قلب الشارقة واحة ثقافية تُلهم الإبداع

وقلب الشارقة مشروع ثقافي يهدف إلى إعادة إحياء المناطق التاريخية والتراثية في الإمارة، وقد جرى تنفيذ مراحل عدة من تطوير هذا المشروع، ومن المتوقع اكتماله بحلول عام 2025، مما سيعزز مكانة هذه الوجهة الثقافية المتميزة.

الموقع الاستراتيجي: سهولة الوصول

تتخذ منطقة قلب الشارقة موقعاً استراتيجياً ومميزاً في الإمارة، إذ تقع على امتداد الكورنيش، وتبعد عن مطار الشارقة الدولي مدة 20 دقيقة تقريباً، مما يجعلها وجهة سهلة الوصول للزوار المحليين والدوليين على حد سواء.

التراث المعماري الأصيل: عبق الماضي

تتميّز منطقة قلب الشارقة بطرازها المعماري التقليدي، حيثُ جرى ترميم العديد من البيوت القديمة وإعادة تأهيلها،  لتعكس جمال وأصالة العمارة الإماراتية، وقد أسهمت هذه الجهود في الحفاظ على الطابع التراثي للمنطقة، والذي يجذب الزوار للاستمتاع بالتصاميم المعمارية الأصيلة.

ومن أبرز هذه البيوت بيت النابودة، والذي يتميّز بهندسته المعمارية الفريدة، والتي تعكس الطابع التقليدي لمدينة الشارقة، فهذا البيت الذي يرجع بناؤه إلى عام 1845، يتألف من طابقين وفي وسطه ساحة كبيرة، محاطة بجدران مصنوعة من الحجر المرجاني، وتبرز في زخرفة واجهته العناصر المعمارية النموذجية للبيوت القديمة، إلى جانب استخدامه لنظام التهوية التقليدي المعروف بالملاقف الهوائية، والتي كانت تُستخدم لتوفير التبريد الطبيعي داخل المبنى خلال أيام الصيف الحارة.

كما يُعد بيت السركال أحد المعالم التراثية البارزة في المنطقة، حيثُ يعود تاريخ بنائه إلى القرن التاسع عشر، وقد تم تحويله خلال فترة الاستعمار الإنجليزي إلى مقر للمعتمد البريطاني في منطقة الخليج، ثمَّ أصبح مستشفى في ستينيات القرن الماضي، وحالياً يحتضن أنشطة مؤسسة الشارقة للفنون وبينالي الشارقة، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات والمعارض وورش العمل.

المتاحف والمعارض الفنية: نافذة على التاريخ

تحتضن منطقة قلب الشارقة مجموعة متنوعة من المتاحف والمعارض الفنية التي تروي قصة الإمارة وتراثها الغني، ومن أبرزها متحف الشارقة للتراث، الذي يقدم للزوار فكرة شاملة عن العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة، حيثُ يضم ست صالات تعرض مختلف جوانب الحياة التراثية في الإمارة، بما في ذلك البيئة الطبيعية، وأسلوب الحياة، والاحتفالات، وسبل المعيشة، والعلوم التقليدية.

ويُعد متحف الشارقة للخط من المعالم الثقافية المميزة في المنطقة، حيثُ يُعد المتحف الوحيد في العالم العربي المخصص بالكامل لفن الخط العربي، ويعرض روائع فنية ولوحات مبدعة لكبار الخطاطين المحليين والعالميين، كما يقدم للزوار رحلة عبر تاريخ هذا الفن الإسلامي العريق. 

ومن المتاحف البارزة أيضاً متحف حصن الشارقة الذي بُني عام 1828م، ويُعد الحصن أحد أهم الأبنية التراثية وأكثرها أهمية في تاريخ إمارة الشارقة، إذ كان الغرض الأساسي من بنائه حماية المدينة وسكانها، وعلى مر السنين تعددت وظائف الحصن، فقد كان مقراً لحكومة الشارقة وسكناً للعائلة الحاكمة، ويضم حالياً 12 معرضاً تتيح للزوار التعرف إلى تاريخ الإمارة، ونمط حياة العائلة الحاكمة. 

ويقدم متحف مدرسة الإصلاح للزوار فرصة فريدة لاستكشاف الحياة المدرسية كما كانت قبل 70 عاماً، حيث يمكن للزائرين التجول في الفصول الدراسية القديمة، والاطلاع على الأدوات التعليمية التقليدية، كما يعرض المتحف صوراً ووثائق تاريخية تروي قصة التعليم في الشارقة، مما يتيح للأجيال الحالية فهم التطور الكبير الذي شهده قطاع التعليم في الإمارة على مر العقود.

الأسواق التراثية: تجارب تسوق فريدة

تشكل الأسواق التراثية في قلب الشارقة وجهة مثالية لعشاق التسوق والباحثين عن القطع الفريدة والهدايا التذكارية، حيثُ يضم سوق العرَصة مجموعة متنوعة من المحلات التي تبيع التحف والمنتجات الحرفية التقليدية، وتتميز أزقته الساحرة بأبوابها الجميلة المصنوعة من الخشب الصلب، وجدرانها من الطوب المرجاني المزينة بالفوانيس المعلقة.

كما يُعد سوق صقر من الأسواق التراثية المميزة في المنطقة، حيثُ كان في الماضي مركزاً لتجارة الذهب، واليوم يوفر للزوار فرصة شراء التوابل، والأعشاب، والحناء، والعطور، وغيرها من المنتجات التقليدية، إضافة إلى محلات بيع "العبايات العربية"، و"الشيلة"، والسراويل.

أمَّا سوق الشناصية فيُعد وجهة حيوية للهدايا الفردية والتذكارات المميّزة، حيثُ جرى تجديده بشكل جميل ليصبح متخصصاً في عرض إبداعات المصممين الإقليميين من السلع الفريدة.

الفعاليات والأنشطة الثقافية: إحياء التراث

تستضيف منطقة قلب الشارقة على مدار العام مجموعة متنوعة من الفعاليات والأنشطة الثقافية التي تجذب الزوار والمهتمين بالفنون والتراث، ومن أبرزها بينالي الشارقة وأيام الشارقة التراثية، إضافة إلى الأنشطة المتنوعة التي تنظمها مؤسسة الشارقة للفنون وهيئة الشارقة للتراث. 

كما تلعب جمعية الإمارات للفنون التشكيلية دوراً مهماً في دعم وتحفيز المشهد الفني في الإمارة، حيث تقيم أطول معرض فني سنوي في البلاد في متحف الشارقة للفنون، وتنظِّم ورش عمل وندوات ومحاضرات منتظمة في مجالات الرسم، والجرافيك، والنحت، والخط، والتصوير، وغيرها.

مركز التراث والحرف التقليدية: إبداعات يدوية

يُعد مركز التراث والحرف التقليدية من المعالم المهمة في قلب الشارقة، يتيح للزوار فرصة مشاهدة الحرفيين وهم يصنعون السلع التقليدية، كالسلال المصنوعة من ورق النخيل، كما يقدم معلومات مثيرة للاهتمام حول الهندسة المعمارية المحلية.

تجربة الإقامة الفريدة: أصالة وفخامة

لمحبي التجارب الفريدة، يوفر فندق البيت في قلب الشارقة فرصة للإقامة في أجواء تراثية أصيلة، تمتزج فيها الفخامة مع عبق التاريخ، حيثُ يضم الفندق 53 غرفة مجهزة بأحدث وسائل الراحة، مع الحفاظ على الطابع التراثي الأصيل، ويمتد على مساحة 10,000 متر مربع، وافتتح هذا الصرح التراثي الفريد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم إمارة الشارقة، مما يؤكد أهميته في الحفاظ على التراث الإماراتي،  وتعزيز السياحة الثقافية في الإمارة.

كما جرى تحويل بيت خالد بن إبراهيم، الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر إلى فندق بوتيك، يجسد التراث العريق للإمارة ونموذجاً عن الحياة اليومية فيها سابقاً، ويتكون من بيتين تراثيين تجسد الغرف فيهما الطابع المميّز للإمارة وتراثها الأصيل.

وختاماً، تشكل منطقة قلب الشارقة واحة ثقافية متكاملة، تجمع بين عراقة الماضي وإبداعات الحاضر، لتقدم للزوار تجربة غنية ومتنوعة، تمزج بين التراث والفنون والثقافة، في أجواء ساحرة تعكس روح دولة الإمارات الأصيلة وتراثها العريق، وتُعد مثالاً حياً على جهود الإمارة في الحفاظ على تراثها، وتقديمه للأجيال القادمة بصورة عصرية تحافظ على أصالته وقيمته التاريخية. 

 المراجع 

[1] visitsharjah.com, قلب الشارقة
[2] moec.gov.ae, معالم سياحية رئيسية في الإمارات
[3] sharjahevents.ae, قلب الشارقة