جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,

التراث الثقافي غير المادي: الأصالة والتحديات في عصر العولمة

23 يناير 2025 / 9:55 AM
 التراث الثقافي غير المادي: الأصالة والتحديات في عصر العولمة
download-img
يشكِّل التراث الثقافي غير المادي أحد أعمدة هوية أي مجتمع، فهو يضم مختلف الممارسات والتعبيرات والمعارف والمهارات التي تتوارثها المجتمعات عبر الأجيال، مثل العادات والتقاليد، وأشكال التعبير الشفهي، والحكايات والفنون الشعبيَّة، والطب الشعبي، والحرف التقليدية، وغيرها.

ويطلق على التراث الثقافي غير المادي اسم "التراث الحي" لكونه يربط حاضر الأجيال بماضيها، وينقل العادات والتصورات الجماعية في صورة جديدة تتأقلم مع ظروف العصر.

 ولا تقتصر أهمية التراث الحي على الجوانب الاحتفاليَّة، بل تمتدُّ لتؤثر في وعي الأفراد، ونظرتهم لأنفسهم وللعالم من حولهم، وقد تنبَّهت المؤسسات الدولية، وفي مقدِّمتها اليونسكو، إلى ضرورة العناية بهذا الموروث الحيّ، لما يمثِّله من قيمة في بناء الجسور بين الثقافات وتعزيز التعايش.

وبرز مفهوم التراث الثقافي غير المادي بوضوح مع بدايات القرن الحادي والعشرين، وبالأخص مع ظهور "اتفاقيَّة صون التُّراث الثَّقافي غير المادي" التي اعتمدتها منظمة اليونسكو عام 2003م.

وعلى الرغم من أهمية التراث الثقافي غير المادي، إلا أنه يواجه العديد من التحديات المعاصرة التي من أبرزها:

1. العولمة: تسهم في انتشار أنماط ثقافيَّة عالميَّة، مما قد يضعف اهتمام الأجيال بالتراث المحلي، إذ يجذبها العالم الرقمي بآفاقه الواسعة على حساب العادات والتقاليد القديمة.

2. الاندثار والتشويه: قد تتعرَّض بعض الممارسات للتغيير أو التحريف كي تناسب التوجهات السياحيَّة أو التجاريَّة، ما يضعف جوهرها الأصيل، وعند غياب التوثيق، تفقد المجتمعات جزءًا من ذاكرتها حين يرحل حاملوها الأصليون.

3. ضعف التواجد في المناهج التعليمية: لا يزال إدراج التراث الثقافي غير المادي في المناهج محدودًا، في حين يجب توسيع نطاقه ليصل إلى الأجيال كافة عبر التعليم الرسمي والمبادرات التوعويَّة.

4. التغيرات البيئية والمناخية: تؤثر اضطرابات المناخ سلبًا على المجتمعات الزراعية والرعوية التي ترتبط عاداتها وطقوسها بالبيئة والطبيعة، فتختفي بعض الممارسات أو تتغير مع تغيير أنماط الحياة والمعيشة.

ختامًا، يظلُّ التراث الثقافي غير المادي شاهدًا على عبقرية الإنسان وارتباطه بالماضي، إذ لا يمثِّل عاداتٍ منفصلة عن الحاضر، بل جسرًا يصل الأجيال بتراثها العريق.

ورغم ما يواجهه من تحديات، تبقى الفرص متاحة عبر الجهود المؤسسية والتعليمية، والتوظيف الواعي للتقنيات الحديثة، وبهذا، يظلُّ هذا الإرث نابضًا بالحياة، منفتحًا على المستقبل دون أن يفقد جذوره الأصيلة.

January 23, 2025 / 9:55 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.