثية، يصبح الشعار بمثابة نداء للتواصل الحضاري، يذكّرنا بأن لكل ثقافة جذورها الخاصة التي تمنحها هويتها، وتجعلها جزءًا من النسيج الإنساني الكبير.
ومن خلال الفعاليات المتنوعة، سيحظى الزوّار بفرصة استكشاف التراث بمختلف أشكاله، سواء عبر العروض الحية للفنون الشعبية، أو من خلال الحِرَف التقليدية التي تعكس مهارات الأجداد، أو عبر الحكايات الشفاهية التي كانت في يومٍ ما المصدر الأساسي لنقل المعرفة.
إن الاحتفاء بالتراث ليس مجرد حدث سنوي، بل هو التزام مستمر بالحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيزها، وشعار "جذور" لهذا العام ليس مجرد تعبير رمزي، بل هو دعوة للتأمل في العلاقة التي تربطنا بماضينا، والبحث عن الطرق، التي يمكن من خلالها لهذه الجذور أن تكون مصدر إلهام للابتكار والإبداع.
وختاماً، فإن هذا الحدث السنوي الهام يؤكد على أن الشارقة ستظل منارةً للتراث، وستبقى جذورها ممتدة في كل زاوية، نابضة بالحياة، تروي حكاية الأرض والإنسان، وتؤكد أن كل مستقبل مزدهر لا بد أن يستمد قوته من جذوره العميقة.