جار التحميل...
وعلى الرغم من التحدِّيات التي تحملها تجربة الصيام لأوّل مرَّة بين ثناياها، فإنّ رعاية الأهل تجعل منها ذكرى مُميَّزة ينتظر الطفل تكرارها كلّ عام بشَغَف، وفي ما يأتي بعض النصائح لجعل تجربة صيام الطفل لأوَّل مرَّة إيجابية:
ينبغي على الأهل أوّلاً فهم أنّ صيام الطفل ليس مفروضاً عليه كما هو مفروض على البالغين، وإنَّما هو تدريب له ليكون قادراً على أداء هذا الفرض بيُسر عند بلوغه؛ لذا، يُفضَّل تدريب الطفل على الصيام تدريجيّاً؛ بتشجيعه على الصيام الجزئيّ ساعات قليلة خلال النهار، ثمّ زيادة عدد ساعات الصِّيام بمرور الأيام؛ ليتهيَّأ نفسياً وجسديّاً للصيام الكامل.
وتشمل تهيئة الطفل للصِّيام أيضاً الأيّام التي تسبق بداية الشهر الفضيل؛ بتشويقه للشَّهر وصيامه عبر ممارسة بعض الأنشطة المُثيرة، مثل تصميم برنامج عَدّ تنازُليّ لبداية الشهر، وتعليقه وجعله مرئيّاً للطفل، وإشراكه في صناعة الفوانيس المُلوَّنة، واختيار الأضواء، والمساعدة في تزيين المنزل، وغيرها.
وإعلام الطفل بفوائد الصيام يزيد حماسه للتجربة، ومنها: بيان ثواب الله -تعالى- للصائم، وتعزيز مشاعر الامتنان والحمد لله -تعالى- على نِعَمِه، ومخاطبة عقل الطفل باللغة التي يفهمها عن الفوائد الصحِّية للصيام.
ينبغي مراعاة تقديم وجبات متكاملة وصِحِّية للطفل في يوم الصيام، على النحو الآتي:
يُنصَح بتشجيع الطفل على الخلود إلى النَّوم مُبكِّراً في اليوم السابق ليومه الأوّل في الصِّيام؛ لضمان الاستيقاظ في وقت السحور، وتأخير وقت السحور قليلاً قبل أذان الفجر؛ لتقليل مُدَّة الامتناع عن الطعام قدر الإمكان، ويُمنَع الطفل من الصِّيام دون تناوله وجبة السحور؛ إذ سيشعر دونها بالضعف والإرهاق.
ولا بُدّ أيضاً من مراعاة اختيار أصناف السحور بحكمة، ومنها: الأطعمة التي تزيد الشعور بالشبع؛ كالموز، والحليب، واللَّبَن، والأطعمة التي تمُدّ الجسم بالطاقة، والأطعمة الغنيّة بالسوائل؛ لإبقاء الجسم رَطباً أطول فترة مُمكِنة، مثل الخضراوات والفواكه، وتجنُّب الأطعمة التي تزيد الشعور بالعطش في اليوم التالي، مثل الأطعمة المالحة.
من الطبيعيّ أن يكون الطفل جائعاً ومُتلهِّفاً لتناول وجبة الإفطار، ولكن، يُفضَّل تعليمه البدء بكَسر الصِّيام بحبَّتَين أو ثلاثة من التمر، وشُرب الماء، ثمّ مكافأته بتناول ما يحلو له من الأصناف ببُطءٍ ورَوِيّة؛ لتهيئة معدته لاستقبال الطعام، وتجنيبه الشعور بالتُّخمة، وعُسر الهَضم، وآلام البطن بعد الإفطار.
ويُنصَح بتضمين وجبة الإفطار أصنافاً غنيَّة بالمصادر الغذائية، ومنها: الأطعمة البروتينية؛ كحساء العدس، والدجاج، واللُّحوم، والكربوهيدرات الغنية بالألياف؛ كشطائر الخبز البُنّي، إضافة إلى السَّلَطات والعصائر الطازجة؛ لتعويض السوائل والجفاف أثناء الصيام، ويُراعى التوازن في تقديم الأطعمة غير الصحِّية المُحبَّبة للأطفال؛ كالأطعمة الدهنية، والمقلية.
يُوصى بتقديم وجبة عشاء بعد الإفطار بساعتَين، وتجنيب الطفل النوم المباشر بعدها، وتشجيعه على ممارسة النشاطات البدنية واللَّعِب معه، والحرص على ترطيب جسمه بحثِّه على شُرب كمِّية كافية من الماء تتراوح بين 1-1.5 لتر حسب عُمره، ويُنصَح بتوزيع الكمِّية؛ بمُعدّل كوب أو كوبَين كلّ ساعتَين.
يتمثَّل النَّهج الأمثل لتسهيل الصِّيام وتقليل الشُّعور بالوقت خلال ساعات صيام الطفل، بإشغاله بالأنشطة؛ لإبعاد تفكيره عن الطعام قدر الإمكان، مع مراعاة ألّا تتطلَّب الأنشطة جُهداً بدنيّاً كبيراً يُؤثِّر في طاقته، مثل: الرَّسم، والتلوين، أو سرد القصص الممتعة والمفيدة؛ كقصص الأنبياء.
ويشمل ذلك أيضاً تشجيع الطفل على أداء العبادات، واصطحابه إلى الصلاة في المسجد -إن كان ذكراً-، وتحفيزه على الصَّدَقة؛ باصطحابه عند تقديم المساعدة للفقراء والمُحتاجين، إضافةً إلى إشراكه في تحضير الفطور؛ بإنجاز المَهمّات البسيطة، مثل ترتيب أدوات مائدة الطعام، ويُوصى بإعانة الطفل على الصيام؛ بإبعاد الأطعمة المُغرِية والحلويات عن مرمى بصره خلال النهار.
وختاماً، ينبغي على الوالِدَين تجنُّب الغضب والتذمُّر أمام أطفالهم أثناء فترة الصيام، وإنَّما عليهم إظهار السُّلوك الحَسَن، والتحلّي بصفات القُدوة الصالحة، واللُّجوء إلى الدُّعاء بتيسير الصيام وتسهيله على الجميع، وإشراك الطفل فيه، وتشجيعه على الدعاء لنفسه أيضاً.
وينبغي الحذر من مراقبة الطفل واتِّهامه؛ سواء حاول فعلاً تناول الطعام خِفية، أو كان ذلك فقط مَحض شكوك، وإنَّما تعليمه استشعار مراقبة الله له في الأحوال جميعها، مع تجنُّب تخويفه، أو معاقبته، وإخباره أنّ الإفطار مُتاح له إن أصبح عاجِزاً عن إكمال الصيام؛ فقط لأنَّه لا يزال طفلاً، ومكافأته إن نجح في إتمام صيام يومه الأوَّل.