الرقائق الإلكترونية: المحرّك الخفي وراء العديد من الأجهزة

وهذه الأرقام تُؤكِّد التوجُّه الكبير إلى استخدام الرقائق الإلكترونية في مختلف المجالات؛ لأهمّيتها الكبيرة في عصر التكنولوجيا الرقمي، فما المقصود بها؟ وكيف تعمل؟

الرقائق الإلكترونية: شرائح دقيقة وأهمية كبيرة

بدايةً، لا بُدّ من توضيح المعنى الدقيق لمصطلح الرقائق الإلكترونية "Electronic chips " ويُطلَق عليها اسم "Microchips"، وهي معروفة أيضاً باسم "شرائح الكمبيوتر"، أو "الدارات المتكاملة"، وتتكوَّن من شرائح مُسطَّحة بمساحة صغيرة جدّاً مصنوعة من مادّة السيليكون شبه المُوصِلة.

وتتضمَّن هذه الرقائق التي أحدثت هذه الرقائق ثورة صناعية في عالم الإلكترونيات، دارات كهربائية متكاملة تضمّ أحياناً مليارات المُكوِّنات؛ كالمُقاوِمات "Resistors"، والترانزستورات"Transistors "، والصمّامات الثُّنائية "Diodes ".

وتتميَّز الرقائق الإلكترونية بتكلفتها المنخفضة، وفاعليّتها الكبيرة في الأداء عند مقارنتها بالدوائر الكهربائية المنفصلة، خصوصاً مع سهولة تصنيعها في الوقت الحالي؛ بفضل الطباعة الحجرية الضوئية "Photolithography " التي أتاحت استخدام الموادّ شبه المُوصِلة؛ لحفر الدارات الكهربائية المُعقَّدة على الرقائق الإلكترونية للأجهزة المختلفة بسهولة؛ بالاعتماد على الضوء.

وتتنوّع الأجهزة الحديثة التي تحتوي على الرقائق الإلكترونية، ويمكن القول إنّها باتت اللبنة الأساسية لها، ومن أمثلة ذلك: الهواتف الذكية، وأجهزة الحواسيب، وأنظمة التشغيل الذكية في المنازل، والمَركَبات التي تعمل بالقيادة الذاتية، بالإضافة إلى الخوادم المستخدمة في مراكز البيانات، وغيرها الكثير.

كيفية عمل الرقائق الإلكترونية 

يعتمد عمل الرقائق الإلكترونية عموماً على خصائص أشباه المُوصِلات؛ من حيث سَرَيان التيّار الكهربائي في الأنماط والأشكال المُتَّصِلة التي تحتويها، ويجري التحكُّم فيها؛ عبر إضافة الترانزستورات أو إزالتها حسب الغاية المطلوبة، والترانزستورات هي القِطَع المسؤولة عن فتح التيّار الكهربائي الذي يسير عبر الدارة وإغلاقه.

وبصورة عامَّة، تعمل الرقائق الإلكترونية؛ بمعالجة الإشارات الكهربائية التي تُمثِّل البيانات على شكل نبضات كهربائية، تُعرَف باسم البتات (Bits)؛ إذ يجري تمثيل وجود تيّار كهربائي بالرقم "1"، وعدم وجود تيّار كهربائيّ بالرقم "0".

وعند تشغيل الرقاقة، يتدفَّق التيّار الكهربائي عبر الترانزستورات والمُكوِّنات الأخرى؛ وفقاً لتصميم الدائرة، ويكون ترتيب هذه المكونات بطريقة تسمح للرُّقاقة بتنفيذ عمليات منطقية ومُعالَجة البيانات؛ ففي مُعالِج الكمبيوتر مثلاً، تُنفِّذ الرُّقاقة تعليمات البرمجيات؛ بإجراء عمليات حسابية ومنطقية؛ بناءً على الإشارات الكهربائية التي تتلقّاها.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الرقائق الإلكترونية لا تعمل بمَعزل عن غيرها؛ فهي تتَّصِل بمُكوِّنات أخرى في النظام، مثل: أجهزة الإدخال والإخراج، أو الذاكرة الخارجية، ويجري ذلك عبر مَسارات كهربائية تُسمَّى الناقلات "Buses" التي تنقل البيانات بين الأجزاء المختلفة في الجهاز.

هل يختلف عمل الرقائق الإلكترونية باختلاف أنواعها؟

هناك نوعان من الرقائق الإلكترونية تبعاً لنوع الإشارات المُستخدَمة فيها، وهما: الرقائق الرقمية، والرقائق التناظُرية، ويكمن الفرق بينهما في أنّ الشرائح الرقمية تكون إشاراتها ثُنائية؛ أي إنَّها تُنفِّذ عمليات المعالجة على أساس التشغيل والإيقاف باستخدام الرَّقمَين "0"، و"1" فقط، بينما تتميَّز الشرائح التناظُرية باستمرارية تدفُّق إشاراتها وأخذها قِيَماً مختلفة مع مرور الوقت؛ ابتداءً من الصفر وحتى مَداها، مثل مبدأ إشارات الصوت.

كما تختلف أنواع الرقائق الإلكترونية أيضاً تبعاً لوظائفها، ومبادئ عملها، وأكثر هذه الأنواع شُيوعاً الرقائق المنطقية، ورقائق الذاكرة، ومن أمثلتها رقائق الدوائر المتكاملة الخاصَّة بالتطبيقات "ASICs". لكن كيف يختلف مبدأ عمل كلٍّ منها؟

الرقائق المنطقية

الرقائق المنطقية دائرة كهربائية مُصمَّمة لتنفيذ عمليات المعالجة على أساس المنطق؛ باستخدام الأوامر المنطقية مثل: "AND"، و"OR"، و"NOT" ، وغيرها، ويُستخدَم هذا النوع أساساً في أجهزة الحاسوب، مثل شرائح وحدات الذاكرة؛ إذ إنَّه يُعَدّ جيِّداً لتنفيذ أوامر مُعقَّدة بالاعتماد على عدد قليل من الشرائح.

وفي الرقائق المنطقية عموماً، يجري الدمج بين ترانزستورَين للجهاز نفسه؛ أحدهما من نوع "P"؛ أي يتكوَّن من طبقة مُوجبة من أشباه المُوصِلات، والآخر من نوع "N"؛ أي يتكوَّن من طبقة سالبة من أشباه المُوصِلات، باستخدام مُقاومة أو اثنتَين؛ ممّا يعني كفاءة أكبر في المُعالَجة. 

ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الرقائق من أنواع الرقائق الثُّنائية، وبالإمكان تعزيز عملها، وجعلها قادرة على تنفيذ عمليات أكثر صعوبة وتعقيداً؛ عبر إضافة عناصر ومُميّزات أخرى للدائرة، مثل: الأجهزة المسؤولة عن فكّ التشفير، والمُؤقِّتات، والعَدّادات.

رقائق الذاكرة

تُعَدّ رقائق الذاكرة من الرقائق الرقمية أيضاً، ويقوم مبدأ عملها على أداء الترانزستورات والمُكثِّفات المُثبَّتة عليها لوظائفها، وتتلخَّص وظيفة المُكثِّف في تخزين اثنَتَين من الإشارات الثُّنائية "0" أو "1"، في حين تسمح الترانزستورات للإشارات بالوصول إلى هذه المُكثِّفات؛ لقراءتها، وتخزينها.

رقائق الدوائر المتكاملة الخاصَّة بالتطبيقات

يكون تصميم هذا النوع من الرقائق مُعقَّداً؛ لتنفيذ وظائف مُحدَّدة في الأجهزة الإلكترونية بكفاءة عالية؛ باحتوائها على ملايين أو حتى مليارات الترانزستورات المُرتَّبة ترتيباً مدروساً؛ لفتح الدارات المُثبَّتة عليها وإغلاقها؛ ممّا يعني القدرة على التعامل مع كمّيات هائلة من البيانات، ويجري استخدام هذه الرقائق في مختلف الأجهزة والصناعات حالياً؛ كالهواتف المحمولة، والسيّارات، وغيرها.

المراجع

[1] wevolver.com, What is an ASIC: A Comprehensive Guide to Understanding Application-Specific Integrated Circuits
[2] waferworld.com, What Types of Microchips Are There?
[3] pmt-fl.com, The Importance of Semiconductor Chips in Modern Living
[4] blselectronics.co.uk, What is an Electronic Chip?
[5] globalspec.com, LEARN MORE ABOUT MEMORY CHIPS