جار التحميل...
أقيمت الفعالية في حصن الشارقة، بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إلى جانب عددٍ كبير من المسؤولين وممثلي الجهات الحكومية والعاملين في مجالات الثقافة والتراث.
استحضرت هذه المناسبة تاريخ تأسيس المكتبات الأولى على يد الشيخ سلطان بن صقر بن خالد القاسمي، لتُسلّط الضوء على إرثٍ ثقافي امتدّ على مدار قرنٍ كامل، وفي كلمته خلال الاحتفال، عبّر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عن سعادته بهذا اليوم الذي عاد بذاكرته إلى عقودٍ مضت، مستذكراً شخصية الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، وما تميّز به من قيمٍ إنسانية سامية، وأكّد سموّه أنه عايش تلك الفترة وشهد عطاءات الشيخ سلطان حتى آخر أيامه، معرباً عن فرحته بتحقيق حلمٍ طال انتظاره منذ سنواتٍ طويلة، حين كانت فكرة تأسيس المكتبات جزءاً أساسياً من رؤيته لبناء أجيالٍ أكثر وعياً وعلماً.
كما تابع سموّه عرضاً مسرحيّاً بعنوان "الخنجر المرهون"، المستوحى من روايته التي تحمل الاسم نفسه، قدّم العرض لمحة عن شغف سموّه بالقراءة منذ صغره، بدءاً من مكتبة عمّه الشيخ سلطان بن صقر القاسمي وارتباطه الوثيق بمحتوياتها، وصولاً إلى قصة رهن خنجره الذهبي لجمع المال اللازم لشراء الكتب وتأسيس مكتبته الخاصة، هذه القصة ترمز إلى حبّ المعرفة والإصرار على طلب العلم، وهي قيمٌ ما زالت تُلهم الأجيال حتى اليوم.
تحمل هذه المئوية رمزيةً كبيرةً للشارقة، فهي تمثّل محطةً تاريخيةً في مسيرة الإمارة الثقافية، وتذكيراً بأهمية الاستثمار في القراءة كأساسٍ للنهضة والتقدّم، ومنذ تأسيسها قبل مئة عام، لعبت مكتبات الشارقة دوراً محورياً في إثراء المجتمع بالمعرفة والثقافة، واليوم، يؤكّد هذا الحدث التزام الإمارة بتطوير المكتبات وتعزيزها، سواء من خلال توسيع مساحاتها وخدماتها أو بتبنّي أحدث التقنيات الرقمية، لتظلّ وجهةً ملهمةً للقرّاء والباحثين من مختلف الأعمار.
لا تقتصر أهمية "مئوية مكتبات الشارقة" على استذكار الماضي فحسب، بل تمتدّ إلى رسم مستقبلٍ أكثر إشراقاً للمعرفة، فهي تعكس رؤية الشارقة التي تجمع بين الحفاظ على جذورها الثقافية ومواكبة العصر، مع تشجيع الأجيال الشابة على استكشاف عالم الكتاب والمحتوى العلمي والأدبي المتنوّع، وفي هذا الإطار، تواصل الإمارة دورها كمركزٍ ثقافي يجمع بين الأصالة والابتكار، داعماً للإبداع الإنساني ومحتفياً به.
في النهاية، لا يمكن اعتبار هذه المئوية حدثاً عابراً؛ بل هي خطوةٌ جديدةٌ في مسيرةٍ بدأت قبل مئة عام وستستمر نحو مستقبلٍ حافلٍ بالإنجازات، حيث تظلّ المكتبات منارة للمعرفة وطريقاً لتقدّم الأفراد والمجتمعات.