متحف حصن الشارقة رمز تاريخي يعزز الهوية الوطنية

ويُشار إلى أنّ حصن الشارقة كان قد أُعِيد بناؤه في العصر الحديث بوصفه متحفاً ورمزاً تاريخياً مُهِمّاً يُعزِّز الهوية الوطنية، علماً بأنّه افتُتِح عام 1997 لأوّل مرَّة، ثمّ أُعِيد ترميمه من جديد على مراحل عِدَّة، إلى أن افتُتِح للمرّة الثانية رسميّاً في عام 2015. 

الغاية الأساسية من بناء حصن الشارقة: حماية المدينة وسُكّانها

بُنِي حصن الشارقة في الأساس؛ بهدف حماية مدينة الشارقة، وحماية سُكّانها؛ لذا، يتضمَّن البناء العديد من العناصر الدفاعية الرئيسة التي تخدم هذا الغرض؛ إذ يتضمَّن -مثلاً- أبراجاً مرتفعة للغاية تُستخدَم لمُراقَبة الطُّرُق والمناطق المُحيطة به، بالإضافة إلى الأسوار الشاهقة، والجُدارن المَنيعة، وغيرها من التكوينات الهندسية المُتقَنة التي تجعل منه مَعلَماً قويّاً ومَنيعاً ضِدّ الأخطار المُحتمَلة، ووسيلة جيِّدة لحماية المدينة.

الأهمية التاريخية لحصن الشارقة: مَقَرٌّ للحُكم والإدارة 

ترجع الأهمية التاريخية لمتحف حصن الشارقة -إلى جانب حماية المدينة وأهلها- إلى استخدامه بوصفه مسكناً لعائلة القواسم التي حكمت إمارة الشارقة منذ القِدَم، علماً بأنّ الحصن كان قد استُخدِم أيضاً في إحدى الفترات التاريخية بوصفه مَقرّاً خاصّاً بحكومة الشارقة، واستُخدِم سجناً عُرِف باسم المحلوسة؛ بهدف معاقبة المُذنِبين، وإقامة العدل بين الناس، ثمّ أصبح لاحقاً متحفاً عريقاً ورمزاً تاريخياً مُهِمّاً يستقبل زُوّار الإمارة بحفاوة؛ عبر صَفٍّ من المدافع المذهلة.

ويُتيح متحف حصن الشارقة لزُوّاره إمكانيَّة التعرُّف إلى تاريخ المبنى، وتاريخ إمارة الشارقة الحديث، وطبيعة الحياة اليومية فيها قبل نحو 200 عام مَضَت، والتعرُّف إلى تاريخ عائلة القواسم الحاكمة وأنماط حياتهم، ويُمكِّنهم أيضاً من التعرُّف إلى أساليب الحماية والدفاع التي كانت تُستخدَم قديماً لحماية السكّان، والحفاظ على أمن المدينة من قِبَل الشيوخ وحُرّاسهم.

 وهو يُمكِّنهم أيضاً من التعرُّف إلى نظام الحُكم الذي كان سائداً قديماً، والتقاليد المُتَّبعة لتقديم السيف للشيخ الحاكم، ورؤية الأسلحة العتيقة، والقِطَع الأثرية المُتنوِّعة، والصور التاريخية القديمة، والمعارض المُتنوِّعة التي يصل عددها إلى 12 معرضاً، إضافةً إلى معرفة القوَّة البحرية التي أسَّسها القواسم في إمارة الشارقة. 

مبنى متحف حصن الشارقة: تُحفة معمارية تُراثية مُميَّزة 

لمبنى متحف حصن الشارقة شكل مُربَّع، وله ثلاثة أبراج دفاعية تُعرَف بـ: "الكبس"، و"المحلوسة"، و"مربعة مشرف"، ويتكوَّن المتحف من طابقَين اثنَين، وفي وسطه ساحة داخلية واسعة، أمّا الحجارة المرجانية الجميلة التي جُمِعت من قاع الخليج العربي، فقد استُخدِمت في بناء جدران الحصن، ثمّ غُطِّيت بمادَّة الجصّ ذات اللون البُنّي الفاتح، والملمس الناعم.

ولحصن الشارقة غُرَف مُتعدِّدة تضمّ صوراً وقطعاً أثرية عديدة، وأبواباً مصنوعة من خشب الساج، مثل: باب الحصن، وباب الخزنة، وباب الصباح، وأسقفاً بأشكال هندسية رائعة مصنوعة من جذوع شجر المانغروف، وأغصان شجر النخيل بعد تجريدها من أليافها وأوراقها، وتُعرَف بالدعون، وتُعَدّ واحدة من الحِرَف التقليدية للشعب الإماراتي؛ إذ كانوا يبنون أسقف المنازل والأبنية من الدعون، وللحصن أيضاً شرفة رئيسة تُطِلّ على ساحته الأمامية، وفي الشرفة تُوجَد "حطبة التوبة" التي استُخدِمت قديماً لإقامة الحُدود.

الطابق الأرضي لمتحف حصن الشارقة

الطابق الأرضي لحصن الشارقة مُقسَّم إلى غُرَف وقاعات عِدَّة، ومن أبرزها: سجن المحلوسة، وغرفة التوقيف التي تحوَّلت لاحقاً إلى غرفة استراحة، وغرفة مُخصَّصة لتخزين الأسلحة، والمدبسة؛ وهي غرفة خاصَّة يتعرَّف فيها الزُّوّار إلى الكيفيّة التي كان يُصنَع بها دبس التمر قديماً، وقاعة الحصن المُخصَّصة لعرض تاريخ مبنى حصن الشارقة، ومراحل الترميم والبناء التي مرّ بها، إضافة إلى قاعة القواسم المُخصَّصة لعرض تاريخ عائلة القواسم العريقة، والتحدّيات التي مرَّت بها خلال الزمن.

الطابق الأول لمتحف حصن الشارقة

يشمل الطابق الأول للمتحف برج الكبس، وقاعة الشيخ سلطان بن صقر الثاني، وقاعة الأسلحة، والشرفة، وغرفة الشيخ، بالإضافة إلى مجلس عرض الصور والوثائق التاريخية. 

التراث الغني: استكشاف المُقتنَيات الأثرية في حصن الشارقة

يزخر متحف حصن الشارقة بالكثير من المقتنيات الأثرية، ومنها -على سبيل المثال لا الحصر-: حامل القرآن الخاصّ بالشيخ خالد بن سلطان القاسمي، والمدفع البحري، والبوّابة الرئيسة، وشجرة عائلة القواسم وخريطة أُصولهم، وجواز سفر الشيخ سلطان بن صقر الثاني، وغيرها الكثير. 

مرافق وخدمات متحف حصن الشارقة: لزيارة مريحة ومتكاملة 

يُقدِّم متحف حصن الشارقة لزُوّاره تجربة مريحة ومتكاملة؛ عبر توفير مجموعة من المرافق والخدمات الضرورية لهم، ومنها: المصعد، والمُصلّى، ودورات المياه النظيفة، ومواقف السيّارات، وغرفة مُخصَّصة للأُمَّهات مع طاولة تغيير للأطفال، ومَدخَل مُخصَّص لذوي الإعاقة؛ ليتمكَّنوا من دخول المتحف بكراسيهم المُتحرِّكة بسهولة، مع توفير كَراسٍ مُتحرِّكة لأولئك الذين يحتاجون إليها، واستراحة، وغرفة مُخصَّصة للوُرَش التعليمية، وعُدَّة إسعافات أوّلية، مع وجود طاقم خاصّ للردّ على استفسارات الزُّوّار، ومساعدتهم عند الحاجة. 

في متحف حصن الشارقة: فعاليات وأنشطة تراثية وترفيهية للجميع

يحتضن متحف حصن الشارقة سنوياً العديد من الفعاليات والأنشطة التي تُنظِّمها هيئة الشارقة للمتاحف، ومن أبرزها: برنامج "الحصن في الذاكرة" الذي يُعنى بإبراز التراث الغني لإمارة الشارقة، والمناطق التاريخية الموجودة فيها، واستضاف الحصن أيضاً مهرجان أضواء الشارقة في عام 2023، والذي يُقدِّم عُروضاً ضوئية مُميَّزة لأشهر الأبنية المِعمارية، إضافة إلى مجموعة من المسابقات التراثية، والوُرَش الترفيهية والتراثية، والألعاب الشعبية، والبرامج والأنشطة المُوجَّهة للأطفال والبالغين على حَدٍّ سواء، وغيرها الكثير. 

ختاماً، يُعَدّ متحف حصن الشارقة تحفة معمارية مُميَّزة تقف بشموخ لتُذكِّر بأصالة إمارة الشارقة، وحُكّامها الكرماء، وتراثها الغني، وتفتح يدَيها للزُّوّار والسيّاح من بقاع الأرض جميعها، ولمعرفة أوقات زيارة المتحف، ورُسوم الدخول، يمكن زيارة الصفحة المُخصَّصة لحصن الشارقة في الموقع الرسمي لهيئة الشارقة للمتاحف. 

  المراجع 

[1] sharjahmuseums.ae, حصن الشارقة
[2] visitsharjah.com, متحف حصن الشارقة
[3] sharjah24.ae, هيئة الشارقة للمتاحف تحتفي بمرور 200 عام على تشييد حصن الشارقة
[4] sharjahevents.ae, حصن الشارقة: 200عام من الإرث التاريخي