إن الاعتذار من شيم الكبار، والزمن يمضي، ولكن قلّت فيه تلك القيمة، وأصبح الأغلب يرى الأمور من منظوره، وحسب مفاهيمه، فتجده يبعث برسائل فيها قيماً، ولكنه يفعل في حياته اليومية عكس ذلك فيناقض نفسه بنفسه.
فتعجبت مثلاً من شخص يكتب أن الزملاء خذلوه والحياة صعبة، ويتحدث عن الخيانة وغيرها، وهو ذاته يسعى دائماً لأذى زملائه وبث التفرقة، والأدهى أن زملاءه يعلمون تناقضاته، وهو يظن أنه الأذكى في التعامل بدس السم في العسل.
وتجده يحرض هذا على ذاك، ويخلق توتراً، ليضرب بيد غيره، ولا يحب المواجهة، ويعيش في دوامة المظلومية، ويجمع بعض المعلومات من المواقع الإلكترونية ويبدأ في بثها على أنه مثقف في كل شيء حتى الطب والطيران والهندسة وحياته "مكركبة" في الأساس.
وهكذا تذوب كلمة الاعتذار في مستنقع البيانات، لأن الذي يؤمن بفكره، يبحث عن معلومة تؤيدها رغم أنها خطأ، ويبحث عن مبررات لتفسيرها، وكما يقول المثل الشعبي "كلٌ يلف النار صوب قرصه".
لذا أصبحت الاختلافات تزداد، فتجد بعض الأسر، يسكن أفرادها تحت سقف واحد، لكن مع الأسف معتقداتهم مختلفة، لدرجة أنها تخطت مفهوم أن الاختلاف لا يفسد للود قضية، بل أصبحت بلا ود، وهذه المفاهيم تنعكس على المجتمعات لأنها نواة لاختلافات أكبر.