جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
كنوز خفية

بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي رحلة في التراث والثقافة

30 ديسمبر 2024 / 12:28 AM
بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي رحلة في التراث والثقافة
download-img
يُعَدّ بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي مَعلَماً تاريخياً بارزاً في إمارة الشارقة؛ إذ يُجسِّد روح التراث الإماراتي الأصيل، ويُمثِّل جسراً يربط بين الماضي العريق، والحاضر المُزدهِر، وفي ما يأتي نظرة شاملة على هذا الصَّرح التاريخي:

سُكّان البيت وإدارته: من مَقرّ للحُكم إلى صَرح ثقافي 

شكَّل هذا البيت التاريخي مَقرّاً لإقامة الشيخ سعيد بن حمد القاسمي، أحد حُكّام إمارة الشارقة؛ إذ عاش فيه مع عائلته واتَّخذَه مركزاً لإدارة شؤون الحُكم ومُمارَسة مَهامّه القيادية في المنطقة، بينما تحوَّل هذا البيت في الوقت الحاضر إلى متحف تابع لهيئة متاحف الشارقة، وخاضع لإشراف معهد الشارقة للتراث، الذي يتولّى مَهامّ إدارته، وترميمه، وتشغيله.

ويحرص المعهد أيضاً على تجهيز المتحف بالمُقتنَيات اللازمة، وتوفير المُرشِدين المُؤهَّلين؛ لاستقبال الزُّوّار، وإتاحة تجربة ثقافية وتراثية مُتميِّزة تليق بمكانة هذا الصَّرح التاريخي.  

التأسيس والأهمّية التاريخية: بصمة عريقة في تاريخ الإمارات 

يُعَدّ بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي من أبرز المَعالم التراثية في إمارة الشارقة؛ إذ جرى تشييده في الفترة ما بين عامَي 1898 و1901 على شاطئ كلباء مقابل الحِصن التاريخي للمدينة، وقد شَهِد موقع البيت في تلك الحقبة حركة تجارية نَشِطة أثَّرت في المشهد الحضاري والثقافي لإمارة الشارقة، وأسهمت في إثراء التنوُّع الثقافي؛ عبر تجارب الشُّعوب التي حملها البحّارة والتُّجّار إلى سواحل الإمارة.

الموقع والتصميم المعماري: تناغم بين الطبيعة والتراث 

يتميَّز بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي بموقعه الاستراتيجي على امتداد كورنيش كلباء قُرب قلعة كلباء؛ إذ يُحيط به مَشهَد طبيعي خلّاب يجمع بين جمال الساحل الهادئ، وروعة الشواطئ الرملية النقيَّة، وشموخ الجبال المَهيبة، واتِّساع السهول الخضراء المُترامِية الأطراف.  

وكان البيت قد صُمِّم وفق النمط المعماري الإماراتي الأصيل؛ إذ قُسِّم إلى قسمَين رئيسَين؛ القسم الشرقي الذي يضمّ المدخل، والمربعة، والمجلس، والستارة الدفاعية المُزوَّدة بالمزاغل، والقسم الغربي الذي خُصِّص للوحدات السكنية العائلية، وفُصِل بينه وبين المجلس الخارجي بجدار وسطي؛ لضمان الخصوصية.

المُقتنَيات والمَعروضات: إرث ثقافي مُتنوّع 

يحتضن المتحف مجموعة قَيِّمة من المُقتنَيات الإسلامية والإماراتية النفيسة، والتي تتنوَّع بين القِطَع الأثرية، والفخّار التقليدي، والعُملات النقدية، والأدوات والأسلحة القديمة، ومن أبرز مَعروضاته: مخطوطة القرآن الكريم المُذهَّبة التي يعود تاريخها إلى سبعمائة عام، ومجموعة نادرة من الرسائل المُتبادَلة بين الشيخ سعيد وعائلته وأصدقائه، والتي تعكس الأعراف الاجتماعية والثقافية السائدة في تلك الفترة، علماً بأنّ نُسَخاً طِبق الأصل من هذه الرسائل عُرِضت في المتحف؛ حِفاظاً على النُّسَخ الأصلية من التلف. 

مراحل التطوير: من بيت تاريخي إلى معلم ثقافي 

بدأت عمليات ترميم البيت في عام 1993؛ إذ وجَّه صاحب السُّمُوّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتِّحاد، حاكم الشارقة، بفتحه للزُّوّار؛ للتعرُّف إلى مُقتنَياته التاريخية، وتصميمه المعماري الفريد الذي يُمثِّل التراث الإسلامي العربي الأصيل، وجرى تحويله إلى متحف ضمن مجموعة متاحف الشارقة التي تَروي حكاية الإمارة ودورها التاريخي في المنطقة، أمّا افتتاح المتحف رسميّاً للجمهور، فقد جرى في الخامس من ديسمبر عام 1999.

وفي عام 2021، أوعز صاحب سُمُوّه إلى معهد الشارقة للتراث ببدء أعمال الترميم، والإدارة، والتشغيل، ووجَّهه إلى تطوير البنية التحتية المُحيطة بالبيت؛ عبر رَصف الطُّرُق من جهتَي الشمال والجنوب، وتوفير مواقف السيّارات؛ لتسهيل وصول الزُّوّار. 

الخدمات والمرافق: تسهيلات عصرية في قلب التراث 

يُوفِّر المتحف مجموعة متكاملة من الخدمات والمرافق التي تضمن تجربة زيارة مُميَّزة؛ فهو يضمّ مكتبة، ومواقف للسيّارات، ودورات مياه، إضافة إلى خدمة الاتِّصال اللاسلكي، ويُراعي أيضاً احتياجات ذوي الإعاقة؛ من خلال توفير مداخل خاصَّة لمُستَخدِمي الكراسي المُتحرِّكة.

رُسوم الدخول ومواعيد العمل: خدمات مُتاحة للجميع 

يفتح المتحف أبوابه للزُّوّار من السبت إلى الخميس من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساءً، وفي يوم الجمعة من الساعة الرابعة عصراً وحتى الثامنة مساءً، إلّا أنّ هذه المواعيد يجري تعديلها خلال شهر رمضان المبارك لتصبح من التاسعة صباحاً وحتى الثانية ظهراً من السبت إلى الخميس، بينما يُغلق المتحف أبوابه يوم الجمعة في الشهر الفضيل.

وكانت إدارة المتحف قد حرصت على تحديد رُسوم رمزيَّة للدخول تبلغ عشرة دراهم للكبار، وخمسة دراهم للأطفال بين سنّ الثانية والثانية عشرة، مع إعفاء فئات عِدَّة من الرُّسوم، وتشمل الأطفال دون الثانية، وكبار السنّ فوق الستِّين، وذوي الإعاقة، إضافة إلى رحلات المدارس والجامعات الحكومية والخاصَّة.

ويُتيح المتحف الدخول المجّاني للجميع في مناسبات خاصَّة؛ كاليوم العالمي للمتاحف في الثامن عشر من مايو، وذكرى هبوط أوّل طائرة في الشارقة في الخامس من أكتوبر، ويوم الشهيد في الأوّل من ديسمبر، واليوم الوطني لدولة الإمارات في الثاني من ديسمبر، ويُغلق المتحف أبوابه في بعض المناسبات الدينية، مثل: نهاية شهر رمضان، وأوّل أيّام العيدَين.


وفي الختام، يبقى بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي شاهداً حيّاً على عراقة التراث الإماراتي وأصالته؛ فهو ليس مُجرَّد متحف يحفظ الماضي، بل هو منارة ثقافية تُعزِّز الهوية الوطنية للأجيال القادمة، وتُسهم في ترسيخ مكانة إمارة الشارقة بوصفها وجهة سياحية وثقافية مُتميِّزة على المُستوَيَين؛ المحلّي، والعالَمي.

المراجع 

[1] sharjahmuseums.ae, بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي
[2] sharjahnews.gov.ae, حاكم الشارقة يدشن المرحلة الأولى من مشروع ترميم بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي في كلباء
[3] sgmb.ae, حاكم الشارقة يدشن المرحلة الأولى من مشروع ترميم بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي في كلباء
[4] visitsharjah.com, بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي
[5] sharjahevents.ae, رسائل متبادلة – مراسلات الشيخ سعيد وعائلته

December 30, 2024 / 12:28 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.